تتحرك أصابعه بمهارة لتثبت الخيوط البيضاء على المسامير المثبتة فى الأسطوانة الخشبية الملساء، بينما تأخذ قدميه وضعها الصحيح ويبدأ جسده كله فى العمل بتناغم كامل مع النول الخشبى العتيق ليسطر خطًا جديدًا فى اللوحة الفنية الجديدة التى يرسمها بخيوط الصوف، ويصغى لصوت النول كأنه معزوفة موسيقية من نوع خاص.
وعلى عكس باقى الصناع، تجده يرحب بالزوار الذين يتوقون للتعرف على مهنته، وهو يتفهم تمامًا أن ليس كل من تعجبه منسوجاته سيشترى، ويبدأ يحكى بفخر قصة أول ورشة لغزل السجاد فى حى المغربلين، فيقول "سيد طه" : "دى ورشة جدى وأبويا، وهى أقدم ورشة فى المنطقة هنا"، يشير إلى باقى المحلات والورش فى المنطقة "كل أصحاب الورش دول كانوا صنايعية اتعلموا على إيد جدى وبعدين فتحوا محلات خاصة بيهم، لأنه أول حد فتح ورشة سجاد فى المنطقة وفى القاهرة بشكل عام بعد ما كان المصنع الوحيد ليه فى بنى سويف".
65 عامًا هو عمر "سيد كحيل" الجد الذى أمضى غالبيته فى العمل على النول ولم يعرف مهنة سواه، ويقول عنه حفيده: "جدى اتولد على النول، ومن يومه وهو بيشتغل فى السجاد وعمره ما حب يشتغل فى حاجة تانية رغم إن صنايعية كتير بيهجروا المهنة لأنها ما بتكسبش، لكن لأننا حبيناها قررنا نتعلم التجارة مع الصناعة علشان نقدر نفتح بيوتنا".
السياح والأثرياء يشكلون القطاع الأكبر من زبائن السجاد اليدوى حسبما يوضح "سيد"، مشيرًا إلى أن حال السوق تحسن كثيرًا فى الآونة الأخيرة بسبب عودة السياحة، خاصة أن مكانهم استراتيجى لوقوع الورشة فى أحد أحياء مصر القديمة، ولقربه من "باب زويلة"، ويتابع "سيد" بفخر :"إحنا أول ورشة، وإحنا الوحيدين تقريبًا اللى بنصنع سجاجيد من صوف الجمل، اللى بيكون أنعم بكتير من صوف الخروف وبيدفى أكتر لكنه أغلى، علشان كده نادر لما صنايعى يشتغل بيه".
يشير إلى النول ذو التصميم التراثى ويضيف "إحنا كمان بنطور فى المهنة، فطورنا فى شكل النول دا، ورغم إنه جديد نوعًا ما لكن حبينا نعمله بالشكل التراثى للمشربية، وهو نول قابل للتنقل على عكس المعتاد"، ويوضح: "النول العادى يتم تثبيته فى الأرض بالأسمنت ليكون ثابتا، ولكن هذا يمكن تحريكه، والخيط فى النول العادى يثبت فى الحائط لكننا طورناه بحيث يتدلى الخيط من إحدى قوائمه الخشبية، وبالطريقة دى يمكن نقله وكمان بيسافر برة مصر فى معارض للتعريف بالتراث المصرى".
الشارع والتابلوهات التاريخية القديمة، وكل ما له علاقة بالتراث والتاريخ هى الموضوعات التى يستوحيها عمال ورشة "سيد كحيل" فى تصميماتهم، ويشير "سيد" إلى أن السجاجيد الفرعونية تجذب السياح بدرجة أكبر أما السجاجيد ذات الرسوم التاريخية المستوحاة من العصر الإسلامى فهى الأكثر رواجًا بين الأثرياء فى مصر.
سيد طه يعمل على النول الخشبى المتنقل
أصابعه تعرف طريقها جيدًا إلى كل خيط
الشاب منهمك فى صناعة سجادة صغيرة من بقايا القماش
تابلوه تاريخى مرسوم بالخيوط على سجادة يدوية
أكوام من السجاد تنتظر السياح أو الشتاء.. أيهما أقرب
النول المتنقل غير المثبت فى الأرض فكرة جديدة لتطوير المهنة
أشكال جديدة ومتطورة للسجاد وألوان مميزة
موضوعات متعلقة :
"ويكيبيديا مش لوحدها".. تعرف على 5 موسوعات لا يعرفها الكثيرون.. "موبى جيمز" تؤرخ للألعاب الإلكترونية.. "جوريسبيديا" لمتخصصى القانون.. "آركنت" بنك الهندسة المعمارية و"سكاى بيبر" ترصد ناطحات السحاب
بالصور.. فى ورشة "سيد كحيل" الشوارع و"التابلوهات" التاريخية تتحول إلى سجاد يدوى فاخر.. نقل أسرار المهنة من "بنى سويف" إلى القاهرة.. وطورها بأول نول متنقل يمثل مصر فى الخارج
السبت، 15 نوفمبر 2014 11:15 م
سيد طه أمام أحد إبداعاته