يحتفل الشعب المغربى بعد غد الثلاثاء بالذكرى الثامنة والخمسين لعيد استقلال المغرب عن الاحتلال الفرنسى ، وهى ذكرى تجسد انتصار الشعب فى معركة نضال طويلة ، إحقاقا للحرية والكرامة واسترجاعا للحق المسلوب واستشرافا لمستقبل واعد.
فرغم المخططات والمناورات التى نفذتها القوى الاستعمارية الفرنسية والإسبانية ، فى محاولة لتقطيع أوصال المغرب ، وطمس هويته وغناه الثقافى ، وزرع التنابذ والتفرقة بين مكوناته ، استطاع جيل النضال والاستقلال عرشا وشعبا ، الوقوف معا فى وجه هذه المخططات.
ولم يفلح الاستعمار الفرنسى فى وقف هذا المد النضالى ، الذى ترسخ آنذاك فى أعماق كل المغاربة ، على الرغم من نفيه للملك محمد الخامس برفقة أسرته إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر ، والذى تجلى من خلال الانتفاضة العارمة التى شهدتها ، فى أعقاب ذلك ، كل المدن والقرى المغربية.
ويؤكد التاريخ فشل المخططات التى نفذها الاستعمار بدء بالظهير البربرى ، الذى أصدرته الحماية الفرنسية فى 16 مايو 1930 لزرع التفرقة بين أبناء الشعب باعتماد مبدأ (فرق تسد) ، وانتهاء بالإقدام على نفى السلطان محمد الخامس وأسرته يوم 20 أغسطس 1953 إلى كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر.
ولم يكن ذلك الفشل إلا إيذانا باشتعال مزيد من المواجهات والعمل النضالى على المستويين السياسى والفدائى ، ما عجل برحيل سلطات الحماية وإذعانها لمطلب الأمة المشروع المتمثل فى عودة محمد الخامس وأسرته واسترجاع مقاليد الحكم ورحيل رموز الاستعمار وأذنابه.
ويخلد الشعب المغربى يوم الثامن عشر من نوفمبر الذكرى 58 لعيد الاستقلال المجيد الذى جاء تتويجا لتضحيات جسام قدمها العرش والشعب ، فضلا عن كونه إحدى المحطات الخالدة فى تاريخ المغرب الحديث لأنه أرخ لانتهاء عهد الحجر والحماية الذى فرضه الاستعمار على البلاد بداية من سنة 1912.
وإن عظمة هذه الذكرى تستوجب وقفة تأمل فى تاريخ المغرب الغنى بالأمجاد وبالمحطات المشرقة من أجل الذود عن المقدسات ، وتشكل من جهة أخرى ، برهانا على إجماع كل المغاربة وتعبئتهم للتغلب على الصعاب وتجاوز المحن.
وتبقى الميزة الأساسية لهذا الكفاح البطولى كامنة فى ذلك الإجماع الوثيق على التشبث بمقدسات الوطن الذى أبان عنه المغاربة سواء منهم من كانوا فى المنطقة الخاضعة للاستعمار الفرنسى أو الذين كانوا بالأقاليم الجنوبية الرازحة آنذاك تحت نير الاستعمار الإسبانى.
والمتتبع لتاريخ المغرب ، يلاحظ انه رغم المخططات والمناورات التى نفذتها القوى الاستعمارية الفرنسية والإسبانية مستعملة قوة الحديد والنار فى محاولة تقطيع وحدة المغرب وتمزيقها بهدف الهيمنة وطمس الهوية ، استطاع المغرب أن يقف وقفة رجل واحد فى وجه الاستعمار الأجنبى ، معلنا التحدى بقيادة بطل التحرير الملك محمد الخامس الذى اعتقدت السلطات الاستعمارية أن نفيه رفقة أسرته إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر سيوقف الانتفاضة العارمة التى تفجرت فى كل المدن والقرى المغربية حينذاك.
وشكلت مخططات الاستعمار الفرنسى بدءا بالظهير البربرى بهدف التفريق بين أبناء الشعب وانتهاء بالإقدام على نفى الملك محمد الخامس وأسرته عام 1953 إلى كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر بمثابة النقطة التى وحدت الصفوف فى انتفاضة شعبية عارمة شكلت أروع صور التلاحم والالتفاف حول رمز الوحدة ، فلم يكن التلاحم بين العرش والشعب وذلك الكفاح البطولى ليذهب سدا حيث رضخت سلطات المستعمر لمطالبها واستسلمت خانعة لإرادتها ، فعاد محمد الخامس وأسرته إلى البلاد ليكون يوم 16 نوفمبر 1955 مشهودا فى تاريخ المغرب وصفحة خالدة فى سجل شعبه.
ويعد يوم 18 نوفمبر 1955 دليلا قاطعا على أن المغرب ، بما امتاز به من تلاحم دائم بين العرش والشعب وبإيمانه الراسخ بعدالة قضيته ، استطاع أن يقهر قوى الاستعمار رغم ضخامة إمكانياتها ، ويرغمها على الاعتراف بحقوقه المشروعة وفى مقدمتها عودة محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى والحصول على الاستقلال.
الشعب المغربى يحيى بعد غد الذكرى 58 للاستقلال عن فرنسا
الأحد، 16 نوفمبر 2014 08:41 م
الملك المغربى محمد السادس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة