تضغط الهند على الدول الغنية فى الخليج لزيادة أجور ملايين الهنود العاملين هناك، فى مسعى قد يدر عليها دخلا جديدا بمليارات الدولارات، لكنه لا يخلو من مخاطرة إذ قد يخرج بعض مواطنيها من سوق العمل.
ويعتقد أن حوالى خمسة ملايين هندى يعملون فى دول الخليج المصدرة للنفط، ليشكلوا أكبر تجمع وسط عمالة أجنبية تزيد على 20 مليون نسمة.
ويقوم المغتربون بكثير من المهن المحقرة والخطرة فى المنطقة فى قطاعات شتى من الإنشاءات إلى النفط والنقل والخدمات، ويشكلون نحو نصف عدد سكان الدول الست الأعضاء فى مجلس التعاون الخليجى، البالغ 50 مليون نسمة.
لذا قد يكون لحملة الهند المطالبة بزيادة الأجور أثر على اقتصادات المنطقة ولاسيما إذا أفضت إلى زيادة عامة لأجور العمال الوافدين من دول أخرى موردة للأيدى العاملة مثل باكستان وبنجلادش.
وعلى مدى الأشهر السبعة الأخيرة عمد الدبلوماسيون الهنود فى البحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى إجراء زيادات حادة على الحد الأدنى للأجور الذى يوصون به للعمالة الهندية فى شركات القطاعين العام والخاص بتلك الدول.
وقال ى.س. كاتاريا المتحدث باسم وزارة الشئون الخارجية الهندية فى نيودلهى لرويترز "نريد أن تحصل الأيدى العاملة الهندية على رواتب أعلى.. التضخم وقيمة العملة الهندية وارتفاع تكاليف المعيشة فى الخليج هى العوامل المفضية إلى القرار".
لكن من غير الواضح مدى نجاح الاستراتيجية الهندية، فقد أبدى المسئولون فى بعض الدول الخليجية على الأقل استياء، وقد تؤدى المساعى الهندية إلى نتائج عكسية إذا انتهى الأمر بتلك الدول إلى استقدام العمالة من مناطق أخرى من العالم.
وقال محمد جندران العضو المنتدب لشركة عبر البحار لتوريد العمال فى الإمارات "بالتأكيد سيشجع ذلك الشركات على تفقد بنجلادش وباكستان كخيار أجدى لاستقدام العمالة الأجنبية".
ولا تستطيع الحكومة الهندية إملاء أجور مواطنيها فى الخليج، فقرارات التعيين يأخذها أرباب العمل فى كل دولة على حدة ولا تفرض تلك الدول حدا أدنى للأجور وغالبا ما تحظر أنشطة الاتحادات العمالية.
لكن أرباب العمل بحاجة إلى تعاون السلطات المحلية بخصوص مشاريعهم فى الهند، وتقول مذكرة داخلية وضعتها وزارة الشئون الخارجية الهندية الشهر الماضى، وأطلعت عليها رويترز إنه فى حالة حصول العمال على أجور دون الحد الأدنى المحدد فإن مسئولى الوزارة "لن يصدروا تصاريح السفر".
وفى السعودية رفعت السفارة الهندية فى وقت سابق هذا العام الحد الأدنى المنشور بموقعها على الإنترنت إلى 1200 ريـال (320 دولارا) فى الشهر من 670 ريالا، وفى الإمارات قال جندران إن الحد الأدنى للعمالة اليدوية الهندية رفع إلى 1500 درهم (409 دولارات) فى الأسابيع الأخيرة من 1200 درهم العام الماضى.
وحتى عندما يوافق أرباب العمل الخليجيون على مستويات معينة للأجور فإن تلك الأرقام لا تدوم بالضرورة، فبعض العمال يتلقون تعهدات بأجر محدد عندما يوقعون فى بلدانهم ثم يجبروا على القبول بأجور أقل عندما يصلون إلى الخليج.
ودور الهند كمصدر مهم للأيدى العاملة يعنى أن أرباب العمل لا يستطيعون تجاهلها بشكل كامل، وهو ما قد يكون له آثار كبيرة فى بعض الدول والقطاعات، لكن قد يحدث رد فعل عكسى.
وقال مسئول آخر بوزارة الشئون الخارجية الهندية إن طلبات الهند لزيادة الأجور لاقت مقاومة من دول الخليج الست، وإن بلدين هددا بخفض العمالة الهندية واستقدام المزيد من بنجلادش ونيبال.
وكان أحمد الفهيد، وكيل وزارة العمل السعودية للشئون الدولية، أبلغ قناة سكاى نيوز عربية الشهر الماضى "إذا كان القرار بالنسبة للهند على مستوى الهند كلها بمعنى ألّا أحد يخرج من الهند إلا بهذا الحد فهذا قرار سيادى بالنسبة للدول لا نتدخل فيه، أما إذا كان قرارا خاصا بالمملكة برفع أجور من يأتى إلى المملكة فنحن نعارضه ولا نقبل به لأنه يكون هناك تمييز، وهذا يعتبر حتى فى الاتفاقات الدولية لا نقبله"، ولم يصرح بأكثر من ذلك.
وإذا نجحت جهود الهند لزيادة الأجور فقد تعزز الاقتصاد لأن المغتربين يحولون جزءا كبيرا من أجورهم إلى أسرهم، وبلغت تحويلات الهنود فى الخارج 69 مليار دولار فى 2012، وخلصت دراسة للبنك المركزى عام 2010 إلى أن دول الخليج تسهم بنسبة 31 %.
وقد تؤثر زيادة الأجور على شركات عديدة أيضا، يقول فواز الخضرى الرئيس التنفيذى لشركة الإنشاءات السعودية عبد الله عبد المحسن الخضرى إن أرباح القطاع قد تتقلص جراء مطالب حكومات بعض الدول المصدرة للأيدى العاملة.
وقال "فى بعض الحالات كانت الرواتب فى نطاق 800 إلى 900 ريـال، والآن نسمع عن 1500 ريـال كحد أدنى وهى زيادة كبيرة جدا.. قطعا ستكون تلك مشكلة كبرى فى قطاع المقاولات".
مساعٍ هندية لزيادة أجور ملايين العمال فى الخليج
الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014 07:26 ص
عمال فى الخليج - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة