فى مثل هذا اليوم منذ 10 سنوات، فقدت الأمة العربية والإسلامية بل فقدت الإنسانية، حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أو كما يسميه أبناء الإمارات "زايد الخير".
فى مساء الثلاثاء الثانى من نوفمبر، اكتست الإمارات بالسواد، خرج الحزن مريرًا من القلوب، المآذن امتلأت بالسجد الركوع، وهم يرفعون أكف الضراعة إلى السماء، أن يرحم الله الوالد ويطيب ثراه، وأغلقت محلات المدينة والمخابز وتعطلت المصالح الحكومية وعلق قائدو السيارات عليها شارات سوداء.
رحل الفارس بعد أن منح بلاده وأمته العربية العزة والكرامة، فقد بذل جهودًا مضنية من أجل بناء دولة الإمارات والانطلاق بها إلى الآفاق، فاستطاع الشيخ زايد أن يسبق الزمن ويقود شعبه فى أروع مسيرة اتحادية حضارية عرفها العرب، حيث غرس التطور والنهوض فى نفوس أهل الإمارات، وارتكز على أن الاتحاد هو طريق القوة والعزة والمنفعة والخير المشترك، وأن الفرقة لا ينتج عنها سوى الضعف وأن الكيانات الهزيلة لا مكان لها فى المستقبل.
صورة مرسومة للشيخ زايد رحمه الله
رسخ مبادئ الوحدة بين الإمارات، وعشق العدالة بكل معانيها فطبقها بكل أشكالها، فكان صاحب الفضل الأكبر فى إنشاء مجلس التعاون الخليجى وبحنكته السياسية استضافت الإمارات أول مؤتمر قمة لقادة دول الخليج والذى أعلن فيه قيام مجلس التعاون الخليجى، ولقد عبر رحمه الله فى حينه عن تصوره لقيام المجلس ومبررات إنشائه وأهدافه بالقول "إننا فى الخليج العربى أسرة واحدة عربية أشمل وما مجلس التعاون إلا دليل قاطع على تصميم قادة وأبناء الخليج على تحقيق الأهداف النبيلة".. وإن المجلس قوة وسند للأمة العربية.
لقد قدم رحمه الله نموذجًا فريدًا وناجحًا فى العمل الوحدوى الذى ركز على التضامن والتسامح والتصارح فيما بين الإنسانية.
رجل من هذا الزمان، حكيم بقراءة سطور الأيام وحروف التاريخ، استطاع أن يستشرف آفاق المستقبل بكل ثقة ووضوح، فسار بشعبه نحو الحضارة والتقدم الذى أذهل العالم، فى أرض صحراء قاحلة، صارت خلال 40 عامًا وجهة سياحية رائدة فى العالم، ونموذجًا اقتصاديًا وسياسيًا وشعبيًا يحتذى به، وينظر إليه كبارقة أمل تنتظر هذه المنطقة التى طالما عانت من شظف العيش، وطالما انتظرت رجلًا كـ"زايد الخير".
الشيخ زايد فى مقر الحكم
سُمى زايدًا تيمّنًا بجده لأبيه "زايد بن خليفة الكبير" أمير بنى ياس، الرجل القوى الذى وحّد القبائل وعزّز من مكانة آل نهيان بينها، واستطاع أن يربط إمارته بعلاقات قوية مع الإمارات والقبائل المجاورة، وتمتع بالحكمة والسيرة العطرة وحسن التصرف. حكم منذ عام 1855 حتى 1909، وقد شبهت الكثير من الدراسات ما تميز به الجد زايد بالحفيد، وخصوصًا فى المروءة والعزّة والشهامة.
الشيخ زايد يتأمل بالنظر للبحر
ومع حلول عام 1964 انتقل إلى قلعة المويجعى بالعين، وذلك كحاكم للمنطقة الشرقية، وقد استبشر الناس بحكمه خيرًا؛ فسيرته العطرة، وحكمته، ونبل أخلاقه، وتواضعه، وكل مقومات شخصيته الشابة كانت قد سبقته إلى المدينة.
علّق الناس عليه الآمال العريضة، فكان عند حسن ظنهم، ولم تثنه صعوبة الظروف والعقبات وندرة المياه آنذاك عن حلمه بتطوير مدينته وتحسين ظروفها، فتم افتتاح المدرسة النهيانية عام 1959، وتم إنشاء أول سوق تجارى، ومشفى طبى، وشبكة من الطرق. ومن أبرز ما يذكر للمغفور له قراراته التى عمدت إلى توفير المياه العذبة للجميع، وإعادة النظر فى ملكيتها الخاصة.
فى عام 1953 بدأ الشيخ زايد رحلة حول العالم يعزز فيها من خبرته السياسية، ويطلع من خلالها على تجارب أخرى للحكم والعيش، فزار بريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا، وقد زادته هذه التجربة اقتناعًا بمدى الحاجة لتطوير الحياة فى الإمارات، والنهوض بها بأسرع وقت ممكن؛ للحاق بركب تلك الدول التى صارت تتمنى أن تصير كالإمارات اليوم.
عمل زايد- رحمه الله- منذ البداية على إرساء قواعد الدولة المؤسساتية المنظمة على أسس حضارية وعصرية، وحرص على إقامة مشروعات قصيرة الأمد، وأخرى طويلة الأمد فى شتى المجالات.
مصر وزايد الخير
لم تتوقف إنجازات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، عند الحدود الجغرافية للدولة التى أرسى دعائم نهضتها وتقدمها، بل امتدت إلى كثير من دول العالم، وبخاصة مصر التى أوصى بها خيرًا، تاركًا أثرًا طيبًا فى مصر فكان له موقف فى حرب أكتوبر 1973 حين منع البترول عن الغرب وكان له جملته الشهيرة: يجب أن نستخدم كل سلاح لدينا فى معركة المصير لقد وحدتنا هذه المعركة ويوم الوحدة العربية هو يوم النصر الكبير.
زايد: قطع البترول خطوة أولى
وتعددت مشاريعه فى مصر ومنها بناء عدد من المدن السكنية واستصلاح عشرات الآلاف من الأراضى الزراعية، وإقامة قرى سياحية وتقديم الدعم المادى لعدد من المراكز الطبية والمؤسسات الثقافية.. لتحمل مساهماته طابعًا قوميًا وإنسانيًا، وظلت إنجازاته فى مصر شاهد عيان على تاريخ من المحبة بين البلدين، وشاهدًا على حب عميق من جانب المغفور له، بإذن الله، زايد لمصر وشعبها.
صدى عربى وعالمى لقرار أبو ظبى
ولعل من أبرز ما قدمه زايد لمصر، مدينة الشيخ زايد التى تعد من مدن الجيل الثانى، حيث تم إنشاؤها عام 1995 بمنحة من صندوق أبو ظبى للتنمية، وتعد المدينة إحدى مدن محافظة الجيزة وتبعد 28 كيلومترًا عن وسط القاهرة وتبلغ مساحتها 9500 فدان ويسكنها ما يقرب من 150 ألف مواطن، وبها العديد من المرافق مثل المستشفيات والمدارس ومحطات تنقية مياه الشرب والكهرباء، وتبلغ نسبة المساحات الخضراء بها 40% ما يعطيها طابعاً معمارياً مميزاً، وتنقسم مدينة الشيخ زايد إلى 20 حيًا و4 مجاورات يقع بكل حى مسجد وسوق ومركز خدمى بينما يتوسط مستشفى الشيخ زايد التخصصى المدينة السكنية الجميلة، التى مازالت تقدم خدمات كبرى مثل عمليات القلب المفتوح التى تجريها الإمارات عبر فريق عمل من الأطباء الدوليين.
السادات يستقبل الشيخ زايد بمطار القاهرة
السادات يرحب بالشيخ زايد فى قصر القبة
الشيخ زايد يقرأ القرآن
10 سنوات مضت على رحيل "زايد الخير".. الفقيد أحب مصر بصدق وأوصى بها خيرا.. مؤسس الإمارات و"شيخ العرب" حقق أنجح تجربة وحدوية وتنموية عربية بالقرن العشرين
الأحد، 02 نوفمبر 2014 05:23 م
الشيخ زايد
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين احمد
الذكرى تنفع المؤمنين
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو كريم
فارس العربي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
رحم الله زايد الخير
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر
ونعم الرجال
عدد الردود 0
بواسطة:
مغترب
الشيخ زايد
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن ناجح فؤاد ابو احمد
رحم الله الفارس النبيل حكيم العرب
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو زاهر
رحمه الله
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف المصرى
رحم الله الشيخ زايد الخير
عدد الردود 0
بواسطة:
الشريف عصام
رحم الله شيخ العرب زايد الحب والخير
الله يرحمك ويسا محك
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين محمود
سيرة عطرة لرجل شهم أصيل
رحمه الله رحمة واسعة وغفر له