علا الشافعى تكتب:القط المصرى فى أبوظبى بعيد عن كل الطموحات وخذله صناعه

الأحد، 02 نوفمبر 2014 12:51 م
علا الشافعى تكتب:القط المصرى فى أبوظبى بعيد عن كل الطموحات وخذله صناعه علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى قاعة صغيرة، عام 2005 وبالمركز الثقافى الروسى فى الدقى، لم يكن العدد يتجاوز الـ100 شخص بل يمكن أن يكون أقل من ذلك بكثير، كان المخرج الواعد إبراهيم البطوط، يعرض فيلمه الأول "ايثاكى"، ومنذ اللقطة الأولى تأكد للحضور أن هناك موهبة واعدة تملك عينا سينمائية مختلفة وتحلق فى منطقة أبعد عن السينما التجارية التى كانت متسيدة المشهد، وكأن كل الحالمين بنمط إنتاجى مختلف وسينما متحررة من كل القيود ونمطية السينما التجارية، وبعد تجربته الأولى صار الراغبون فى التغيير يضربون المثل بإبراهيم البطوط، الموهوب الذى صنع أول مركب تسير عكس التيار، ومع فيلمه الثانى وصل إلى التألق الفنى، والتحرر التام من صناعة فيلم مختلف ومؤثر بدون نجوم، ولكن بممثلين موهوبين، وصار إبراهيم رمزا، وأبا روحيا لما يطلق عليه السينما المستقلة، فى مصر، وهى الموجة من الأفلام التى قدمها شباب متمرد، تمكن من خلق حالة مغايرة، ووقف ضد أباطرة السوق التجارى، وهى السينما الشابة، والتى حفظت ماء وجه المصريين فى الكثير من المهرجانات، وحصدت الجوائز لمصر.

ويظل إبراهيم حالة خاصة وسط السينمائيين، خصوصا وأنه يمتلك تجربة إنسانية شديدة الثراء حيث غادر مصر منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضى، حاملا كاميراه من بؤرة صراع إلى أخرى، مسجلا لقرابة العشرين عاما حروب عدة منها؛ حرب الخليج الأولى، كوسوفو، حرب الصومال، الاحتلال الأمريكى للعراق...، شاهد الموت حوله فى كل مكان شاهد العنف، وكيف يكون هناك اتخاذ قرارا بالقتل، وليس السلام تلك الحالة ولدت بداخله تساؤلات عدة، وتظل دائماً يتأمل ويسأل، وحاول فى أفلامه بشكل أو بأخر أن يجيب على تلك التساؤلات، أو يرصد انعكاس حالة الفوضى والعنف، اللذين تولدهما السياسة، على الإنسان البسيط، إلا أن المشهد اختلف مع تجربته السينمائية، الجديدة، "فيلم القط" وهو الفيلم الذى يمثل مصر ضمن المسابقة الرسمية فى الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبى السينمائى -(فى الفترة من 23 أكتوبر وحتى الأول من نوفمبر)- وبالطبع كان المشهد مختلفا قاعة كبيرة بقصر الإمارات، وسجادة حمراء لنجوم العمل، والقاعة ممتلئة، بمختلف الجنسيات، وبالتأكيد عدد كبير من المصريين العاملين فى الإمارات وفى فيلمه الأول ايثاكى والذى كان يبدو غامضا للبعض، إلا أن الحالة الفنية للعمل وصلت لروح الحضور وحتى من لم يستطيعوا فك طلاسمه، فى حين أنه مع انتهاء عرض القط قامت سيدة مصرية فاضلة وسألت المخرج: "بحياء شديد الفيلم حلو بس هو أنت عايز تقول إيه"؟، والسؤال كان على لسان المثير من الحضور فالمخرج يصنع فيلمه للمتلقى ذلك الجالس فى صالة العرض، ولكن عندما يفقد المتلقى التواصل مع العمل، أعتقد أن على المخرج أن يسأل نفسه أين يكمن الخطأ؟ ولماذا لم يستطع أن يتماهى المشاهدون مع الفيلم رغم أن قضيته واضحة، وقصة إنسانية، نقرأ الكثير من تفاصيلها، فى وسائل الإعلام، التجارة بالأعضاء البشرية، وخطف أطفال الشوارع، واستغلالهم، أقدر تماماً أن إبراهيم وبحثه الدائم عن لماذا الشر له الغلبة، لماذا العنف، ولماذا القبح هو المسيطر، حاول أن يأخذ تلك المعانى، ويعطيها بعدا فلسفيا يؤرخ للشر من خلاله ومنذ بداية الحضارات وبداية اللقطات الأول من الفيلم بأحد المعابد الفرعونية لربط الشر فى عالمنا المعاصر بأسطورة إيزيس وأزوريس، وست إله الشر، والذى يبدو لنا متجليا، وكأنه يقول هو المسيطر على العالم، ومن بعدها يأخذنا البطوط فى رحلة طويلة بكاميراه ومع لقطات متميزة بصريا للبطل "القط" يجسده عمرو واكد، نسير معه رحلة متعرجة، فى شوارع القاهرة، وأحيائها التى يسكنها ملايين البشر من المهمشين، القط رجل عصابات ولكنه يعمل لينتقم من أشرار العالم، وتحديدا هؤلاء، الذين يعملون فى خطف الأطفال، وتجارة الأعضاء البشرية، خصوصا وأن ابنته أمينة ذهبت ضحية لتلك العصابات حاول إبراهيم أن يضفى على قصته الواقعية إلى حد الألم جوا أسطوريا، يؤرخ لمفهوم الشر فى الحضارات الإنسانية، والديانات التى رغم وجودها، فى المعابد والكنائس والمساجد، إلا أن الشر يحكم العالم، ووظف أيضاً فى شريط الصوت العديد من الأغانى الدينية الذكر تحديدا وتراتيل وترانيم، فى شريط صوت متميز، ليؤكد على حالة التغييب تلك، وكأن هؤلاء اكتفوا بالذكر والترتيل وغابوا، عن محاربة الشر المسيطر، ولكن ما جدوى تقديم صورة بصرية ثرية، وكاميرا شديدة الحيوية، وشريط صوت متميز، فى ظل غياب الدراما الحقيقة، وأداء تمثيلى لكافة المشاركين فى العمل، لا نستطيع أن نصفه بأنه باهت بل فج-(عمرو واكد يقف فى نفس المنطقة فاروق الفيشاوى لم يبذل أى مجهود يذكر، أما صلاح الحفنى والمشارك فى الإنتاج فهو مروع، ومن العيب أساسا أن يقف أمام كاميرا، ونفس الحال لعمرو فاروق الذى جسد دور الغجرى، وسلمى ياقوت وسارة شاهين)-فيلم إبراهيم الذى كان فى خياله كان يحتاج إلى عناصر فنية إلى جانب الصورة والصوت، ومن أهمها اختيار فريق العمل المناسب وتوظيفهم فنيا، وهو ما لم ينجح فيه إبراهيم، بل إن معظم من شاركوا فى الفيلم كانوا ثقلاء الظل، ويمثلون عبئا على المشاهد خصوصا وأن منهم من لجأ إلى الكليشيه فى الأداء، فى مشاهد سبق وشاهدناها فى مئات الأفلام المصرية -(رجل العصابات الحاج فتحى جسده المنتج صلاح الحفنى والذى يجلس دائماً محاطا بالنساء والمخدرات، والخمر، الغجرى شقيق القط وذراعه الأيمن جسده عمرو فاروق والذى أطلق شعره وذقنه ليقول لنا أنا غجرى وقد يكون "فيلم القط "محاولة من إبراهيم لتقديم فيلم سينمائى يعرض فى دور العرض بعيدا عن المهرجانات وقاعات المراكز الثقافية، حاول أن يصنعه بطريقته ولكنه وقف فى منطقة وسطى لم يحافظ على جمهوره الأساسى.

 عمرو واكد فى مشهد من فيلم القط
عمرو واكد فى مشهد من فيلم القط

ولن يصل إلى الجمهور العادى، ولا أحد يستطيع أن يصادر على حقه فى ذلك، ولكن كما حرر السينما فى تجاربه السابقة من نمطيتها، وتمرد على الكثير من الكليشهات، عليه أن يتحرر من فكرة الصداقة فى العمل فهناك ممثل يصلح أو لا؟ على الأقل ليصنع فيلما يصل للمتلقى ويتماهى معه وحتى لا يسأله مشاهد ثانٍ هو أنت عايز تقول إيه؟.


 مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
 واكد بأحد مشاهد العمل
واكد بأحد مشاهد العمل








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة