عمر بن الخطاب فى رؤية الغرب.. زاهد وذكى ومحقق للعدالة الاجتماعية

الجمعة، 07 نوفمبر 2014 10:03 م
عمر بن الخطاب فى رؤية الغرب.. زاهد وذكى ومحقق للعدالة الاجتماعية قديمة لمكة فى التاريخ الإسلامى - صورة أرشيفية
كتبت سارة عبد المحسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكتابة عنه تتصلب لها عروق اليد، فلن تجد صفات تعطه حقه، ومهما أتيت من مدد لن تكفى لكتابة فصائله وإنجازاته، فهو أحد أبرز عظماء المسلمين، هو الفاروق عمر بن الخطاب والذى يعد أول مستشار لأبى بكر، وحامى حمى العدالة الإنسانية، فكانت شخصيته محط اهتمام الكثير من علماء الغرب الذين أبهرهم ذكاءه وزهده وعلمه وحرصه على سيادة العدالة الإجتماعية.

قال المؤرخ الأمريكى واشنطن ايرفينج فى كتابه "محمد وخلفاؤه": عمر بن الخطاب.. إن تاريخ عمر بالكامل يظهر لنا أنه كان ذا عقليّة فذّة، ونزاهة ثابتة صلبة، وعدالة صارمة، وكان أكثر من أى أحد آخر هو المؤسس للإمبراطورية الإسلامية، مؤكدا ومنفّذا للوحى النبوى، مساعدا ومشاورا لأبى بكر خلال فترة خلافته القصيرة، وواضعا ومؤسسا للأنظمة واللوائح التى تنظم إدارة القانون عبر حدود وأنحاء الفتوحات الإسلامية الممتدة بسرعة، وقد كانت (سياسة) اليد الصارمة التى تعامل بها مع قادة جيوشه الأكثر شعبية فى خضم جيوشهم وفى أبعد مشاهد انتصاراتهم، أعطت (هذه السياسة) دليلا بارزا على قدرته الاستثنائية على الحكم.

من خلال بساطة عاداته وازدرائه لمظاهر البهاء والترف والأبهة، فقد اقتدى بمثال النبى وأبو بكر، وقد سعى بشكل مستمر ليؤثر ويحث قادة جيوشه على التحلى بهذه الصفات والسياسات، ففى رسائله لقادة الجيوش كان يقول: "حذار من الترف الفارسى، سواء فى المطعم أو فى الملبس والزموا عادات بلادكم البسيطة، وسينصركم الله عليهم وسيفتح لكم." وقد كانت عقيدته القوية واقتناعه الراسخ بهذه السياسات هى التى جعلته يتشدد فى معاقبة كُلّ أسلوب متباه وانغماس فاخر فى ضبّاطِه. وبالإضافة لذلك، فإن المراسم المتبّعة (فى وقته) تشير بالثناء على قلبه، بالإضافة إلى عقله، فقد نهى أن تُباع أية امرأة وقعت فى الأسر وقد وُلد لها طفل على أنها رقيق، وأما عند توزيع الأعطيات للمسلمين، من الغنائم أو من بيت المال، فقد قسّمها حسب حاجات وليس مميزات الطالبين، وكان يقول: "الله أعطانا هذه الأشياء الدنيوية لسدّ احتياجاتنا، وليس لمكافأة فضائلنا، تلك المكافأة حسابها فى الآخرة".
ويقول المستشرق الاسكتلندى وليم موير، فى كتابه "صعود وانحدار الخلافة": عمر بن الخطاب.. إن حياة عمر لا تتطلب الكثير لإظهار ملامحها، البساطة والواجب كانتا مبادئه التوجيهية، النزاهة والعدل والتفانى كانت الميزات الرائدة فى حكمه، وكانت تثقل كاهله مسئولية الخلافة حتى أنه كان يقول: "يا ليت أمى لم تلدنى، أو أنى كنت قصبا من عشب بدلا من ذلك". كان فى صباه ذا مزاج نارى سريع الاتّقاد، ومن ثم عُرف بعد ذلك فى الأيام القادمة خلال صحبته الأولى لمحمد كالمحامى الصارم المتأهب للثأر، ومن ذلك نصيحته بأن يقتل أسرى بدر، ولكن التقدم فى العمر فضلا عن كاهل المسئولية قد خففت من حدّته، وكان حسّه بالعدالة قويّا. وباستثناء ما وقع بينه وبين خالد بن الوليد من المشاحنات، فإنه لم يسجَّل عليه أى عمل من الطغيان أو الظلم، وحتى فى مسألته مع خالد فإنما كانت معاملته له كخصم فى الحق وليس لأهواء شخصية. وكان اختياره لقادة جيوشه خاليا من المحاباة والتفضيلية، وباستثناء عمّار والمغيرة فإن اختياره كان دائما محظوظا.
إن القبائل والجماعات المختلفة فى أنحاء الإمبراطورية، والتى تمثل المصالح الأكثر تنوعا، قد وضعت فى نزاهته الثقة المطلقة، وقد أبقت قبضته القوية على انضباط القانون والإمبراطورية.. كان يجوب شوارع وأسواق المدينة وسوطه بيده، جاهزا لمعاقبة المفترين فورا، وهكذا ظهر المثل "أن درّة عمر (سوطه) مهاب أكثر من سيف غيره". ولكن مع كل هذا، فقد كان رقيق القلب، وسجّلت له أفعال من الشفقة والرحمة لا تعدّ مثل مواساة وتخفيف حاجات الأرامل واليتامى.
وفى كتاب "تاريخ أفول وسقوط الدولة الرومانية"، يقول المؤرخ الإنجليزى إدوارد جيبون:عمر بن الخطاب.. ومع ذلك فإن عفّة وتواضع عمر لم تكن بأقل مستوى من فضائل أبى بكر، كان طعامه (عمر) يتكون من مجرد التمر أو الخبز، وكان شرابه الماء. وكان يخطب بالناس وعليه ثوب مخرّق فى اثنى عشر موضعا. وقد رآه المرزبان (حاكم مقاطعة فارسى) عندما أتى زائرا ليؤدى لعمر فروض الطاعة، رآه نائما مع الفقراء المعدمين فى أحد طرقات المدينة. إن هذا التواضع والتسامح مقرونا بزيادة الدخل العام (للدولة) مكّن عمر من توزيع الأعطيات على المؤمنين بشكل عادل ومنتظم متجاهلا مكافأة نفسه. فمثلا أعطى العباس عم الرسول أول وأعلى المخصصات، حوالى خمس وعشرين ألف درهم. وخصص خمسة آلاف للمجاهدين الأولين ممن شهدوا بدرا، وأعطى للباقين من أصحاب محمد ثلاثة آلاف درهم لكل منهم.
ويقول عالم الفلك الأمريكى مايكل هارت، فى كتابه "الخالدون مائة أعظمهم محمد" ربما بدا غريباً أن شخصية مثل عمر بن الخطاب ليست معروفة لدى الغرب مثل شخصيات: شارلمان أو يوليوس قيصر، ومع ذلك فقد استحق هذا المكان الرفيع بين الخالدين، فقام وفى فترة خلافة عمر بن الخطاب التى استغرقت عشر سنوات تحققت الفتوحات الكبرى للإسلام. فغزت جيوش المسلمين سوريا وفلسطين، وكانت فى ذلك الوقت جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية، وفى معركة اليرموك سنة 636 انتصر العرب على قوات بيزنطة وسقطت دمشق فى نفس السنة. وبعدها بسنتين سقطت القدس أيضاً. وعندما كانت سنة 639 غزت الجيوش العربية ( مصر ) وهى الأخرى كانت تحت السيطرة البيزنطية وفى خلال ثلاث سنوات تم للعرب الاستيلاء على مصر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة