أكد المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أهمية دور مصر كعضو فى المجلس التنفيذى للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الانتوساى" والذى اختتم أعماله قبل يومين فى العاصمة النمساوية فيينا.
وقال المستشار جنينة، فى حديث خاص لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى فيينا، إن "المجلس التنفيذى يلعب دورا محوريا فى عمل المنظمة وهو يدرس المعوقات ويعمل على تنفيذها وهو يهدف إلى اكتمال منظومة العمل الرقابى والتى أنشئت المنظمة الدولية من أجله".
وأشار إلى أهمية التعاون الدولى فى المجال الرقابى، حيث إن المشاكل تقريبا متشابهة، موضحا أن الدور الرئيسى لهذه المنظمة الدولية هو مساعدة جميع الأجهزة الرقابية على حماية المال العام فى كل دولة من الدول.
وأضاف أن "المجلس ينفذ قرارات الجمعية العامة للمنظمة الدولية والتى عقدت فى بكين العام الماضى ومنها تنمية المهارات وتبادل المعرفة واستقلالية الأجهزة الرقابية"، مشيرا إلى أنه وضع معايير لكل هذه الأمور وتم تشكيل لجان مختصة بكل موضوع وتم اختيار مصر فى لجنة تبادل المعرفة التى ترأسها الهند وداخل هذه اللجنة ترأس مصر ملف مكافحة الفساد وغسل الأموال.
وتابع أن "دور جهاز المحاسبات المصرى هو دراسة ومتابعة الإجراءات فى الأجهزة الرقابية التى تضمن مكافحة الفساد وغسل الأموال وقدمنا ورقة عمل فى هذا الصدد خلال الاجتماعات".
وأوضح جنينة أن موقع مصر للأسف فى مجال الشفافية لا يزال متراجعا ولا يليق بحجم مصر ومكانتها، مشيرا إلى أن مسئولية هذا الأمر لا تقع على عاتق الجهاز المركزى للمحاسبات وحده.
وأكد أن مكافحة الفساد وغسيل الأموال هى منظومة متكاملة، ويجب أن تتضافر جهود كافة أجهزة الدولة حتى يرتقى تصنيف مصر فى مؤشر الشفافية الدولية ومكافحة الفساد، مشيرا إلى ضرورة توافق ذلك مع دور مهم لأجهزة التحرى والمعلومات مثل الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة أو أى جهاز معلوماتى يرصد المخالفات المالية وأنشطة غسل الأموال.
وأشار إلى أن أجهزة التحقيق يجب أن تضطلع بمسئولياتها كاملة لأنه لا قيمة لتقارير أى جهاز رقابى، سواء جهاز تدقيق مستندى مثل جهاز المحاسبات أو جهاز تحرى مثل الرقابة الإدارية أن لم تتلقفه أجهزة التحقيق المعنية من نيابة عامة وكسب غير مشروع أو نيابة إدارية وخلافه من جهات التحقيق بالاهتمام الواجب، وتمضى قدما فى مساءلة المعتدين على المال العام.
وأوضح جنينة أن غياب التنسيق بين الأجهزة المعنية يؤدى إلى انتشار الفساد، وهو الأمر الذى أكده الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الاحتفالية المقامة بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس هيئة الرقابة الإدارية وطالب بتعاون أجهزة التحرى والتحقيق.
وأوضح أن أهم أسباب تراجع مصر فى المؤشر الدولى للشفافية ومكافحة الفساد هو أن التشريعات لا تواكب التطور فى أساليب ملاحقة هذه النوعية من الجرائم.
وقال إنه "على سبيل المثال لا يوجد فى مصر أى قانون لحماية المبلغين والشهود فى قضايا الفساد والجهاز المركزى للمحاسبات ولا يوجد له أية آلية لحماية المبلغين والشهود فى قضايا الفساد خاصة إذا طالت أى شخص فى منصب رفيع فى الدولة".
وأشار جنينة إلى حق الجميع فى الحصول على المعلومات الموثقة، وخاصة الصحفيين والإعلاميين، حتى لا ينساقوا وراء معلومات مضللة من أجل السبق الصحفى، مما يؤدى إلى بلبلة الرأى العام أو التأثير على الأمن القومى أو الاقتصاد.
وأضاف أنه "لابد من سن قانون ينظم حق المواطن عامة فى المعرفة باعتباره من حقوق الإنسان الذى تنص عليه كل الدساتير فى العالم".
وتابع أن "الأمل معقود على البرلمان المقبل ولكن المخاوف التى تساورنا كمواطنين من التشكيلة التى سيتضمنها البرلمان"، مشيرا إلى ضرورة أن تأخذ قضايا مكافحة الفساد حيزا كبيرا من اهتمام البرلمان المقبل، بالإضافة إلى ضرورة أن تأخذ القضايا التى لم تتحرك قدما منذ سنوات حقها فى الفترة القادمة.
وأكد ضرورة أن يتسم البرلمان القادم بانتماء وطنى يغلب على التحزبات والانتماءات السياسية ولا يكون كل الاهتمام منصبا على اقتطاع جزء من الكعكة، مشيرا إلى ضرورة أن يكون الاهتمام الأكبر للجميع هو مستقبل أفضل لمصر وهو ما يمثل النجاح الحقيقى للبرلمان.
ونوه بأن البرلمان القادم هو أهم برلمانات مصر لأنه يتمتع بصلاحيات حقيقية ويملك مساءلة الرئيس والحكومة والآمال المعقودة عليه كبيرة والمواطن قلق من الصراعات السياسية الحالية.
وأكد أن بعض التيارات السياسية سيحكم عليها بالفشل وبنهاية مشوارها السياسى إذا كان أدائها سلبيا فى البرلمان المقبل.
وحول قضايا الفساد المعلقة منذ سنوات، قال المستشار جنينة إن "قضية مثل قضية نواب العلاج التى وقعت قبل ثورة 25 يناير لا أحد يعلم مصيرها ولاتزال فى النيابة العامة، وخاطبت النائب العام كثيرا بشأنها لأن الذى رصد المخالفات فى هذه القضية تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات أكد قيام مسئولين فى تلك الفترة بانتهاكات صارخة للمال العام".
وأشار إلى أن إعلان التقارير الرقابية للرأى العام حق دستورى للشعب فى التعرف على كيفية إدارة المال العام وكشف أوجه الفساد والتقصير.
وحول دور المنظمات الدولية فى الحث على الالتزام بمعايير الشفافية، قال المستشار جنينة أن "المنظمات الدولية تصدر فقط أدلة إرشادية للأجهزة المعنية ولا يوجد أى إلزام إلا أننا نأمل أن يكون للمنظمات الدولية صفة الإلزام خاصة أنها تحت مظلة الأمم المتحدة".