بالأمس القريب أسدلت حلقة من حلقات التقاضى فى قضية القرن بإعلان البراءة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه من ضباط الشرطة، وعدم جواز اتهام مبارك قانونا بدعوى جنائية فى قتل المتظاهرين فى ثورة يناير، وانقضاء الدعوى فى قضية التربح لمبارك وابنيه والهارب حسين سالم، والبراءة لمبارك فى قضية بيع الغاز لإسرائيل.
نعم أسدل الستار على الجزء الثانى فى انتظار الجزء الثالث والأخير النقض البات الحاسم، إن كان الحكم عنوان الحقيقة فى قضية بما فيها من دعاوى قانونية فلا بد من الإجابة على سؤال مهم: من قتل المتظاهرين؟ ولا يعنى براءة الجميع فيها براءة الحاكم ذاته من أخطاء جمة فى فترة حكمة خاصة السنوات الأخيرة، ولا يجوز أن يستمر حاكم طوال هذه المدة وكأن الوطن صحراء جرداء لا قادة ولا فكر.
ولا يجب أن يحبط الحكم أحدا فمن منح البراءة بقدر الله تعالى هى أوراق ومستندات وأكثر من تسبب فى منح البراءة هم من قاموا بجرائم يوم 28 يناير من سلب ونهب وحرق وقتل وفتح للسجون وأكبر من ساعد على قبول فكرة البراءة لدى الكثيرين هى فترة حكم الإخوان وما ظهر بعدها من توجيه أصابع اتهام لهم بالتعاون مع الارهابيين من حماس.
ولكن هل أنهى الحكم الصادر نار الفتنة فى صدور الكثيرين؟ لا.. بل أشعلها وزاد الشق اتساعا داخل الوطن وأعطى الفرصة للانتهازيين ومن يتصيدون فى الماء العكر ليستغلوا الحكم فى الانقضاض على نظام الحكم الحالى وكأنه من منح صك البراءة لا القاضى الذى حكم بقضاء الله وأمره من خلال الأوراق والمستندات والدفوع وأقوال الشهود فلم يصل إلى يقينه قناعة تامة بالتهم الملقاة عليهم فكان صوت العقل والقانون لا صوت القلب وما يجب أن يكون.
لم تكن محاكمة سياسية لعصر بلا مواد قانون معروفة حتى نطلب من القاضى أن يحاكم من أفسد أو باع شبرا من أرض الوطن بالمجان لعصابات نهبت خيرات وطن ولم تعطى الشعب حتى الفتات بل تاجرت به وله فى كل شيء حتى المواد الغذائية الفاسدة والمتسرطنة.
البراءة اليوم من تهمة قتل المتظاهرين لا تعنى عدم وجود قتل لكن تعنى وجود قاتل آخر لا بد من البحث عنه وتقديمه للعدالة حتى تهدأ النفوس ولا يعنى براءة قيادات براءة فترة حكم من أخطاء جسيمة لا يجب أن تعود للسطح أو أن تطغى.
الملاذ الوحيد الآمن لنظام الحكم الحالى أن يستغل الفرصة تماما ليتطهر ويتبرأ من الانقياد أو الانحياز لعصر مبارك وقياداته ورجال لجنة السياسات وأباطرة الحزب الوطنى المنحل وأساطينه من ملئوا الفضائيات وعلا صوتهم بالهتافات مرددين الشعارات "تحيا مصر.. تحيا مصر" وكأن عجلة الزمان قد عادت للوراء و كأنه ما عاد إلا أن نطلب من مبارك بشخصه ان يسامحنا على ثورة قام بها شعب ليطالب بعيش حرية عدالة اجتماعية واستغلها من سطا عليها فعاد بها وبنا للوراء حتى خرج فينا من يترحم على زمن مبارك وعصره. يجب أن يجيب النظام الحالى عن السؤال الضائع المتردد على كل لسان حقا من قتل المتظاهرين ومن هو الذى يتلاعب بنا جميعا ويضحك علينا ويديه ملوثتان بدماء شهداء أبرار أطهار حقا خرجوا لا مطلب لهم ولا مطمع إلا أن يطلبوا حرية نعيشها الآن ونكتب وننتقد ونحاسب دون خوف أو رقيب.
لن يبرأ النظام الحالى حتى يقنع ويقود ويبنى ويضع يديه فى يد شباب كان أمله وكل همه أن يكون المستقبل أفضل من الحاضر بعد أن رأى أو سمع عن سوء الأمس وبات من الصعب إرضائه إلا بعمل حقيقى دءوب وفكر واضح أساسه أن مطالب الحياة المستقرة والعيش الكريم حق له لا تنازل عنه وليس منحة من أحد يمتن بها عليه.
لن يبرأ النظام الحالى من تهمة الولاء والتبعية لنظام مبارك حتى يخلع جلبابه تماما ويخرج من عباءته وسياساته وأسلوب عمله وحياته وعليه أن يوضح ذلك جليا وعمليا فالفضائيات التى تبث سمومها وتثير الفتنة لا يجب أن تترك للعمل على راحتها تثير الضغينة فى النفوس ليستغل ذلك فريق لا هم لهم إلا الاستفادة من السقطات وما أكثرها والعورات وما أيسرها.
ما يعنينا الآن النظر للمستقبل والأهم فيه هو أن يبتعد الرئيس الحالى تماما عن رجال حكم مبارك وعاهات الحزب الوطنى وعودتهم للساحة وربما ساعده الحكم على أن يتخذ منحى واضحا يعلن فيه استقلالية حكمه عن حكم ثار عليه الناس وأطلقوا عليه رصاصة الرحمة وبات لدينا دستور جديد يقول إن هناك نظام حكم جديد أساس وجودة هو الثورة على نظام حكم انتهى لا يمكن أن نعود لنعيش فى جلبابه من جديد.
د. هانى أبو الفتوح يكتب: رغم البراءة لن نعيش فى جلباب مبارك
الإثنين، 01 ديسمبر 2014 04:10 م
الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فى قفص الاتهام
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
عودا حميدا أديبنا وشاعرنا الدكتور هاني
عدد الردود 0
بواسطة:
سيف الدين ادريس
معاك حق