"إن آفة حارتنا النسيان"..
فإن هذه الجملة ليست مجرد كلمة فى رواية أحدثت الكثير من الجدل، إنما هى اختصار طويل لطريقة تفكير شعب يعيش من سبعة آلاف سنة، معتمدا على النسيان كقيمة راسخة فى الكيان الشعبى العربى، وقد أدرك نجيب محفوظ مبكرا هذه التيمة التى ربما ساعدت بوعى أو بدونه على تحمل المصريين للكثير مما أصابهم، لأنهم فى كل مرة يبدأون من جديد.
الأدب ثورة على الواقع وليس تصويراً له..
عندما اتهم البعض نجيب محفوظ بأنه يصور العالم ولا يكشف عنه ولا يدخل فى قلب العالم.. كانوا بعيدين جدا عن الحقيقة، فمحفوظ يكشف عن الأساسات الخاطئة التى كانت تضع الوطن فى مآزق كبيرة وتجعل أخطاءه مكررة، حاول نجيب محفوظ أن يصنع سياجا لحماية الوطن عن طريق كشف الفجوات التى تتشكل منها الجدر المهترئة المحيطة بنا، فكتب عن الطبقات كى نرى مدى التآكل الذى أصابها وكتب عن المأزومين نفسيا لنرفق بهم لأننا اكتشفنا أننا هم، وكتب عن الصعود والانهيار كى نرى مصر المشبوحة بين فريقين يأخذانها للبعيد.
ويظل نجيب محفوظ يسرى فى حكمته التى لا تقوم على الصراخ والهتاف.. لكنه يهمس بها بجانب أذنك.. أو يجعلها سلوكا تتقنه دون أن تدرى، بالتأكيد أحب نجيب محفوظ شخصيات رواياته فأحبوه ومنحوه أنفسهم.. وكأنهم يعترفون أمام قديس قادر على شفاء أرواحهم اعترفوا له كى يطهرهم هو بالكتابة.
![أيقونة نجيب محفوظ أيقونة نجيب محفوظ](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/NAGIB20154Fg.jpg)
أيقونة نجيب محفوظ