اهتمت الصحافة العربية بالفتوى التى أطلقها عبد الفتاح حمداش زيرواى الذى يعتبر أحد رموز السلفية فى الجزائر، ضد الكاتب كمال داودن بخصوص إهدار دمه، على خلفية تصريحات أدلى بها الكاتب خلال استضافته فى برنامج تليفزيونى فرنسى، والتى تحدث فيها عن نظرته ككاتب للإسلام وللغة العربية.
وكمال داود كاتب وصحفى جزائرى، والذى جذب الاهتمام بعد ترشيحه للفوز بجائزة الجونكور أرقى الجوائز الأدبية الفرنسية، والتى خسرها بفارق صوت واحد، وذلك بمناسبة إصداره أول رواية له "ميرسو تحقيق مضاد" الصادرة باللغة الفرنسية عن دار البرزخ (2013) بالجزائر، والتى حصدت العديد من الجوائز المرموقة، مثل جائزة القارات الخمس للفرنكوفونية، وجائزة رونودو الأدبية، كما فاز مؤخرا بجائزة "إيسكال" الأدبية التى يمنحها فندق سوفيتال الجزائر، وخسر جائزة "الجونكور" وهى من أبرز الجوائز الأدبية بفرنسا بفارق صوت واحد، وفى روايته بدأ من رواية «الغريب» لألبير كامو، التى تحكى قصة مورسو ذلك الفرنسى الذى قتل عربيا دون أسباب واضحة، ثم يلقى عليه القبض ويحاكم على جريمته، ثم يحكم عليه بالإعدام، وهى الرواية التى نالت جائزة نوبل للأدب، أما كمال داود فانطلق من هذه الرواية ليحكى قصة العربى المغيب فى رواية كامو، والذى أعطاه اسما "موسى".
وفى البرنامج الفرنسى "لم ننم بعد" والذى يذاع على القناة الفرنسية الثانية، ويقدمه الإعلامى لوران روكييه، تحدث كمال داود عن العربية وعن علاقته بالدين الإسلامى، موضحا أن العربية ليست جنسية وإنما هى ثقافة وتراث، وأنه كان فى بداية شبابه إسلامى التوجه، لأنه لم يكن هناك شىء آخر فى المقابل، والآن أصبح متدينا فقط. وأضاف أنا لم أشعر بنفسى يوما عربيا"، وكشف أن "هذا الحديث عادة ما يسبب له تهجمات ضد شخصه"، ليؤكد أنه "جزائرى وليس عربيا"، واعتبر أن "العروبة احتلال وسيطرة"، وأضاف أن "الشاب الجزائرى يجد نفسه مجبولا على الإسلاموية منذ صغره باعتباره فكرا شموليا"، وقال إن "علاقة العرب بربهم هى من جعلتهم متخلفين".
كل ذلك فتح أبواب الهجوم على كمال داود على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى والصحف، خاصة من الكتاب المعروفين بتوجه قومى إسلامى، والذين هاجموا داود بشدة، ونددوا بما اعتبروه هجوما على الدين وعلى الهوية العربية، متهمين داود بكل التهم، فيما ذهب البعض الآخر إلى انتقادات موضوعية، لما قاله داود، مع رفض خطاب التخوين الذى ردده البعض تجاه الكاتب كمال داود.
ولكن الذى فجر ضجة كبيرة هو ما نشر على صفحة عبد الفتاح حمداش زيراوى، أحد رموز السلفية فى الجزائر، والذى ينتمى لتنظيم جبهة الصحوة السلفية بالجزائر، وهو تنظيم لا تعترف به دولة الجزائر، واتهم فيه الكاتب بالزندقة والكفر والإلحاد، وبإهانة الذات الإلهية، والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يفترض إقامة الحد عليه وقتله فى الساحات العامة، حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر.
وبرر السلفى عبد الفتاح حمداش هذه الفتوى بـ"تطاوله على القرآن ومحاربة الإسلام واللغة العربية ومعاداة أهل الإسلام وتمجيد أعدائه"، ودعا "النظام الجزائرى إلى الحكم عليه عن طريق القضاء بالإعدام علنا".
هذه «الفتوى»، فجرت ردود فعل غاضبة على شبكات التواصل الاجتماعى، وعلق عليها كمال داود بالقول، إن هذه النوع من الفتاوى هو نتيجة لسياسة اللاعقاب التى تنتهجها السلطات فى الجزائر مع هذا النوع من الناس، وأكد إنه قام برفع دعوى قضائية ضد عبد الفتاح حمداش زيراوى بتهمة التحريض على القتل، وهى دعوى قام داود برفعها أمام محكمة جزائرية.
ورأى البعض أن ذلك يبرر الاحتفاء الفرنسى بهذه الرواية بتكريمها بعدة جوائز على غرار جائزة القارات الخمس، كما حلت فى المرتبة الثانية بجائزة غونكور.
وندد الكثير من الأدباء والكتاب والصحفيين بالفتوى التى أصدرها حمداش زيراوى، واعتبروها عودة إلى سنوات سابقة، عندما أدت فتاوى مثل هذه إلى اغتيال كتاب وصحفيين لا ذنب لهم سوى أن «شيخا» فى مكان ما سمع كلاما فأصدر فتوى، دون أن يقرأ بالضرورة ما كتب هؤلاء الكتاب والصحفيين والمبدعين.
بينما رأى الكثير من المثقفين فى هذه الفتوى استعادة لمشاهد تسعينيات القرن الماضى، حيث تكميم الأفواه للمثقفين والإعلاميين والفنانين الذى وصل حد القتل أو النفى.
سلفى جزائرى يصدر فتوى بقتل الروائى كمال داود على الفيس بوك.. الكاتب فى برنامج فرنسى: العروبة احتلال و"الإسلاموية" فكرة شمولية.. وعبد الفتاح حمداش: يجب قتله فى الساحات العامة
الخميس، 18 ديسمبر 2014 02:00 م
الروائى الجزائر كمال داود
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ا
اكتب واشتهر ثم انظر وانتظر
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي نبيل
الفكر يعالج بالفكر