فى اليوم العالمى للغة العربية..1973بداية الاحتفال بـ"لغة الضاد"فى الأمم المتحدة..القرآن الكريم منحها قداسة والشعر حطم عزلتها والشعوب تحدت المحتل وانتصرت للهوية.. وتنظيم داعش استغل بلاغتها لنشر التطرف

الخميس، 18 ديسمبر 2014 10:00 ص
فى اليوم العالمى للغة العربية..1973بداية الاحتفال بـ"لغة الضاد"فى الأمم المتحدة..القرآن الكريم منحها قداسة والشعر حطم عزلتها والشعوب تحدت المحتل وانتصرت للهوية.. وتنظيم داعش  استغل بلاغتها لنشر التطرف اليونسكو
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحتفل منظمة اليونسكو، اليوم، 18 ديسمبر، باليوم العالمى للغة العربية، وقد تقرر الاحتفال باللغة العربية فى هذا التاريخ لكونه اليوم الذى أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذى يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو، وذلك منذ عام 1973، ويأخذ الاحتفال أشكالا متعددة ومختلفة.. بما يدفعنا للتساؤل عن الذى قدمناه نحن، مجتمعا وأفرادا، فى سبيل المحافظة على اللغة العربية والعمل على الارتقاء بها، خاصة أن من سمات "العربية" قدرتها الخاصة على الاستمرار عبر الزمن.

فى البداية يجب الإقرار بالفضل الواسع للقرآن الكريم فى المحافظة على اللغة العربية، لأنه ومنذ بداية نزوله على النبى الكريم حتى الآن وهو يتلى آناء الليل وأطراف النهار وتتردد أصواته وحروفه وكلماته بموسيقاها ووقعها وجرسها المحبب، كما اكتسبت اللغة شيئا من قداسة النص الذى تحمله، حتى إن قضايا كبرى تمت إثارتها فى كتب الفلسفة الإسلامية وكتب العقائد تتعلق بقداسة اللغة فى حد ذاتها، لأنها الوسيلة التى تحمل النص الأكثر قداسة عند شعوب العربية وعند كثير غيرهم.. كما كان لعلوم القرآن التى استوجبها النص بتفريعاتها المختلفة والتى تعتمد اعتمادا كليا على اللغة العربية ما جعل علماء المسلمين الأوائل يعكفون على اللغة فى محاولة لسبر ذلك النص اللغوى فى المقام الأول والذى لا يتوقف عن بثهم بالجديد فى حياتهم، وكان لكل ذلك أثر على اللغة بما عمل على تطورها وإكسابها دلالات جديدة حسب نفسية المتكلمين على مر الأزمنة.

والشعر أيضا، ديوان العرب ولسانهم البليغ، تحسب له الأزمان المتعاقبة قدرته على التواصل فى نسج خيوط اللغة العربية والعمل على اتساع طاقتها، وشعبيتها والبعد عن العزلة التى سقطت فيها العديد من اللغات الأخرى والتى أدت فى النهاية لتقلصها وانتهاء الكثير منها، فالشعر الذى كان مقياس التقدم والتأخر وميزان الازدهار والأفول ظلت له كلمة عليا (بعد) القرآن الكريم فى الحفاظ على اللغة العربية.

كما أن الشعوب المتكلمة باللغة العربية كان لها دور أساسى فى حفظ لغتهم واستمرارها، ويظهر ذلك من إصرارهم على جعلها جزءا من هويتهم يُعرفون بها ويقدمون أنفسهم من خلالها، كذلك حينما جعلوها جزءا من طقوس تعبدهم، وكذلك عندما صنعوا لهجاتهم المحلية احتفظوا بقدر كبير من "الفصحى" ولم يذهب بهم الشطط حد القطيعة ولم يجرفهم التيار للبعيد.. وكذلك لأنهم استطاعوا أن يقاوموا المحتل الذى أراد أن يطمس هويتهم ويبدلها من خلال أهم مفاتيحها "اللغة" حيث عمد لتشويهها وحاول أن يؤخر ترتيبها فى نفوسهم لكنه تمت مقاومة هذه المحاولات.
كان هذا فيما مضى.. فماذا عن الحالى..

الآن.. فى ظل التحول الكونى المحيط بنا والذى، رغما عنا، نحن جزء منه، وفى هذا التسابق التاريخى بين نظريات العلم، وفى هذا العالم المتغير الذى يتسم بالعلم والمنطق والمنهجية وطرق التفكير السليمة.. حوَّلنا نحن اللغة العربية إلى (ترديدات بلاغية) و"لغة خطابية" قائمة على المبالغة التى تملؤها كلمات التكرار.. وبالتالى اللغة التى ستكون بهذه الطريقة سوف تنتج جيلا (بلاغيا) يشبهها يميل للظواهر / المتغيرة لا إلى الأمور الثابتة التراكمية التى تبنى الإنسان والمجتمع، لذا نجد لدينا أجيالا لا تعرف الذى تريده لأننا لم نهتم باللغة وندخلها فى إطار من المنطق، وبالتالى تغلب الشعارات على العمل، والوعود على التنفيذ، وعلى هذا تمر السنون ولا نجد لدينا سوى كلمات أفقدناها نحن معناها لأننا تعاملنا معها بكم من العاطفة فقط ولم نعطها قدرها الحقيقى.
ومن ناحية أخرى لم نسأل أنفسنا أبدا عن العلاقة بين عدم الاهتمام باللغة والتنظيمات الإرهابية مثل "داعش" وغيرها.. مع أنه من المعروف أنه عندما تثبت اللغة فى مرحلة واحدة (الجمود) ولا يصيبها قانون التطور وتدخل فى إطار عبادة "الشكل" حينها ينعكس ذلك على المتحدثين بها، الذين يقعون فى الشكلانية وبالتالى يتوقفون عند لحظة معينة فى عمر الزمن الذى يجوز بأن نقول بأنه عمر اللغة، لأنه ينعكس على قراءة النصوص (خاصة المقدسة).. وهذا التفاوت يفجر الكثير من المشكلات منها إلغاء الآخر وصولا إلى تكفيره.. بجانب القدرة على التأثير لأن الذى تربى على البلاغة يقاد من أذنيه.. وهذا ما تفعله تلك التنظيمات الإرهابية.

لذا يجب علينا فى هذه المناسبة أن نسعى إلى فض القطيعة بين اللغة العربية والتكنولوجيا والعلوم، وكذلك علينا الانتباه حتى لا تسقط فى عزلة وعلينا تحويلها إلى لغة علم وتخليصها من المزايدات البلاغية التى حولتها إلى لغة عاطفية تتراوح بين البكاء والضحك وكليهما ممتلئ بالدمع.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة