ثاروا على النظام مرة ومرتين ونسوا أن الشعب عايز ثورة لوحده، تسعون مليون مواطن ذوو أغلبية فقيرة أمية ساحقة لا تنفع ولا تجدى معها الثورات، ميراث ثقيل من الفساد والفقر جعل الأغلبية من أسوان إلى الإسكندرية من سينا إلى الواحات الغربية أناسا طغت عليهم الحالة المادية المتدنية والفقر المدقق والتعليم المحدود، الذى لا يشفى لا يغنى من جوع وانتشرت سياسة "واحنا هنعمل إيه" وعيش دور المجنى عليه والضحية، ولهم الحق كل الحق فى ذلك لكن السلوك السلبى طغى وبات كل شىء متاحا فعله بسبب الظروف.
سياسة وسلوك ليس حديث العهد، بل منذ سنين تفوق الثلاثين عامًا بدأ صغيرًا وأخذ يكبر ويتوغل مع الأعداد المتزايدة عام بعد عام حتى وصلنا للانفجار السكانى.
ضاعف تدهور التعليم والصحة وتفشى الفساد والمحسوبية فى زيادة السلوك السلبى وضعف الوعى والإدراك لدى الشعب.
أتيتم بثورة تحسن من ظروف هذا الشعب وترتقى بوطنك متناسين قصدا أم عمدًا درجة وعى الشعب وكيف سيستقبل هذه الثورات ويتعامل معها، للأسف قامت فوضى عارمة، وكان للشعب استعداد رهيب لهذا لما وصل إليه من حدود متدنية من الوعى والإدراك والثقافة، قاموا بسب الشعب وهو المغلوب على أمره لم يعلموه، ولم يوعه أحد فى السابق فكانت الفوضى العارمة لاحقًا والظروف مواتية وتجبره على ذلك أو هكذا برروا، حتى عند قدوم نظام الإخوان ظنوا أن الشعب سيشترى بالنقود والزيت والسكر وظنهم كان فى محله الحقيقة، وأين الغرابة فى ذلك وعى وثقافة شعب لم يبتدعه اليوم بل هو تراكم سنين، آسفة لا نحتقر الشعب ولن نسبه ونلعنه فهم فى الآخر أهلنا وناسنا على عينا وراسنا مش هنتبرأ منهم، اللى بيحبهم صحيح يزيد وعيهم مش يغشهم.
نزولة واحدة فى الشارع تكفى لإخبارك أن المشكلة فى الشعب، سلوكه فى المرور وسلوكه فى النظافة وسلوكه فى الدوائر الحكومية وسلوك الناس مع بعضهم البعض فى الشارع الأخلاق والسلوكيات فى أزمة حقيقية، والحكومة مش بابا وماما هتربى وتأكل وتشرب وتغير البامبرز كمان فنحن تسعون مليونا هتغير لمين ولا مين!!
غير فى الأنظمة وثور براحتك طول ما الشعب كده مفيش تغيير حقيقى فتسعون مليونا يغلبون مائة نظام.
ما الحل وما العمل؟!
الحلول قاسية لأن الوضع مأساوى لتسعين مليون شخص تعود على سلوك لسنين طويلة فلابد من الحسم والحزم معه أولًا.. نعم حزم وحسم كى لا يكون البديل فوضى فى الظروف الاستثنائية، تخيل معى توفير ظروف معقولة وامتيازات للجميع دون تمييز، ولكن يعاقب بالحرمان منها لو تجاوز فى أى شىء، الناس عامةً أصبحت مادية فى ظروف اقتصادية طاحنة سيحترم امتيازاته المادية على أن يحرم منها لو تجاوز فى السلوك أو القانون، قد يظن البعض أنها ديكتاتورية نعم فليسموها ديكتاتورية الوضع لا يسمح بتغييرها إن أردت شعبًا طيب الأعراق مهذب السلوك، كم من بلاد تدعى أو لا تدعى الديمقراطية لجأت للحسم والحزم مع مواطنيها فقط لأنها تحتوى أجناس عرقية مختلفة وتريد ترتيب السلوك فيما بينهم تحت وطأة قانون مجحف وظالم أحيانًا!
نحن لا يوجد لدينا أجناس عرقية مختلفة ولسنا بطوائف لنتناحر بل هو انفجار سكانى وأعداد مهولة من البشر لا وعى ولا تعليم ولا ثقافة فلابد من صياغة قانون حازم وصارم على الجميع لإحكام السيطرة على الأعداد الغفيرة.
ثانيًا وهو ليس دربا من الخيال تثقيف وتوعية هذا الشعب، منظمات دولية كثيرة صرفت ملايين للتوعية بالديمقراطية فى بلادنا ولو أرادوا لصرفوا الأموال على توعية وتعليم وثقافة الشعوب أنفسها ولكن يبدوا هذا التأخر الفكرى أتى على هوى تلك المنظمات بل على العكس لو وعى الشعب لأدرك ما تطالب به تلك المنظمات من ديمقراطية مقنعة وليست حقيقية، الثقافة أدبيًا وفنيًا ليست رفاهيات إذا أدركنا أنها ترقق قلوب الشعوب فى وقت ظهر فيه العنف والكل بات عنيفًا، ثقافة وفن يجب أن تنتشر فى كل المحافظات بدلًا من انتشار مسلسلات رمضان الى زادت فوق عنفنا عنفًا.
يا عزيزى لا تقوم الأوطان ولا تبنى الحضارات إلا بشعوبها، وما نفع الديمقراطية ولا تجد شعب متحضر فالوطن ليس صحراء وأرض وطبيعة، بل الوطن هو أعظم ما خلق الله وهم البشر، إن كنت مخلصا فى رغبتك لتقدم ورقى وطنك اعمل على تقدم وتحضر ناسك، الشعب أولى بالاهتمام أولى بالرعاية أولى بالثورة عليه ليكون أفضل مما هو عليه.. الشعب عايز ثورة لوحده.
ورقة وقلم
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ميلاد صديق
احسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
عزة
مقال رائع