هناك من يريدون إصلاح كل شىء وفى النهاية قد تجدهم يفسدون كل شىء قد تجدهم ساخطون متمردون محتجون بصرخة قد تبدو صادقة فى وجه الظلم والفساد، ولكنها صرخة بلا رؤية واضحة المعالم مجهولة الهوية قد تجدها فى النهاية خروج من ظلم إلى ما هو أظلم، فهم يفتقدون الشعاع الذى يهدى ويبنى من قدر ما يسعون إليه من إصلاح وتغيير. فكثيراً من دعوات التغيير قد تجدها بلا فكر بلا قضية ولا هدف بعينه فتجدهم يهرولون ويتخبطون وإذا صادف وتحقق التغيير تجدهم عاجزين عن إدارة ما كانوا يسعون إليه، لأن المسئولية أكبر منهم ومن قدرة تحملهم على الإتيان بحلول لمشاكل قد تكون لا حصر لها. فالمناداة بالتغيير شىء وتحمل تبعاتها من مهام عظيمة وشاقة شىء آخر، لذلك تجد الكثير من دعوات التغيير شرارة بدايتها واندلاعها ورائها عقول خبيثة ماكرة تعمل فى خفاء وذكاء لخلق حالة من الفوضى والعشوائية والتخبط فى كل شىء، فما أكثر ما يدس لنا من سموم يراد بها هلاكنا. والمخيف عندما تجد بعض الأعمار ساخطون ومحتجون على كل شىء بدون وعى بدعوة الحرية والارتقاء بالإنسانية مع إنهم لا يقفون على ثوابت يقاس بها الأمور بعقلانية، بل تجد أخلاقهم خارجه عن إطار الإنسانية، والدين، حتى ما ينادونه من تغيير فى الأدب والفكر والفلسفة والسياسة معظمه تيارات هدامة وإن كان ظاهرها مبهرا وراقيا فتجد ما ينادون به من أسوأ المضامين وأردأ الأفكار.
فلا يكن غضبك وسخط من أجل السخط نفسه ولكن حاول أن تجد من الحلول ما تتعايش به مع الآخرين حتى لا يتطور معك الأمر إلى حالة من الضياع والشك مما يضطرك إلى رؤية الصورة سوداء ومما يجعلك تدور فى فلك واحد، حتى تجد نفسك فى متاهة صعب الخروج منها.
قدرتك على إدارة ذاتك وامتلاك الإرادة القوية والعزيمة الصادقة بصبر وببصيرة ورؤية واضحة لمعرفة الإنسان لذاته بمعرفة نقاط ضعفه وعيوبه ومحاوله إصلاحها ومعرفته بنقاط ثوابته وقدراته واستثمار طاقته. وأن تكون من أصحاب العقول المرنة التى تؤهلك لقبول الأفكار الصالحة لها ورفض ما اعتاد عليه الإنسان من بقاء وجمود رافضة لأفكار وعادات عفا عليها الزمن، مع الأخذ بفكرة التغيير النافع بدون تعصب مع إدراك أن ليس كل تغير يعتبر تغييراً إيجابياً فلا يكون هدفك التغيير من أجل التغيير وأنت غير مؤهل حتى لا تعانى الآمرين من ذلك، حتى وإن أردت أن ترجع إلى نقطة البداية أو تحتفظ بما كنت عليه سيكون من الصعب جداً. يقول مارك كنوفلر: "أنت تبدو فى بعض الأحيان قوياً فى مواجهة التحديات وفى أحيان أخرى تبدو كحشرة تهرب من زاوية إلى أخرى لتختبئ" .
إذا أردت التغيير عليك تقدير ذاتك ومعرفتها معرفة سليمة والتحقق من الجهة التى ستسلكها بالتوجه الصحيح لها، ذلك يمنح الأشياء بداخلك والتى تصادفك أن تأخذ مكانها التلقائى فى إحداث شعور بالثبات والثقة والجرأة فى كل خطوة تخطوها، وإذا كنت تخاف الإقدام على التغيير فانسحب إلى ظلال توترك وخوفك وقلق وشكوكك وارتضى بما أنت عليه فالوسيلة الأفضل للخروج مما نحن فيه من أوضاع سيئة هو أن نتخطها بمواجهتها، إذا أردنا الوصول إلى أهدافنا فى الحياة.
يقول أناييس نين: "يمكن لآفاق الحياة أن تكون واسعة أو ضيق ، ذلك وقف على مقدار شجاعتك". ميلاد فكرة أو ثورة من رحم التغيير تحتاج للتسلح بكل وسائل الدفاع عنها وأن نكون على وعى وإدراك وإيمان بها وأن نكون على استعداد لتقبل أى أمور عارضة تحاول الإخلال بموازين الثوابت بداخلنا بالتصدى لها ومواجهتها. يقول باز لورمان: "إن حياة تعيشها فى الخوف لهى نصف حياة". فالخوف من المجهول قد يجعلك ترتضى ما أنت عليه ظناً منك أن هذا يشعرك بالأمان والاستقرار، مع أن هناك الخير الكثير ينتظرك فأنت على بعد خطوات منه وإن كان فى بدايته تستشعر فيه الخوف وعدم الراحة لكثرة المتاعب التى تصادفك فتحل بالشجاعة وقوة المواجهة وهذا ما يدفعك إلى التطور والبقاء.
صورة أرشيفية