الاختيار كلمة قد تبدو سهلة الفعل للوهلة الأولى، لكنها من أصعب الكلمات التى من الممكن أن تقوم بالفعل أو بالعمل كله، فالاختيار فى معناه الظاهرى يعنى أن تكون لديك الحرية المطلقة فى أن تختار ما تود أن تفعله، أن تختار من تحب، أن تختار ما تعمله، أن تختار ما تدرسه، حتى ولو كان هذا الاختيار له علاقة بالكره، طالما فعل "يختار" موجود فأين الصعوبة فى ذلك؟!.
وللإجابة على هذا السؤال، علينا أن نفهم أننا من الممكن أن نختار ما نود أن نعيش حياتنا به ومعه، لكن فى كثيرٍ من الأحيان يصبح هذا الاختيار حلم صعب المنال؛ نظرًا لوجود ظروف عديدة قد تساهم فى استحالة تحقيق هذا الاختيار، وتُصبح الحكمة التى تقول "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" واقع مرير يفرض نفسه على عالمنا.
هل المشكلة فى التوقيت؟!، بمعنى توقيت اختيار الشىء هى المشكلة فى حد ذاتها، فمثلاً قد تُصادف شخصًا تشعر معه أنه رفيق دربك فى حياتك المقبلة، وأنه الشريك المناسب لكَ، لكن تضطرك الظروف إلى التنازل عن هذا الحلم لأن توقيت مصادفتك له غير مناسب، وقتها تقول يا ليتنى عرفته من قبل، أو لوظيفة أحلامك فتقول يا ليتنى قدمت لها قبل فلان؟
نعم أعتقد أن المشكلة تكمن فى التوقيت، هنا لا يصبح للاختيار معنى أو مفهوم، بل تكون للقدرية مفعول السحر، فرغم اختياراتنا الكثيرة فى شئون حياتنا المختلفة، إلا أن القدر يُنظم ويُرتب ويُدبر لكَ أمورك دون أن تشغل بالك ولا تنعى الهم مع فكرة لماذا لم أقابله فى وقت سابق؟ لماذا لم أتقدم للوظيفة فى وقت سابق؟ لماذا درست هذا التخصص ولم أدرس ذلك؟
لذا علينا فى النهاية أن نتركها لله، نعم نحن نتمنى ونسعى ونشتاق ونحلم بالعديد من الأشياء، لكن لو لم يكتبها الله لنا علينا أن نعى هذا المفهوم "أنه اختيارنا ولكن بتدبير من الله عز وجل"، فيجب علينا أن نرضى به ولا نحزن، فإن أمر الله نافذ مهما فعلنا.
صورة أرشيفية