د.شحاتة غريب يكتب: فيرجسون.. المدينة التى أنهت درس حقوق الإنسان!

الثلاثاء، 02 ديسمبر 2014 02:01 م
د.شحاتة غريب يكتب: فيرجسون.. المدينة التى أنهت درس حقوق الإنسان! أحداث الشغب الأخيرة فى مدينة فيرجسون الأمريكية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عادت الأحداث إلى مدينة فيرجسون الأمريكية من جديد، بعد قرار هيئة المحلفين، بعدم توجيه أى اتهام لضابط الشرطة الأبيض، الذى قتل شابا أسود، فى أغسطس الماضى، حيث اقتحم المتظاهرون مقر بلدية مدينة فيرجسون، بسبب غضبهم، واستيائهم، من قرار هيئة المحلفين، وقد نظم المتظاهرون محاكمة صورية لضابط الشرطة الأبيض، ونددوا بالشرطة، وانتهاكها لحقوق الإنسان.

وقد زادت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الشرطة، وتم تبادل إطلاق الأعيرة النارية بكثافة، مما أدى إلى إصابة البعض، كما أن المتظاهرين، قد أحرقوا عددا من المباني، والمؤسسات الحكومية، والسيارات التابعة لجهاز الشرطة، وقد امتدت الاحتجاجات القوية إلى العديد من المدن الأمريكية الأخرى، ولم تقتصر على فيرجسون فقط، تنديدا بسياسات الإدارة الأمريكية، وعدم احترامها لحقوق الإنسان، وتدعيمها للتمييز بين إنسان وآخر، على أساس العرق، أو السلالة.

واللافت للنظر، أن الأمر لم يتوقف عند التظاهرات القوية فى المدن الأمريكية، ولكن خرجت حالة الغضب عن الحدود الأمريكية، تعاطفا مع الشاب الأسود، الذى راح ضحية التمييز، والتعصب، والتفرقة العنصرية.

فقد تظاهر المئات فى لندن، أمام السفارة الأمريكية، وقد ندد المتظاهرون بالسياسات العنصرية، التى تنتهجها الشرطة الأمريكية، وتبادل المتظاهرون ترديد الشعارات، التى تبرهن على حق السود فى الحياة، والكرامة، وحقهم فى التمتع بكافة الحقوق، من دون أدنى اعتبار للون، أو العرق، أو أى شكل من أشكال التمييز العنصرى.

فقد فضحت مدينة فيرجسون الممارسات الأمريكية، التى تتم ضد حقوق الإنسان، وكشفت للعالم كله، الأكاذيب، التى تتبناها الإدارة الأمريكية، حول رعايتها لحقوق الإنسان، ودعمها لها، فقد كشف مقتل الشاب براون النقاب، عن حقيقة العنصرية فى المجتمع الأمريكي، وعن حقيقة المشاكل الداخلية الحقوقية، والتى قد تعرض أقوى دول العالم إلى الإنهيار فى يوم ما !

ولذلك لم تتأخر روسيا فى إعلان بيانها، واستنكارها، لما حدث فى فيرجسون، ووظفت الأزمة أفضل توظيف، لخدمة أهدافها، وصراعها الطويل، والممتد، مع الإدارة الأمريكية، فقد أعلنت روسيا، أنه ينبغى على الإدارة الأمريكية، أن تركز على حل مشكلاتها الداخلية، والتى تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، بدلا من أن تأخذ من هذه الأخيرة، الحجة، والذريعة، للتدخل فى شئون الآخرين.

وحسنا ما فعلت روسيا، ويا ليت الجميع يندد بما حدث فى فيرجسون، حتى تنكشف الإدارة الأمريكية فى كل مناطق العالم، ويعلم الجميع بحقيقة هذه الإدارة، وأن الإدعاء بحماية حقوق الإنسان، أو نشر ثقافتها فى العالم، ما هو إلا ستار، يخف ورائه، العديد من الحقائق، والتى يكون من أهمها، السيطرة، والهيمنة، على العالم، والتحكم فى مقدرات الدول، وإعادة رسم الخريطة العالمية، بما يتفق ومصالحها، وأهدافها، حتى ولو كانت تتعارض مع مصالح الشعوب.

فبالفعل، أتمنى أن تتصدر تصريحات الدول الصحف، والمحطات الفضائية، بشأن ما حدث فى فيرجسون، وخاصة فى ظل قيام الإدارة الأمريكية، فى كل يوم، بالتدخل فى شئون كافة الدول، وإعلانها القلق، وغيره من المصطلحات الكاذبة، والخادعة، بخصوص الحراك الحقوقي، والخوف على مستقبل حقوق الإنسان، والكل يعلم جيدا، أنها مجرد شعارات وهمية، تهدف إلى النيل من سيادة الدول.

وأقول للإدارة الأمريكية، بدلا من حالة القلق، والخوف، على مستقبل حقوق الإنسان فى العالم، فإن الأولى أن يكون قلقك على مستقبلك أنت، وأن يكون قلقك على مستقبل وحدة ولاياتك، والتى قد يأتيها الطوفان العرقى من كل جانب، ليقضى على هذه الوحدة !

وبدلا من التضليل، والخداع، بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان، فإنه ينبغى حماية السود، من كافة أشكال العنصرية، وتطبيق القانون على الجميع، حتى ولو كان ضابطا ينتمى إلى البيض، كما يجب التوقف عن بث الفتن، وتدبير المؤامرات، والتدخل فى شئون الدول، وتجنيد العملاء، والخونة، لنشر الفوضى، وعدم الاستقرار.

فخديعة حماية حقوق الإنسان، ما عادت تخيل علينا مرة أخرى، فقد كشفت فيرجسون، هذا الوهم، الذى عاش، وما زال يعيش فيه البعض، رغم أن الأمر لا يتعلق إطلاقا، بالدفاع عن القضايا الحقوقية، وإنما يتعلق بالدفاع، عن المصالح، والأطماع الأمريكية، وحلمها، بتقسيم خريطة العالم من جديد.

فقد انتهى درس حقوق الإنسان، وعلينا جميعا أن نعلم الإدارة الأمريكية، معنى حقوق الإنسان، ومعنى الكرامة الإنسانية، ورفض كل أشكال النيل من سيادة الدول، بحجة الدفاع عن هذه الحقوق.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة