مٌر الكلام
زى الحسام
يقطع مكان ما يمر
اما المديح سهل ومريح
يخدع صحيح ويغٌر
والكلمة دين
من غير إيدين
بس الوفا
ع الحر
وعد قطعه الشاعر الحر أحمد فؤاد نجم بينه وبين ضميره، مستهينا بكل ثمن قد يدفعه لقاء إثبات وجوده بكلمة، قد تكلفه حريته وربما حياته، فمثله لا يمكنك تهديهم بالسجن أو القتل، ربما كان عليك أن تحبس ضميره "انفراديا" كى يكف عن لامبالاته.
هكذا هم الأحرار، لا يخشون فى الحق لومة ظالم، وهو ما لم يكف نجم عن الإيمان به:
الخط ده خطّى.. والكلمة دى لى
غطّى الورق غطّى.. بالدمع يا عينى
الخط ده خطّى.. والكلمة دى لى
لاكتب على عينى.. يحرم عليكى النوم
و احبس ضيا عينى.. بدموعى طول اليوم
قبل الوفا بدينى.. زَى الصلا و الصوم
ده الدين فى عُرف الحر.. هم و مذلة و مر
و هموم تجيب و تجُر.. أحزان مخبِيَّة
لم يسلم نجم من استهداف السلطات له، ولم تخل أى من التهم الموجهة إليه من شبهة "إهانة الرئيس" وهى التهمة التى لم ينكرها اعتراضا على أوضاع وجد السكوت عليها أكثر إهانة لضميره.
ومن بين القصائد التى دفع نجم ثمنها، كانت تلك التى كتبها بعد وصول الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى أول زيارة لرئيس أمريكى لمصر ولحنها وغناها رفيق دربه الشيخ إمام عيسى، وأغضبت الرئيس الأسبق محمد أنور السادات الذى أمر الأمن وقتها بعقاب نجم على ما اعتبره إهانه له ولنيكسون إلا أن التهمة التى عوقب بموجبها كان إهانة رئيس الجمهورية فقط، تجنبا للحرج الذى قد تتسببه تهمة "إهانة رئيس دولة أجنبية" أثناء زيارته لمصر.
لفقت أجهزة الأمن لنجم تهمة "إهانة رئيس الجمهورية" فى القضية رقم 501 عام 1974 عقابا على القصيدة التى قال فيها:
شرفت يا نيكسون بابا
يا بتاع الووتر جيت
عملولك قيمه وسيما
سلاطين الفول والزيت
فرشولك أوسع سكه
من راس التين على مكه
وهناك تنزل على عكا
ويقولوا عليك حجيت
ما هو مولد ساير داير
شى الله يا صحاب البيت
جواسيسك يوم تشريفك
عملولك زفه وزار
تتقصع فيه المومس
والقارح والمندار
والشيخ شمهورش راكب
ع الكوديا وهات يا مواكب
وبقيت الزفه عناكب
ساحبين من تحت الحيط
واهو مولد ساير داير
شى الله يا اصحاب البيت
عزموك فقالوا تعالَ
تاكل بنبون وهريسه
قمت انت لأنك مهيف
صدقت ان احنا فريسه
طبيت لحقوك بالزفه
يا عريس الغفله يا خفه
هات وشك خد لك تفه
شوبش من صاحب البيت
واهو مولد ساير داير
شى الله يا اصحاب البيت
خد منى كلام يبقى لك
ولو انك مش حتعيش
لا حقول اهلا ولا جهلا
ولا تيجى ولا متجيش
بيقولوا اللحم المصري
مطرح ما بيسرى بيهري
وده من تأثير الكشري
والفول والسوس أبو زيت
واهو مولد ساير داير
شى الله يا اصحاب البيت
لم تكن هذه القصيد "التهمة" الوحيدة التى سجن من أجلها نجم ففى عام 1978 انتقد نجم السادات فى قصيدة أخرى، ولم يستغرق نظر القضية أسبوعا فى المحكمة، فصدر الحكم بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ على نجم الذى هرب من المحاكمة لمدة ثلاث سنوات ثم ألقى القبض عليه فى 1981، وحبس لإهانته رئيس الجمهورية مرة أخرى عقابا على قصيدة "أوأه":
أوأه المجنون أبو برقوقة
بزبيبة غش وملزوقة
عيرة وبرانى وملزوقة
نصاب ومنافق وحرامى
ودماغه مليانة مناطق موبوءة
والنكتة كمان انه حلنجى
وعامل لى فكاكة وحندوقة
مع إن الجحش أفهم منه
والعالم فاهمة ومفلوقة
بسلامته بيسرح قال بينا
يعنى إحنا مواشى يا زقزوقة
دا إحنا الحريفة العريفة
غيرش الأيام المدعوقة
شفت الولدات الشلبية
ليلة التحرير يا أسطى فاروقة
دول هما ولادنا وأكبادنا
وقلوبنا عليهم مشقوقة
يا سلام يا صلاة النبى أحسن
على جيل العلم يا مرزوقة
حلوين وحياتك يا بلدنا
يا أم الخيرات المسروقة
إحنا اللى رمينا البذراية
وروينا الأرض المعزوقة
وحنحصد بكره وحنغنى
وعيون الخاين مخزوقة
محاولات عدة لإسكاته، باءت جميعها بالفشل، فنجم الذى قضى 18 عاما من عمره فى المعتقلات والسجون، ترك السجن له براحا يتنفس فيه أكثر فكتب أكثر، لتصبح قصائده "المحبوسة" الأشهر على الإطلاق فأول دواويينه "صور من الحياة والسجن" الذى كتبه فى السجن كان السبب فى شهرته قبل أن يعرفه الناس، وبعد تكرار اعتقاله فى عصرى الرئيسين الأسبقين جمال عبد الناصر وأنور السادات، لم يكف نجم عن الكتابة التى كانت له الحياة، حتى صارت كلماته ضميرا للعديد من المصريين الذى تغنوا بها مرارا، وكلما استشعروا الظلم وأرادوا إيقاظ هممهم لجأوا إلى "الفاجومي"، فكانت كلماته خاضرة فى ميدان التحرير أثناء ثورة الـ25 من يناير 2011، وكذلك فى ثورة الـ30 من يونيو2013.