أكد الدكتور إسلام إحسان المستشار بالنيابة الإدارية، أن الدستور فى سبيل الحفاظ على المال العام وضمان جدية المساءلة التأديبية لكل موظف عام يعتدى على المال العام، أناط فى المادة 197 بالنيابة الإدارية بوصفها هيئة قضائية مستقلة التحقيق فى المخالفات المالية، إيمانا من المشرع الدستورى بأن مثل هذه المخالفات يتعين إسناد التحقيق فيها لهيئة قضائية محايدة تتمتع بالاستقلال التام عن جهة الإدارة، قادرة بحكم ما وفره لها القانون من صلاحيات وضمانات، على استجلاء وجه الحق والحقيقة فى هذه المخالفات وتحديد المسئول عنها وتحميله بقيمة الأضرار المالية التى نشأت عن إهماله أو تقصيره فى عمله.
وأضاف الدكتور إسلام إحسان المستشار بالنيابة الإدارية، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أنه لتحقيق ما نص عليه الدستور، يتعين إجراء تعديلات تشريعية لعدد من القوانين لإزالة العقبات العديدة التى تحول دون تحقيق الهدف الذى توخاه الدستور، مشيرا إلى أنه يوجد العديد من القوانين واللوائح التى تنظم شئون بعض ظوائف العاملين تستبعد النيابة الإدارية من التحقيق مع العاملين بها إذا ما وقعت منهم مخالفات مالية، وهو أمر فضلا عن تعارضه مع أحكام الدستور، من شأنه الإضرار بالصالح العام، فالدوافع التى حدت بالدستور إلى إناطة التحقيق فى المخالفات المالية والإدارية إلى هيئة قضائية تتوافر بالنسبة لكل مال عام وقع اعتداء عليه أيا ما كانت الجهة التى وقع فيها هذا الاعتداء، وبغض النظر عن صفة المعتدى الوظيفية، أو ماهية القانون أو اللائحة التى تنظم شئونه الوظيفية، ومن ثم لم يعد من المقبول أن تتمتع بعض فئات العاملين بالدولة بأحكام خاصة تنظم التحقيق معهم وتأديبهم، أو تضع قيودا على مباشرة النيابة الإدارية التحقيق مع هؤلاء العاملين.
وأوضح المستشار بالنيابة الإدارية، أن من بين هذه القوانين ما جاء بقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 من السماح للهيئات العامة بأن تضمن لوائحها الخاصة ما تشاء من القواعد القانونية دون أن تلتزم بأحكام الشريعة العامة، فاستغلت بعض الهيئات العامة ذلك وعمدت إلى تضمين لوائحها نصوص تجيز لها التحقيق فى المخالفات المالية ومع شاغلى الوظائف العليا بها، وعدم إبلاغ النيابة الإدارية بهذه المخالفات، وقصر سلطة وقف المتهمين عن العمل احتياطيا على رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة فقط، دون النيابة الإدارية بالمخالفة للأحكام الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة، وهو ما يتعين تداركه بتعديل المادة الثانية من قانون 47 لسنة 1978 بأن تتضمن إلزام الهيئات العامة بعدم تضمين لوائحها ما يخل باختصاصات النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
و طالب "إحسان" بإلغاء القيود الواردة على عمل النيابة الإدارية بالمادة 163 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات من تقييد اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق مع العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس بضرورة الحصول على موافقة على التحقيق قبل مباشرته من رئيس الجامعة أو من وزير التعليم العالى، وما تضمنته المادة 164 من ذات القانون من إسناد الاختصاص بإحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بقرار من رئيس الجامعة فقط، لافتا إلى أنه بموجب هذه المادة تم إلغاء سلطة النيابة الإدارية الأصيلة الواردة فى قانونها بإحالة العاملين الخاضعين لولايتها إلى المحاكمة التأديبية إذا رأت وجها لذلك، وما ورد بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن شركات القطاع العام، الذى قيد فى المادة 83 منه اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق مع العاملين من شاغلى الوظائف العليا بشركات القطاع العام بالحصول على إذن بذلك من رئيس مجلس إدارة الشركة، وما ورد بالقانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام من التفرقة بين الشركات القابضة والشركات التابعة التى صدرت لوائح العاملين بها فى الخضوع لولاية النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
وأوضح إحسان أن القوانين واللوائح التى تضع نظاما خاصا للتأديب لبعض الجهات بدعوى الاستقلال والحرص على قيام الموظف العام بهذه الجهات بمهام عمله دون خوف، مما يؤدى ذلك إلى إخراج العاملين بهذه الجهات من ولاية النيابة الإدارية، واستغلال وظائفهم بما يحقق النفع الخاص، دون رعاية للمصلحة العامة، وهو ما يؤدى إلى إهدار المال العام وعدم الحفاظ عليه، خاصة أن الأمر إلى علم الهيئة القضائية المنوط بها دستوريا التحقيق فى المخالفات المالية، وهو ما يؤدى إلى عدم معاقبة هؤلاء العاملين عما استحلوه لأنفسهم من أموال الدولة، وهو ما يستوجب إعادة النظر فى هذه القوانين واللوائح، خاصة أن معظم هذه اللوائح والقوانين مخالفة للدستور الذى أناط بالنيابة الإدارية التحقيق فى المخالفات المالية على إطلاقها، دون قيد أو شرط، فلا يجوز أن تكون هناك جهة أو هيئة أو شركة لا يجوز للنيابة الإدارية التحقيق فى المخالفات المالية التى تقع بها، وإلا كان ذلك مخالفا لأحكام المادة 197 من الدستور التى جاءت عامة مطلقة لا يجوز تقييدها بأداة أدنى سواء فى قانون أو لائحة.
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرم محمود
النيابة الادارية جابت لى حقى