21 .. ذلك الرقم أخبرنى بضياع المرحلة كثيرة الألوان.. جعلنى رغماً عنى أودع الطفولة.. وكعادة البشر لا ندرك قيمة الأشياء إلا عندما يحين موعد رحيلها..لا نفهم اللعبة إلا فى نهايتها.. لا يعجبنا العرض إلا عندما يبدأ المشهد الأخير فى الظهور.. نحن لا نعرف قيمة الطفولة إلا عندما نكبر.. لكن بالنسبة لى أنا كنت أدرك قيمة ذلك جيداً، كنت أعرف أنه شىء رائع أن تكون طفلاً.. أكثر ما تجيد فعله هو الأحلام.. أعتقد أن أسعد الكائنات هى الأطفال والعصافير.. كلاهما لا يفكر فى الغد.
إنه العام الدراسى الأخير.. بعد قليل سوف أنضم لعالم الكبار لأذهب للعمل صباحاً وأشاهد برامج التليفزيون المملة مساءً..لكنى سأبذل قصار جهدى كى أحافظ على قدرتى على الاندهاش، وأعتنى بتلك الطفلة الموجودة هنا فى أعماق قلبى، الفخورة بعلبة ألوانها الخشب وقصص الأطفال التى تعتبرها كنزها الصغير. حين كنت أمسك بأختى الصغيرة لأتصنع الجدية وأخبرها عن أشياء كثيرة لا تعرفها كونى أكبرها بأربعة أعوام.. أكثر ما يجول بخاطرى أين تذهب الشمس ليلاً وكيف يقضى القمر نهاره وأى وحدة يشعر بها وهو معلق وحده فى سماء ليلة شتوية.. والأهم من ذلك، هل العصافير تذهب للمدرسة مثلى كل يوم، هل تمتلك "دفاتر وأقلام"؟! كنت أحلم بأن أمتلك ذات يوم جناحين وأطير مثلهم.. ودميتى الصغيرة هل هى سعيدة بكونها دمية لا تستطيع الحراك، أم أنها تحلم بأن تركض و تلعب مثلى؟!.
الاحتفال وتمنيات السعادة والنجاح من أصدقائى أسعدتنى جداً، لكنى عدت لأسأل نفس السؤال عن ما مضى وما سيأتى.. ما هو العمر؟! أهو رقم فحسب؟! عداء يبدأ الركض بجنون بمجرد أن نجرب مذاق الهواء لأول مرة.. تهرب الأيام كطائرة ورقية أفلتت من أيدينا ونحن نقف نتابعها إلى أن تختفى!! أما أنا أريد أن أترك نجوماً و أصنع أسبابا للسعادة قبل أن يفلت الخيط من يدى.
صورة أرشيفية