لافتات منسية على الحوائط تستقر فوقها أسماء شوارع ومناطق دون أن نتساءل عن معانيها، وعن أسبابها، والأهم عن تاريخها الذى يحكى فى كل مرة عن صفحة عريضة فى تاريخ مصر، أسماء الشوارع وضعت فى الأصل لتذكرنا بتاريخ وبصفحات مهمة مرت على مصر حاول المسئولون توثيقها على الجدران غير أنه مع الوقت محيت الذكريات ولم تتبق سوى الأسماء.
ووفقا لكتاب "شوارع لها تاريخ"، الذى كتبه "عباس الطرابيلى"، فإنه حتى عهد محمد على باشا لم تكن هناك أسماء للشوارع، بل كانت هناك أحياء أو مناطق تحمل أسماء قبيلة عاشت فيها، أو أرباب مهنة تجمعوا بها، مثل الأزبكية التى سميت على اسم الأمير المملوك "أوزبك" الذى ما زال اسمه حاضرا رغم انتهاء عصر المماليك قبل سنوات طويلة، وكان محمد على باشا هو أول من يصدر مرسوما بتحديد أسماء الشوارع وتعليق هذه الأسماء على لافتات وأرقام لكل مبنى.
وأهم الشوارع التى حصلت على أسمائها بسبب المهن هى شوارع القاهرة الفاطمية، وهذا وفقا للكتاب، فالذين خططوا القاهرة الفاطمية راعوا أن يتركز أرباب كل مهنة أو حرفة فى شارع أو منطقة بعينها، ولذلك ظهر شارع النحاسين، والصنادقية، وهم باعة الصناديق التى كانت تقوم بمهمة الدولاب، وكذلك حى "الفحامين"، وفيه تركزت صناعة الفحم التى كانت صناعة مصرية مهمة فى ذلك الوقت، ثم الخيامية الذى ما زال حتى الآن مكانا لصناعة الخيام، وأيضا "الكحكيين" الذى كان يحمل باعة الكحك وأدوات صناعته.
أما فى الجانب الآخر وفى وسط القاهرة وتحديدا غرب ميدان العتبة وجنوبه حيث تعتبر المنطقة حديثة نوعا ما، وهى المنطقة التى بدأ تخطيطها فى عهد الخديوى إسماعيل والواقعة من الأزبكية وحتى أول بولاق من ناحية، ومن الفلكى وباب اللوق حتى ميدان التحرير من ناحية الأخرى فهى تحمل أسماء زعماء وقادة العمل السياسى فى مصر على امتداد 150 عاما، مثل شارع شريف، وعدلى، وثروت، ورشدى، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وأحمد عرابى.. وبعضها حمل أسماء ملكية مثل شارع فؤاد "26 يوليو حاليا" وفاروق "الجيش حاليا" والملكة نازلى الذى أصبح رمسيس، وتفويق والوفيقية، وأحمد عرابى، وسليمان باشا "الفرنساوى" الذى تحول الآن إلى طلعت حرب.
وكما يعشق المصريون الطعام، طبعوا هذا الحب على مجموعة كبيرة من أسماء الشوارع، مثل حوش الحمص، عطفة الحمصانى، بئر الحمص، مهمل الفراخ، الفراخة، عطفة قفص الوز، عطفة الماعز، شارع ضلع السمكة، شارع خميس العدس، وسوق البقر، وحارة العرقسوس، وعطفة المخللاتية، ودرب الجماميز، وعطفة البرقوقية، وعطفة بطيخة، وعطفة الخوخة.
ومن المعروف أن القاهرة تم إحاطتها بالأسوار لحمايتها، والتى تطلبت أن يتم ربط الشوارع بأبواب هذه الأسوار، ولذلك أتت الشوارع على أسماء البوابات والأسوار، مثل شارع باب البحر، وشارع باب الخلق الذى تحول إلى ميدان باب الخلق، وشارع باب الشعرية الذى تحول هو الآخر إلى ميدان باب الشعرية، وشارع باب زويلة، وشارع بين الصورين الذى يقع بين الصور القديم الذى بناه جوهر الصقلى منشئ القاهرة، وصور بدر الجمالى الذى استنجد به الخليفة الفاطمى لحمايته وحماية القاهرة وإعادة الأمن والاستقرار إلى العاصمة.
والغريب أيضا فى شوارع مصر أن هناك بعض الشوارع أخذت أسماءها كنوع من أنواع المجاملة، مثل شارع عبد العزيز الذى يشتهر الآن بتجارة الهواتف المحمولة والأجهزة الكهربائية، الذى شقه الخديوى إسماعيل قبل أن يطلق عليه اسم السلطان العثمانى عبد العزيز عندما زار مصر طمعا فى بعض المزايا، وأيضا شوارع مصر إيران، ومصدق ودارا وقمبيز وقورش وبهلوى، حصلت على أسمائها حينما كانت تربط مصر بإيران علاقات زواج أميرة مصر فوزية بنت الملك فؤاد بولى عهد إيران محمد رضا بهلوى.
وما لا يعرفه الكثيرون أيضا وفقا لما ذكره كتاب "شوارع لها تاريخ"، أن حى المهندسين يحمل فى الأصل اسم مدينة الأوقاف، وذلك لأن أرضه كانت وما زالت ملكا للأوقاف، وبالتأكيد يشير تاريخ بداية تأسيس هذا الحى فى عام 1950 إلى أسماء أهم الشوارع فيه، مثل شارع جامعة الدول العربية، والحجاز، وسوريا، ولبنان، ودمشق، وعمان، والجزائر، وجزيرة العرب، وغيرها من الأسماء التى تشير إلى الوحدة العربية.
وفى مصر الجديدة يستقر تاريخ مختلف، فالمنطقة التى حملت فى الأصل اسم "واحات عين شمس" حين أنشأها البارون إمبان، ثم تحولت إلى هليوبوليس قبل أن تصبح مصر الجديدة، تنقسم أسماؤها بين ما يعود إلى عصر سيطرة الخواجات مثل روكسى وتريومف، والبارون، وسانت فاتيما، والبعض الآخر يعود لحقبة التمصير فى أوائل الستينيات مثل عمر بن الخطاب، وأبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، والعروبة، وهارون الرشيد، والكربة، والخليفة المأمون والإمام على.
تعرف على تاريخ أهم المناطق فى مصر وسبب التسمية.. "المهندسين" كانت فى الأصل "الأوقاف".. والفاطميون طبعوا الأسماء بطبائع المهن فيها.. ومفاجآت فى شوارع سميت "مجاملة"
الخميس، 04 ديسمبر 2014 10:03 م
منطقة الأزبكية - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة