"احترس السينما ترجع إلى الخلف"، ليست نكتة أو عبارة ساخرة قد تستوقفك أثناء تصفحك لإحدى المقالات الناقدة دوماً، ولكنها ملخص سريع قد يمر بذهنك إذا حالفك الحظ أثناء ضغطك على "الريموت كنترول" متجاوزاً الإعلانات المسترسلة، والأغانى الهابطة، أمام واحد من ضمن 5 أفلام عربية "سبقت زمانها"، ورفعت جميعها شعار "المرأة المصرية أولاً"، قبل سنوات من ظهور الجمعيات النسوية والأصوات المطالبة بحرية المرأة.
أفلام زمان وضعت للمرأة صورة المتحررة ذات الحقوق المعلنة التى يستجيب لها المجتمع، وأخذت فى الاختفاء تدريجياً مع اختفاء سينما الأبيض والأسود، التى أعطت المرأة المصرية لقب حرة فى خمسينيات القرن الماضى، ووضعتها مديرة على زوجها فى ستينيات القرن نفسه.
الأستاذة فاطمة.. أول محامية فى السينما المصرية
لم تكن المرأة قد تجاوزت حدود المطبخ بعد، عندما أعلنت الفنانة فاتن حمامة عن ثورة أخرى تزامنت مع ثورة 1952، وهو وقت إنتاج فيلم "الأستاذة فاطمة" أول محامية" شاطرة" فى السينما المصرية التى أعلنت من هذا الفيلم حقوق المرأة فى العمل فى زمن الأبيض وأسود، فكرة الفيلم التى تعتبر "سابقة لزمنها" هى طموح الفتاة المصرية التى لم تملك آنذاك حقوقًا تذكر فى العمل، وهو ما جسدته فاتن حمامة التى تحدث أهلها أصحاب وجهة النظر السائدة "البنت مسيرها لبيتها"، وخطيبها الذى وافق على عملها لاقتناعه التام بفشلها فى العمل، الأمر الذى تطور فى نهاية أحداث الفيلم عندما تورط خطيبها كمال الشناوى فى جريمة واجتهدت "الأستاذة فاطمة" لإثبات براءته، وإثبات قدرة المرأة المصرية على العمل فى خمسينيات القرن الماضى، كصرخة مبكرة لحقوق بدأت فى الاختفاء فى السينما التى نهضت للحديث بحق المرأة فى العمل، ثم عادت مرة أخرى لمبدأ "الست مسيرها لبيتها" فى أفلام "اليومين دول".
أنا حرة.. شرارة الثورة النسوية التى لم تكتمل
الحسرة هى أقصى ما يمكن الشعور به أمام فيلم يعود إنتاجه لخمسينيات القرن الماضى، وعندما تدرك أن صرخة المرأة المصرية فى المطالبة بالحرية بدأت منذ عام 1959، بفيلم حمل الاسم نفسه بقوة "أنا حرة"، ما أصاب الدراما من تراجع يتجلّى فى كل مشاهد الفيلم بداية من أزياء الفنانة "لبنى عبد العزيز" التى ظهرت كنجمة أوروبية فى قمة الأناقة، ومروراً بتفاصيل الفيلم الذى جسد ملامحه الراحل المبدع "إحسان عبد القدوس"، والقدير "صلاح أبو سيف"، عندما قررا أن يكتبا سطور البداية فى حكاية "الثورة النسائية" فى مصر، قبل سنوات طويلة من ضياع حقوقها بين مشاريع الجمعيات، وأروقة المحاكم.
الحرية فى التعليم، العمل، وحتى الثورة، هى الحقوق التى حاولت "أمينة" بطلة الفيلم اقتناصها طوال الفيلم الذى يعتبر صرخة نسائية للمرأة التى انكتم صوتها داخل المجتمع، ورجوعه إلى الخلف مئات السنوات الضوئية، وتحول المرأة التى طالبت قديماً بالحرية لعدم حصولها على ما طالبت به "لبنى عبد العزيز من حقوق" وربما لم تشاهد الفيلم من الأصل.
الباب المفتوح.. باب على الحرية
بابٌ على الثورة، هكذا يمكن تسمية الفيلم الذى يعتبر باباً مفتوحاً على الثورة بكل أنواعها، بداية من ثورة البطلة على القيود الاجتماعية التى تضع المرأة فى قالباً ضيقاً لا يسمح بالحركة، ووصولاً إلى مشاركة المرأة المصرية فى الثورة على الظلم بكل أشكاله.
الفيلم من إنتاج عام 1963، فى وقت لم تكن مشاهد نزول الفتيات فى الشوارع للمشاركة فى المظاهرات أمراً عادياً، تبدأ أحداثه عندما قررت "ليلى" أو فاتن حمامة، المشاركة فى الثورة بأفكار متحررة لتنتقل من جحيم والدها الذى يكبح جماحها إلى جحيم خطيبها الذى لا يختلف عن والدها كثيراً، فتفقد ثقتها فى الجميع وتنطلق بحثاً عن ذاتها بعيداً عن قيود المجتمع الصارمة.
العمل الدرامى الذى يعتبر سابقاً لأوانه، كان بداية لباب لم تنجح المرأة فى إبقائه مفتوحاً، وصفعته الأفكار التى عادت للتجمد مرة أخرى داخل عقول صناع السينما المصرية، التى لم تعد تعطى المرأة حقها فى التعبير أو الثورة، ومازالت حتى اليوم تبحث عن حقوق قد تجاوزناها بزمن، وعدنا نبحث عنها فى بقايا الزمن الجميل.
الحقيقة العارية.. حقيقة امرأة رفضت "ظل راجل ولا ضل حيطة"..
"أنا مش محتاجة راجل فى حياتى، عشان أقدر أعيش"، جملة قالتها الفنانة "ماجدة" أثناء تحضيرها لحقيبة السفر لأسوان للعمل كمرشدة سياحية، بعنف وثقة أعلنت عن وجهة نظرها الغريبة على فتاة فى وضعها فى وجه والدتها التى قضت وقت الفيلم متحسرة على ابنتها التى شت عقلها، ورفضت الزواج وفضلت عليه العمل.
أعلنت عن حريتها فى العمل، واختيار حياتها بالشكل الذى تفضله، ثارت على شكل الفتاة التى وضعها المجتمع فى قالب واحد أمام المرأة للتزين فى انتظار "عريس الأحلام"، واختارت العمل، ووضعت الحب والزواج فى الخانة الثانية من قائمة أولوياتها، وهى الحالة التى سارت عكسها المرأة بمرور السنوات، التى حولت اهتمامات الفتاة المصرية فى السينما والدراما إلى البحث المضنى عن عريس الأحلام بدلاً من البحث عن عمل، فى مسلسلات مثل "أنا عايزة أتجوز"، وأفلام من نفس النوع تبحث فيها المرأة المصرية عن "عريس" كمطلب أول للحياة فى مجتمع يرجع للخلف.
مراتى مدير عام.. رجل متحضر وامرأة ناجحة وأسطورة طمسها الجهل..
قرار بتعيين السيدة "عصمت فهمى" مديرة لشركة الإنشاءات التابعة للقطاع الحكومى بدرجة "مدير عام"، وهو القرار الذى استقبله زوجها حسين عمر، الذى يعمل رئيساً لقسم المشروعات بنفس الشركة بتحضر لم يعد موجوداً فى السينما المصرية التى قدمت نموذجاً للزوج الذى يقدر عمل زوجته ويساعدها ويقدم لها الدعم دائماً، قبل أن يظهر النموذج الذى يضرب زوجته أو شقيقته، ويمنعها من الخروج من المنزل.
السيدة "عصمت" التى وصلت بها كفائتها لمنصب المدير العام، فلم ينسيها العمل دورها كأنثى أو زوجة ترعى زوجها، وتقف بجانبه، كما عالج الفيلم النظرة الاجتماعية للزوجة التى يضعها العمل فى منصب أعلى من زوجها، وقدم رسالة لم نأخذها فى عين الاعتبار فى أفلام أخرى أسقطت "مراتى مدير عام"، و"الباب المفتوح"، و"أنا حرة" من حسابات صناع السينما، وأبقت على "حلاوة روح " خير نموذج للمرأة المصرية فى أعين مجتمع "اليومين دول".
موضوعات متعلقة..
"حوارات" البنات أسلوب حياة.. أبرز 5 "اشتغالات" للأنثى فاحذرها.. أسطوانة "أنت أول راجل فى حياتى"..تدبيسة "جايلى عريس".."قاعدة مع ماما" هربًا من الاستجوابات.. وفخ "دموع الخناقات" سلاحها الأقوى تأثيرا
أفلام قديمة تكسر أسطورة "الست مسيرها لبيتها".. المرأة المصرية فى الأبيض والأسود مديرة وأستاذة.. "أنا حرة" يشعل شرارة الثورة النسوية التى لم تكتمل..وماجدة ترفض "ضل راجل ولا ضل حيطة"فى "الحقيقة العارية"
الجمعة، 05 ديسمبر 2014 12:40 م
أفيش فيلم الأستاذة فاطمة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة