كان الجو شديد البرودة، لذا تحركت الجنازة فى صمت، فى إحدى ضواحى فيينا متجهة تحديدًا إلى مقبرة سانت ماركس، 5 أشخاص فقط يتحركون حول النعش منهم اثنان وظيفتهما إيصال الجسد الهامد لمثواه الأخير.
هذه كانت المقطوعة الأكثر حزنا فى حياة الظاهرة الموسيقية أماديوس موتسارت (1756-1791)، لكن 35عامًا فقط قضاها موتسارت فى الحياة كانت كافية ليشغل العالم بموسيقاه، حيث نجح فى إنتاج 626 عملا موسيقيا، وقاد الأوركسترا وهو فى السابعة من عمره.
كما كان موتسارت أول مؤلف موسيقى يضع فهرسًا لأعماله التى نشرت للمرة الأولى عام 1862م وبعد معاناة كبيرة بسبب عدم توفر المال الكافى تدهورت أحواله الصحية والمادية وفيما كان يؤلف موسيقى القداس الجنائزى (ريكويم) أصابته الحمى وتوفى فى 5 ديسمبر 1791.
بدأ موتسارت ممارسة العزف فى سن الخامسة وشارك فى الحفلات الموسيقية فى قصور النمسا منذ كان عمره ست سنوات فلما بلغ السابعة فقط من عمره شارك فى جولة موسيقية جابت أوروبا مع أسرته.
وفى كتاب "موتسارت.. تلك المعجزة" الذى ألفه ستانلى ساديه تناول حياة موتسارت الشخصية والفنية ورأى أن موتسارت ولد عبقريا بالفطرة، فحين يكون الأب مؤلفًا وفيلسوفًا ومفوضًا إداريًا للأوركسترا، حتما سيدع المجال لابنه أن يطور موهبته، وأكد أن موتسارت كانت عبقريته تكمن فى أنه يستطيع أن يعزف بأسلوب الكبار، ويلجأ للارتجال فى أساليب مختلفة، ويعزف النوتة ارتجاليًا دون أن يتدرب عليها، ويعزف دون أن يرى مفاتيح العزف كأن تكون مغطاة بغطاء من القماش، ويضيف نوتة واطئة باللحن الأصلى ويسمى أى نوتة حال سماعها.
من ناحية أخرى عرف موتسارت بأعمال أوبرا لا تنسى، اقترنت بأحداث ومناسبات ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، مثل "زواج فيكارو" وهى رمز لصورة احتفالية يقتدى بها حين الشروع بالزواج لدى الغرب، أما كونشيرتو البيانو فهى موسيقى لفيلم وتميل إلى الشعرية وأبرع ما يشير إلى المهارة.
أما "حب وخداع، كل النساء سواء"، فهى تحفة فنية مؤلفة أخذت حذو الروائع الأخرى هى أوبرا (Cosi Fan Toutte ) ومن ثم أوبرا الناى السحرى التى تحكى للأطفال، وقصة تامينو وبابجينو.
أما أوبرا دون جوفانى، فهى قصة دون جوان، الذى أسر قلوب النساء، وقيدهن بقيود الرومانسية والشغف الأبدى وهى رائعة أخرى لموتسارت والذى كلل نجاحاته الموسيقية بسمفونية -40 (Symphony No. 40 in G Minor ).
إن "موسيقى القداس – Requiem" والتى عرفت بنمطها الحزين هى اشهر التراتيل المؤداة، وهى آخر أعماله التى لم ينهها، وهى تحكى قصة حزينة لنهاية الإنسان.
وفى النهاية انطلقت العربة التى تحمل جثمان العبقرى إلى مثواه الأخير فى ليل فينا المتشح بالحزن والسواد، إثر مرض ساد فى فينا ذلك الوقت، عرف بالتهاب البلعوم.. ليستقر فى حفرة عميقة يتنصت فيها لموسيقاه الصادحة.
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmad SALM
موتسارت ذلك الساحر