ورقة واحدة، غيرت مضمونها مجرى الأحداث فى أفلام مصرية لم تكن قد عاصرت زمن الموبايلات بعد، وظهرت فيها الرسائل الورقية كوسيلة كلاسيكية "أكثر روقانًا" من أية وسيلة أخرى لا تحمل المشاعر ذاتها؛ الحب، والشوق، والرعب، والقلق، والغيرة، وغيرها من المشاعر هى التى رسمتها الجوابات على وجوه عتاة سينما الأبيض وأسود.
أفلام لعب فيها "الجواب" دور البطل الذى نجح أحيانًا فى أداء دور لم ينجح فى تأديته بطل الفيلم نفسه، تمامًا كما فعل "حسين" أو "صالح سليم" فى فيلم الباب المفتوح بخطاب تحدث بما لا يمكنه البوح به فى وجه "ليلى" أو فاتن حمامة فى الفيلم، أو خطاب الانتحار الذى كتبه "رشدى أباظة" لـ"زوجته الـ13" شادية، وكان سبباً فى إنقاذ حياته، أو أشهر جُمَل السينما المصرية، مثل صوت هند رستم التى أعلنت عن واحد من أقوى إفيهات الشارع المصرى "كده برضه يا سونة يا خاين".
جواب صالح سليم.. لفاتن حمامة فى "الباب المفتوح".. نضج سينما الخمسينات
"أنا أحبك.. وأريد منك أن تحبينى.. لا أن تفنى كيانك فى كيانى.. أو كيان أى إنسان، أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التى تنبعث من نفسك لا للآخرين" بعيون يملؤها الشغف والدموع، تابعت "ليلى" أو فاتن جمامة رسالة حبيبها الذى رحل عنها فى بعثة لألمانيا بعد أن رفضت حبه، اعتقاداً منها أن الحب ضعف، وهزيمة للمرأة، وهو ما جعل وقع كلماته المليئة بالأمل والحرية صادماً عندما تابعت الخطاب الأشهر، والأكثر نضجاً فى السينما المصرية، والذى عبر محتواه عن المضمون الكامل الذى خرج من أجله واحدًا من أهم أفلام الخمسينيات والسينما على الإطلاق.
الحرية للمرأة التى تعشق الاستقلال، والحب الذى يضعها فى منزلة سامية تليق بامرأة مصرية اختارت مصيرها بيديها فى زمن لم يكن لصوت المرأة فيه مكاناً، والثورة على مجتمع لم يؤمن بالحب الذى يحقق للمرأة كيانها الخالص، هى أهداف الفيلم التى جاءت واضحة فى رسالة واضحة بصوت "حسين" لحبيبته ليلى، فى واحدة من أعظم الأفلام التى عرفتها السينما المصرية.
انتظرينى يا هدى حتى أعود إليكى.. أشهر جملة فى سينما الأبيض وأسود
"انتظرينى يا هدى حتى أعود إليكى"، كمن يعيد على مسامعها الجملة زيادة فى التأكيد، جاء أداء حسن يوسف فى خطابه للسيندريلا سعاد حسنى فى فيلم اللقاء الثانى، وهو الفيلم الذى تصدر فيه "الجواب" المشهد بحق، ولعب دور البطل طوال مدة الفيلم، الذى تكرر فيه مشهد السيندريلا متجهة نحو الدولاب الذى أخفت فيه خطاب "حسن يوسف" عن زوجها "رأفت" أو أحمد مظهر، تحكم إغلاق باب حجرتها، ثم تنغمس فى قراءة الجواب الذى حفظه المشاهدون، بعد أن رددته أكثر من مرة طوال الفيلم، وظل رمزاً لحبها القديم الذى لم تساعدها الظروف فى الحصول عليه، وتركت قلبها معلقاً بالخطاب الذى يمثل حبيبها، بينما يمثل لها الواقع بعيداً عن الخطاب زوجها الذى فرضته عليها الظروف، وهو ما ظهر واضحاً فى المشهد الأخير، الذى مزقت فيه الخطاب وألقته من النافذة، بعد أن ظنت أن زوجها قد لقى حتفه، وشعرت بحبه، فتخلصت من بقايا الحب فى الخطاب الغرامى الأشهر فى السينما المصرية، وتعلقت بالواقع محتضنة "أحمد مظهر" فى مشهد النهاية.
رشدى أباظة يقرر الانتحار فى خطابه لشادية فى الزوجة الـ13
مشوار طويل قطعته الزوجة الـ13 فى محاولة للانتقام من محطم قلوب الزوجات الـ12 اللاتى سبقنها إلى فخ "زير نساء" السينما المصرية، وهى المحاولات التى لم تؤتِ بثمارها سوى فى خطابه الأخير فى نهاية الفيلم، بعد أن أفاق من غيبوبة النساء والركض وراء الرغبات، وقرر الانتحار بعد أن فقد عمله وقلب زوجته التى لم يدرك حبها سوى فى نهاية الرحلة، خطاب أخبرها فيه بقرار الانتحار، قبل أن تنطلق عبقرية الإخراج التى امتازت بها أفلام "الأبيض وأسود"، وتدرك الزوجة على الفور مكانه وموعد انتحاره تحديداً وتقرر إنقاذه، بفضل الخطاب الذى كان الحل الأمثل بالنسبة للمخرج لإنهاء الفيلم.
موعد غرام.. استشارات الحب فى "جواب" قبل زمن الفيس بوك
قاضى الغرام.. كانت المهنة الأكثر "فانتازيا" التى اختارتها "فاتن حمامة" للعمل فى واحد من أهم أفلام "العندليب"، قابلته صدفة واختلطت الحقائب التى كانت سبباً للتعارف والخطابات التى لا نهاية لها طوال الفيلم، الذى قامت قصته فى المقام الأول على مجموعة من "الجوابات" التى يرسلها القراء لـ"قاضى الغرام" لاستشارات الحب، قبل سنوات طويلة من اختراع الفيس بوك، وتدشين صفحة "برايد جروب" على سبيل المثال كصفحة شبيهة بـ"قاضى الغرام" خاصة باستشارات "الفيسبوكيين" العاطفية.
الأسئلة التى اختلفت كثيراً فى مضمونها وطريقة عرضها فى صندوق بريد فاتن حمامة عن صندوق بريد "الاستشارات العاطفية على الفيس بوك"، هى التى وضعت حدوداً للمقارنة بين حب الأبيض وأسود، وحب "التواصل الاجتماعى"، كما تضع المقارنة بين كلاسيكية الرسائل، وطريقة الوصول الأكثر تعقيداً للنصف الآخر، كما برهن عبد الحليم حافظ طوال الفيلم فى رسائله لفاتن حمامة، وبرهنت رسائل قراء "قاضى الغرام" عن حب لم يعد حاضراً فى زمن "العلاقات التيك أواى".
عبد الحليم حافظ يكتب لزيزى البدراوى أطول جواب فى مصر
أطول جواب فى السينما المصرية، كتبه عبد الحليم حافظ لجارته زيزى البدراوى لرسم الحب الذى فشل فى التعبير عنه طول فترة الصيف فى فيلم "البنات والصيف"، ويتحول إلى واحدة من أجمل أغانى حليم التى خرجت فى صورة خطاب من أشهر جوابات الحب فى السينما المصرية بصوت العندليب الأسمر، وهو الخطاب الذى كتب تفاصيله الشاعر مرسى جميل عزيز، ولحن كلماته "كمال الطويل" قبل أن يظل فى تاريخ السينما خطاباً غرامياً مثالياً، يصلح للتعبير، وأغنية من أشهر أغانى "حبيب السينما" عبد الحليم حافظ.
أشهر "جواب مضروب" من عُمر الشريف للسندريلا
أسند عبد المنعم إبراهيم ظهره للفراش لحبك اللعبة التى قررها مع يوسف وهبى وعمر الشريف حبكها على"سميحة" أو سعاد حسنى فى فيلم "إشاعة حب"، أمسك بسماعة الهاتف وانطلق صوت "مارلين منرو الشرق" هند رستم بأشهر إفيهات السينما المصرية، "كده برضه يا سونة يا خاين ماتسألش فيّا، أحبك أعبدك، أموت فى هواك"، وهى العبارات نفسها التى كتبها "يوسف وهبى" فى خطاب مفبرك بإمضاء "هند رستم" لإقناع "سميحة" أن "حسين مقطع السمكة وديلها"، وتحول الخطاب فى لحظات إلى حديث المدينة، كما تحول إلى أشهر خطابات السينما بما تحمله من عبارات ما زالت مستخدمة حتى الآن، فى "القلش"، والسخرية وذكريات الزمن الجميل.
موضوعات متعلقة..
أفلام قديمة تكسر أسطورة "الست مسيرها لبيتها".. المرأة المصرية فى الأبيض والأسود مديرة وأستاذة.. "أنا حرة" يشعل شرارة الثورة النسوية التى لم تكتمل..وماجدة ترفض "ضل راجل ولا ضل حيطة"فى "الحقيقة العارية"
"جوابات" أفلام زمان تتفوق على عصر الـ"بوستات" الغرامية.. نضج الخمسينيات يتجلى فى رسالة صالح سليم لفاتن حمامة فى "الباب المفتوح".. استشارات الحب فى "موعد مع الغرام"..وحليم يكتب أطول خطاب لزيزى البدراوى
السبت، 06 ديسمبر 2014 05:18 م
أفيش فيلم الباب المفتوح
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة