كمراكب فوق اليمّ.. هى أغانى البرتغاليين.. ترحل من روح إلى أخرى.. تخاطر بالغرق
كيف تخاطر الأرواح بالغرق..؟ البرتغاليون الذين شغلوا أنفسهم كثيرا باكتشاف العالم وبالبحث عن شطآن بعيدة وحياة جديدة وأرض جديدة تحتاج إليها نفوسهم كى يشعروا بالراحة والاستقراء والهدوء، هذه الأرض أنبتت شاعرا لا يحب الطمأنينة، إنه فرناندو بيسوا.
حزين ذاك الذى يظن أنه بحاجة ليخدع نفسه بنفسه
الخداع الأكبر والوهم العظيم عندما تتحايل على نفسك.. وتصنع غرورك بيدك وتسكن فى ذلك الوهم، فقد عاش بيسوا حياته يبحث عن ذاته من خلال الكتابة، لم يكن اجتماعيا بل كان أميل للانعزالية والمراقبة، والانعزال عن العالم لا يعنى الانقطاع إنما معناه إعطاء فرصة أكبر للتأمل.
أنا هوامش مدينة ليس لها وجود.. أنا التعليق المسهب عن كتاب لم يكتب. . لست بأحد.. أنا لا أحد
امتلأت حياة بيسوا بتقلبات وأحداث كثيرة تركت أثارها فى شعره وحياته، فقد ولد الشاعر ـ كما جاء فى ''شذرات من سيرة'' كتبها المهدى أخريف توطئة للكتاب ـ يوم 13 يونيو عام 1888 فى الطابق الرابع من المنزل رقم 4 بساحة سان كارلوس فى لشبونة وتوفى يوم 30 نوفمبر 1935 فى لشبونة أيضا. عاش طفولته الأولى مع والديه ومع جدته لأمه، ديونيسيا، التى كانت تعانى من نوبات جنون تتميز بعدوانية شديدة العنف. لقد عاين، وهو طفل، العديد من الأزمات الحادة لجدته تركت فيه آثارا عميقة، وجعلته يعانى منذ فترة مبكرة الخوف من الجنون، قبل أن يصبح هو نفسه عرضة لنوبات هستيرية حادة بين الفينة والأخرى، نوبات سماها هو ''الموجات السوداء''. والد بيسوا: خواكيم سيبرا بيسوا، كان موظفا ذكيا ومثقفا وله اهتمام بالنقد الموسيقى فى ''يومية الأخبار''، وقد نشر بحثا صغيرا عن فاجنر. أما أمه، ماريا مادالينا نوغيرا، فقد درست فى معهد إنجليزى وكانت على ثقافة أدبية فنية وموسيقية واسعة، أعلى بكثير مما كان متوفرا لنساء عصرها، وكانت تتحدث وتكتب بتمكن تام، بالفرنسية والإنجليزية وعلى معرفة بالألمانية واللاتينية، كما كانت تؤلف أشعارا نيورومانطيقية متوائمة مع تلك الحقبة. لكن التأثير الحاسم فى التكوين الأول لبيسوا يعود إلى جدته لأمه ماريا وكانت امرأة مثقفة، شكاكة دينيا، ارستقراطية وملكية وذات مواهب أدبية أفضل من أمه، وقد كانت هى دون غيرها من حمله على كتابة أشعاره الأولى.. ثم مات أبوه.
أريدك لأحلم.. لا لأحبك
الحلم العالم المتسع الذى وجد فيه بيسوا الحل لكثير من معضلاته فمنه يبدأ الشعر وإليه يسعى.. كان الشاعر يكتب لكنه لا يهتم بما يكتبه.. هو يكتب لنفسه غير المطمئنة، كى يزيح عنها هما جاثما على هذه الروح اسمه الوهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة