يكفى أن تراه أمامك بقبعته السوداء وحذائه المختلف الكبير الممتلئ بالهموم والذى يعكس انحراف العالم، حتى يبدو على وجهك ما هو أكثر من الابتسام، إنه يضعك مرة واحدة فى قلب ضحكة طويلة لا تنتهى حتى تتجدد باستمرار، لكن هل انتبهت أنك تضحك على مأساة يقدمها لك ذلك الفنان العظيم، إننا نضحك على ظروفه القاسية وحياته المؤلمة، الأمر يتجاوز شريط السينما الذى يدور أمامنا، إنه حياة صعلوك حقيقى اسمه شارلى شابلن.
لن تجد قوس قزح ما دمت تنظر إلى أسفل
عندما لم يضحك الأمريكيون على أفلامه واجتمعوا كى يلاحظوا من خطواته الصغيرة أنه شيوعى ضد الدولة ولا يقدر البلد التى أعطته كذا وكذا وبدأوا يعدون عليه فضلهم، ولم يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية، قال لهم:
لا أنتظر أن تحبونى.. أنتم لا تعرفون الضحك
وبعد أن أدانته المخابرات الأمريكية فى أحد وثائقها. بسبب عبارته التى قالها خلال الحرب العالمية الثانية "إن الانتصار فى الحرب مرهون بالتعاون الكامل مع روسيا، وإيقاف الحرب ضد الشيوعيين". كما عزز فيلمه المثير للجدل "المسيو فيردو 1947" التهمة عليه، حيث قام مكتب التحقيقات الفيدرالى عام 1948 بالتحقيق مع شابلن الذى اعترف بأنه لا يعرف شيئاً عن الشيوعية، ولم يقرأ كتابات كارل ماركس، وأنكر أنه تبرع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحزب الشيوعى فى أمريكا وعندما سأل عن سبب رفضه حمل الجنسية الأمريكية قال" لأننى مواطن عالمى.. أنا رجل أنتمى إلى العالم كله".
يوم بلا ضحك هو يوم ضائع
كانت ملامحه البائسة تشى بالحزن المختبئ خلف الابتسامات، كان الفقراء هم أصدقاؤه والمشردون والذين بلا وطن هم أهله، دائما ما يذكر أمه التى ضحت من أجله حتى فقدت عقلها، كانت صورتها الشاردة تتمدد أمام عينيه طوال الوقت.. تقطع عليه ضحكته إن حاول، حاول أن يجد السلوى فى النساء المحيطات به لكنهن لم يذدنه إلا حزنا.
كان علىَّ أن أكبر وأن أتحمل المسئولية، وأن أفرغ إلى لقب يتيم قبل الأوان
ولد شارلى سبنسر شابلن، فى ضاحية "والوورث " وهى الأكثر فقرا وبؤسا فى لندن فى 16 إبريل 1889م، وهو يذكر، فى سيرته الذاتية "هذه حياتى"، بأن طفولته تشبه الطفولة التى رسمها الروائى الإنجليزى تشارلز ديكنز فى رواياته العديدة... حيث يذهب الطفل شارلو إلى الملجأ لعدم وجود منزل يأويه... وبعد الملجأ، عمل بعض الوقت صبى حلاق... وفى أحد الأيام تقع عين شارلو على حوزى عربة كان يمشى مشيه غريبة، وهنا حاول تقليده، وبعدئذٍ أصبحت المشية المميزة لشابلن فى معظم أدواره السينمائية، ولا سيما فى أفلامه الصامتة.
كان والده مغنياً فى "الميوزيك هول"، وهو من أصل فرنسى، وكانت أمه مغنية وممثلة من أصل يهودى. تعرف باسم ليلى هارلى. وقد انفصل والداه قبل أن يبلغ تشابلن 3 سنوات، حيث تعلم هذا الأخير الغناء من والديه. ورغم وراثته الموهبة الفنية عنهما، إلا أنه لم يعرف النعيم والشهرة بفضلهما، بل عانى فى طفولته انفصال الأبوين وهو فى الثالثة من عمره، فعاش مع والدته فى فقر مدقع وظروف صعبة خاصة بعد أن فقدت الأم عملها فى المسرح نتيجة لإصابة أحبالها الصوتية، كما اضطر شارلى الصغير إلى العمل مع أخيه الأكبر غير الشقيق سيدنى فى مسح الأحذية، وبعد سنوات تأزمت ظروف العائلة ولم تعد والدة شابلن قادرة على رعايته هو وأخوه، فقررت السلطات وضع تشابلن وسيدنى فى ملجأ الفقراء فى "لامبث"، ثم انتقلا بعد ذلك بعدة أسابيع إلى مدرسة "هانويل" للأطفال الأيتام والمعدمين. توفى والده الذى كان مدمناً على الكحول عندما كان عمر تشارلى 13 عاما، وعانت والدته انهيارا عصبيا لتوضع فيما بعد، بشكل مؤقت، فى مصح للأمراض العقلية.
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ مصطفي
انا معايا 40 فيلم لشارلي شابلن , مجانا لمن يريدهم