حيقفز اسم الشيخ "مصطفي عبد الرزاق" الي الذاكرة، فأنت أمام علامة في طريق التنويرين، كان شيخا معمما لكنه تنويريا كبيرا كأستاذه الشيخ محمد عبده، وظل سندا كبيرا لـ" كوكب الشرق " أم كلثوم في بداية حياتها الفنية، ومشجعها في تطوير الغناء المصري، وكان مجرد ذكر اسمه كواحد من كبار رموز مصر المعجبين بغنائها، كفيلا بحمايتها ممن يضعون العراقيل أمام مسيرتها الفنية، ورغم ذلك لم تكن فترة توليه شيخا لأزهر جيدة بالنسبة له.
اللافت أن تاريخ اليوم الذي تولي فيه الشيخ مصطفي عبد الرزاق مشيخة الأزهر"16 فبراير 1946" هو نفس تاريخ اليوم الذي توفي فيه بعد عام بالضبط "16 فبراير 1947"، وقصة ترشيحه لـ" المشيخة" فيها صراعات حزبية وتدخل ملكي، بما يعطي في النهاية شكا قويا حول، ما يقال بأن "الأزهر" كان مستقلا وبعيدا عن التدخلات السياسية وقتئذ.
في قصة توليه شيخا للأزهر، والتي يأتي بها الكاتب والمؤرخ حلمي النمنم، في كتابه "الأزهر - الشيخ والمشيخة"، ومذكرات "حسن يوسف" وكيل الديوان الملكي، سنجد الخلاف بين الديوان الملكي والملك فاروق، وسنجد تغييرا من مجلس النواب لشروط المنصب حتي تتوافق مع رغبة الملك فاروق، والقصة تبدأ بعد وفاة الشيخ مصطفي المراغي شيخ الأزهر في أغسطس 1945، والذي واكبه ترشيح الديوان الملكي للشيخ عبد المجيد سليم للمنصب، وكانت الشروط كلها مطابقة عليه، فهو "عالم وورع وتقي"، وعضوا بهيئة كبار علماء الأزهر، وكان صاحب ولاء للقصر الملكي، حيث عمل فيه إماما للملك "فؤاد" والد "فاروق"، لكن الملك "فاروق" فاجأ الجميع بالرفض، وأمر بترشيح "مصطفي عبد الرزاق" الذي كان وزيرا للأوقاف.
رغبة الملك فاروق اصطدمت بمشكلة تتمثل في أن "عبد الرازق" لم يكن عضوا في هيئة كبار علماء الأزهر، ولا ينطبق عليه شرط أن يكون مرشح المشيخة مضي عليه 10 سنوات في التدريس بالأزهر، و"عبد الرازق" لم يمارس التدريس في الأزهر، وقام بتدريس الفلسفة في جامعة القاهرة ( فؤاد الأول وقتئذ ) فقط، التي تطورت معه لأن يكون مؤسسا لقسم "الفلسفة الإسلامية" في الجامعة.
تنفيذ الأمر الملكي أدي بحكومة "النقراشي" الي أن تتقدم بتعديلات إلي مجلس النواب علي شروط تولي منصب "شيخ الأزهر"، ورغم معارضة "الوفد" إلا أن"النواب" قرر إلغاء شرط عضوية هيئة كبار العلماء، وتعديل شرط التدريس في الأزهر عشر سنوات، الي أن يشمل التدريس أيضا "جامعة فؤاد أو جامعة فاروق لمدة خمس سنوات".
من قلب الأزهر، جاءت معارضة الشيخ عبد المجيد سليم، مرشح الديوان الملكي الذي تنطبق عليه الشروط، والشيخ مأمون الشناوي وكيل الأزهر الذي تقدم باستقالته من منصبه احتجاجا علي تخطيه من قبل الملك وديوانه.
شغل مصطفي عبد الرازق منصب شيخ الأزهر، وظل مدة عام لم يحقق فيه شيئا، وعاني من الفشل الكبير، وشكا كثيرا مما يتعرض له من الأزهريين، وأعلن ندمه علي قبول المنصب.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 16 فبراير 1946.. مصطفى عبد الرازق شيخا للأزهر بتدخل من الملك فاروق
الأحد، 16 فبراير 2014 09:18 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة