في علاقة المسلمين بالمسحيين في مصر حكايات تعكس طبيعة الحالة السياسية والحضارية لزمنها ،ولأن مصر ظلت قرونا تحت حكم الدولة العثمانية ، فلم تكن استثناء من الوضع السئ للمسيحيين في البلاد التي تقع حكمها .
في مثل هذا اليوم (18 فبراير 1856) ، حدث انقلابا ضد الحالة التي ظل المسيحيون عليها ، حيث أصدر السلطان عبد المجيد الأول قانون تنظيم بناء دور العبادة في الولايات التابعة للدولة العثمانية ، ويطبق علي كل الملل والأديان غير الإسلامية ، وعرف ب" إصلاح الخط همايوني " ،وينص علي ، المساواة بين كل المواطنين في الدولة العثمانية ، وينتخب بطاركة رؤساء الكنائس من كل الملل ، وتكون فترة انتخابهم حتي مماتهم ، ولا يحق لأحد نزع سلطان البابا إلا من كنيسته علي وجوب إبلاغ فقط من الباب العالي باسم البابا الجديد في كل مرة ،كما ينص القانون علي أن السلطان شخصيا وفقط له الحق في ترخيص بناء وترميم الكنائس والمقابر الخاصة لغير المسلمين ، وإعفاء الكنائس من الضرائب والمصروفات ، وتشكيل مجلس مكون من رجال الكنيسة ( كهنة أو رهبان ) ورجال من خارج الكنيسة ( مسيحيين غير الرهبان والكهنة ) لإدارة شئون الملة والمعروف باسم المجلس الملي العام .
ونص القانون علي إجبار أي شخص علي ترك دينه ، ومحو كل الألفاظ التي تمس فئة من الناس مثل الدين والملة ، ويكون حق التعيين في مناصب الدولة المدنية والعسكرية للكفاءة بدون تمييز في الدين ، وإلزام كل مواطني الدولة بالخدمة العسكرية ، وتكون الدعاوي القضائية بين المسيحيين والمسلمين في دواوين عبارة عن محاكم خاصة يرأسها قضاة من الطرفين .
كانت مصر قبل صدور هذا القانون قد قطعت شوطا كبيرا في تقدم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ، فمنذ لحظة اعتماد محمد علي باشا علي المصريين في حكمه لمصر ، قضي مبدئيا علي التفرقة بين المسلم والمسيحي التي كان من أبرز مظاهرها ، ارتداء المسيحيين والأورام للزي الأزرق والأسود ، ولا يتعممون بالشيلان الكشميري الملونة غالية الثمن.
يذكر "نوبار باشا " ( عمل وزيرا لمحمد علي ) في مذكراته :" لم يكن مسموحا للرعية بأن يبقي علي ظهر دابته إذا التقي بتركي أو مسلم ، حيث كان يتحتم عليه الترجل كرمز للاحترام والخضوع ، ثم يمر أمامه حاملا نعليه في يديه " .
وفي قصة تحمل دلالات عميقة يحكي نوبار :" حدثت جريمة في الاسكندرية ارتكبها مركبي عربي ، وكان الضحية شابا مسيحيا قتل ، وألقيت جثته في الماء ، وتم القبض علي القاتل وإيداعه في السجن لحين تنفيذ حكم الإعدام فيه ، ونصبت المشنقة بالقرب من عامود بطليموس ، فسارت جموع غفيرة من الناس خلف المحكوم عليه بالإعدام أثناء اقتياده لتنفيذ الحكم ، وتردد همسا :" كيف يشنق مسلم لأنه قتل كافرا ؟ ، ألم يعلمنا أساتذتنا في القانون أن حياة مسلم تساوي حياة عشرة من الكفرة ، وإذا تم شنق هذا الرجل فعلينا قتل تسعة من هؤلاء المسيحيين ، وبمجرد أن أعلن طاهر بك رئيس البوليس أن الوالي أمر بشنق أي شخص تسول له نفسه بإبداء أي ملاحظة ، ووضع الجثة بجوار القاتل ، فانصرفت الجموع فجأة واختفت
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..18 نوفمبر 1856.. السلطان يصدر الخط الهمايونى.. ومحمد على سبقه فى التطبيق
الثلاثاء، 18 فبراير 2014 08:26 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة