كانت الساعة الواحدة ظهرا فى مثل هذا اليوم ( 20 فبراير 1910 )،حين خرج بطرس باشا غالى رئيس الوزراء من وزارة الخارجية، وبينما يهم من ركوب سيارته، اقترب شاب منه متظاهرا برفع عريضة له، لكن المفاجأة كانت فى رصاصتين أطلقهما “الشاب “عليه، وما كاد يلتفت حتى واصل "الشاب“ إطلاق رصاصته، وكان مجموعها ست، لينتقل إلى المستشفى ثم يموت فيها بعد نحو 24 ساعة.
" كانت الرصاصات الست أول ما فرق الهدوء المصرى “وهذا التعبير البليغ ل" فتحى رضوان “فى كتابه:" نصف قرن من السياسة والأدب "،وكان القاتل “إبراهيم الوردانى "، شابا يبلغ من العمر "24 عاما"، درس الصيدلة، والتحق بالحزب الوطنى بزعامة محمد فريد، يصفه رضوان:" كان نحيلا قمحى اللون، تشوب وجهه سمرة مصرية، هادئ فى الظاهر، شديد العصبية والحساسية فى الباطن ".
حتى يوم “الاغتيال “كان الخصام بين “بطرس غالى “والحركة الوطنية المصرية قد بلغ مبلغه، لم يكن ل" الخصام “علاقة بأبعاد دينية، أى وضعه فى خانة أن بطرس غالى “مسيحيا “يشغل رئاسة حكومة مصر بأغلبيتها المسلمة،وقبلها تولى “نظارة الخارجية 13 عاما متصلة من 12 نوفمبر 1885 حتى 1908 "، ولما أبلغ الخديوى عباس حلمى الثانى المعتمد البريطانى فى مصر “ألدن جوست “عن اختياره ل" غالى “رئيسا للوزراء، سأله “جوست ": ألا يحصل انتقادا من الأهالى بتعيين قبطى رئيسا "، فرد الخديوى:" إنه قبطى ولكنه مصرى ".
كان خصام الحركة الوطنية له يقف على أرضية وطنية تماما من خلال دوره فى أربع قضايا، الأولى، توقيعه اتفاقية اقتسام حكم السودان مع الاحتلال البريطانى فى يوم 19 يناير 1899، أما الثانية فكانت رئاسته لمحاكمة "دنشواى “يوم 23 نوفمبر 1906 والتى انتهت بإعدام أربعة من أهالى القرية، والأشغال الشاقة على 12 وجلدهم 50 جلدة، لاتهامهم بقتل ضابط بريطانى مات متأثرا بضربة شمس، أثناء قيام مجموعة من الجنود البريطانيين بصيد الحمام دخول حقول الفلاحين ب" دنشواى "،وهى القضية التى ألهبت المشاعر الوطنية ويحفظها التاريخ المصرى بوصفها نموذجا لقهر المصريين.
أما الثالثة، فكانت إعداده لقانون المطبوعات يوم 25 مارس 1909،الذى وضع قيودا على الأقلام والصحف المعارضة لسياسة “عباس حلمى الثانى “المهادنة للاحتلال،وتبقى القضية الرابعة، وهى موافقته على مشروع مد امتياز قناة السويس لبريطانيا 40 عاما جديدة، وكان “الامتياز “المعمول به ينتهى فى عام 1968، ومده يؤدى إلى استمراره حتى عام 2008.
وضعت هذه القضايا الأربع “بطرس باشا غالي"، فى مواجهة الحركة الوطنية المصرية، ودفعت “الوردانى “لاغتياله “دون ندم، وحسب ما يذكره فتحى رضوان فى كتابه “نصف قرن من السياسة والأدب ": “لما دخل الوردانى إلى غرفة النائب العام، لم ينكر فعلته، ولم يندم عليها، وأكد أنه نفذها دون شريك، ولا محرض، ولامعين إلا عقله وقلبه."
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 فبراير.. 20 فبراير 1910.. اغتيال بطرس غالى باشا.. و"الوردانى": "قتلته بعقلى وقلبى"
الخميس، 20 فبراير 2014 08:51 ص
بطرس غالى باشا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة