تلقت دمشق رسالة من القاهرة تفيد بزيارة عبد الحكيم عامر إلى سوريا للإعداد لزيارة جمال عبد الناصر إليها، كان ذلك بعد إعلان الوحدة رسميا بيومين، وبمقتضى الاستفتاء الذى أجرى لذلك، أصبح "عبد الناصر" رئيسا ل" الجمهورية العربية المتحدة "،و أصبحت مصر الإقليم الجنوبى لدولة الوحدة، وسوريا إقليمها الشمالى.
توجه رئيس الأركان السورى عفيف البزرى على رأس وفد كبير إلى مطار “المزة “فى دمشق لاستقبال “عامر "،فى مثل هذا اليوم ( 24 فبراير 1958 ) وكانت المفاجأة الكبرى فى أن “عبد الناصر “هو الذى ينزل من الطائرة، كانت مفاجأة لأنه لم يتم إخبار أحد فى سوريا بالزيارة خوفا من محاولة اغتيال “عبد الناصر "،بعد الغضب الذى أصاب أطرافا إقليمية ودولية من خطوة الوحدة.
فى دقائق قليلة قطع موكب “عبد الناصر “المسافة إلى منزل نائبه “السورى “شكرى القوتلي" فى شارع “أبو رماية "، كان "القوتلى “نائما فتم إيقاظه، وإخباره بأن عبد الناصر والوفد المرافق له فى صالون المنزل، وجاء “أكرم الحورانى “رئيس المجلس النيابى وكبار المسئولين السوريين،بعد إبلاغهم بأن “عبد الناصر فى منزل “القوتلى ".
وحسب متابعات الصحف المصرية الصادرة فى الأيام التالية للزيارة، وكتاب “سنوات الغليان “للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فإنه بعد دقائق قليلة من وصول “عبد الناصر “إلى منزل “القوتلى "، عم الخبر مدينة دمشق كلها، فخرجت المدنية عن بكرة أبيها زاحفة إلى شارع “أبو رمانة "، وأحاطت الجماهير بمنزل “القوتلى “وهى تهتف ل" عبد الناصر "، وتطلب منه الخروج إلى الشرفة لإلقاء التحية عليها.
كانت مئات الأمتار فقط تفصل بين منزل “القوتلى “وقصر الضيافة الذى سيحل فيه عبد الناصر،لكن موكب الرئيس استغرق عدة ساعات بسبب مئات الآلاف المحتشدة، وبلغ الترحيب مبلغه برفع الجماهير للسيارة “كاديلاك “التى تقل عبد الناصر من على الأرض، فى مشهد لم يحدث لأى رئيس فى أى دولة.
دخل "عبد الناصر “قصر الضيافة، لكن الجماهير لم تنصرف،وبين فترة وأخرى كان يطل من الشرفة لتحية الجماهير والتحدث إليها، وبلغ عدد المرات التى خطب فيها 20 مرة.
تدفق الملايين من المدن السورية إلى دمشق فى اليوم التالى للزيارة، وزحف مئات الآلاف من لبنان فى مواكب لا تنقطع بالسيارات،وصممت وفود لبنانية على عدم الانصراف قبل مقابلتها ل" عبد الناصر “والتحدث معه ومبايعته، وكان التسابق على من يأتى أسرع من الآخر، حتى يفوز بمكان قريب من القصر يستطيع من خلاله رؤية عبد الناصر بطريقة أوضح.
بات الناس فى العراء أمام قصر الضيافة والشوارع المحيطة به، ينتظرون طلة زعيمهم وكلماته التى يلهب بها حماسهم، حتى كان خروجه من الشرفة للتحية والتحدث بمثابة إذن انصراف لجماهير محتشدة، لإحلال جماهير أخرى محلها، وفى المساء صعد “عبد الناصر “إلى الدور العلوى للنوم، غير أن مفاجأة كبيرة كانت فى انتظاره أعلن عنها فى اليوم التالى.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..24 فبراير 1958..السوريون يحملون سيارة عبد الناصر ويخطب فى يوم واحد 20 مرة
الإثنين، 24 فبراير 2014 07:51 ص
الزعيم جمال عبد الناصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة