أعربت مؤسسة حرية الفكر والتعبير والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، اليوم، عن بالغ قلقهما إزاء الحكم الذى أصدرته محكمة جنح ببا "بنى سويف" أمس الثلاثاء 11 مارس 2014 بتأييد الحكم الصادر ضد الكاتب والحقوقى “كرم صابر" مدير مركز الأرض لحقوق الإنسان، بتاريخ 13 يونية 2013 بحبسه خمس سنوات وكفالة 1000 جنيه، على خلفية اتهامه بازدراء الأديان بسبب قيامه بتأليف ونشر عمل أدبى بعنوان "أين الله".
وقالت المؤسستان فى بيان لهما، اليوم، إن الملاحقات القضائية للمبدعين، وإصدار أحكام بحبسهم لمجرد ممارستهم للإبداع الأدبى أو الفنى أو الثقافى هو عار سيظل يلاحق كل من ادعوا كذباً دفاعهم عن مدنية الدولة، واحترام الحقوق والحريات، التى أصبحت هدفاً لمزيد من الانتهاكات تحت حكم السلطة الحالية.
واعتبرت المنظمتان إقحام المؤسسات الدينية فى قضايا الرأى والإبداع سمة من سمات الاستبداد الدينى القائم على افتراض امتلاك هذه المؤسسات للحقيقة المطلقة والقول الفصل فى المسائل التى تمس حريتى الاعتقاد والرأى فى المسائل الدينية، وهو أمر يتنافى مع مبدأى سيادة القانون والمواطنة، خاصة أن هذه المؤسسات تملك تاريخاً معادياً لحرية الرأى والتعبير، خاصة فى مجالات التعبير الفنى والثقافى.
وأشار البيان إن الحكم الصادر ضد “صابر” يتنافى مع ما هو منصوص عليه فى الدستور القائم الذى حظرت المادة (67) منه توقيع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، التى لا تدخل فى نطاق الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد.
كما أوضحت المنظمتان فى بيانهما الصحفى أن تزامن الحكم الصادر بحبس الروائى والحقوقى كرم صابر، مع شروع المجلس العالمى لحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة فى مراجعة التزامات مصر الدولية فيما يتعلق باحترام وتعزيز حقوق الإنسان، من خلال آلية الاستعراض الدورى الشامل، هو رسالة من السلطات المصرية الحالية للمجتمع الدولى وللمدافعين عن حقوق الإنسان بأنها ماضية نحو مزيد من الانتهاكات التى تضاعفت منذ توليها للسلطة.
وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومؤسسة حرية الفكر والتعبير السلطات المصرية بضرورة التدخل الفورى لإيقاف محاكمات المبدعين وتطبيق نصوص الدستور الذى وصفته بأنه أعظم دستور فى العالم، فى حين أنها أول من ينتهك نصوصه على أرض الواقع.
تعود وقائع القضية إلى 12 أبريل 2011 عندما قام عدد من المواطنين بمحافظة بنى سويف بتقديم بلاغ يحمل رقم 600 لسنة 2011 إلى المحامى العام لنيابات بنى سويف، يتهمون فيه “كرم صابر” بإصدار مجموعة قصصية تحمل اسم “أين الله”، تحتوى على 11 قصة، تدعو إلى الإلحاد وسب الذات الإلهية وتحض على الفتن وإهدار الدماء.
وكانت النيابة العامة التى تولت التحقيق فى البلاغ سالف البيان قد طلبت رأى كل من مطرانية بنى سويف ومؤسسة الأزهر حول مدى صلاحية الرواية للنشر، وقد انتهى رأى مؤسسة الكنيسة إلى أن الكاتب يتهكم على المقدسات ويبتكر قصصًا بعيدة عن الأدب السامى والراقى، فيما رأت مؤسسة الأزهر أن محتوى الرواية هادم للقيم الفكرية للمجتمع المصرى ويمزق النسيج المصرى. وطالبت المؤسستان بمنع الرواية من التداول.