عطر الأحباب..«شمشون ولبلب» أو «عنتر ولبلب».. أغرب الأفلام الكوميدية!..هل تدخلت إسرائيل وضغطت بشدة لتغيير اسم الفيلم ؟

الجمعة، 11 أبريل 2014 10:16 ص
عطر الأحباب..«شمشون ولبلب» أو «عنتر ولبلب».. أغرب الأفلام الكوميدية!..هل تدخلت إسرائيل وضغطت بشدة لتغيير اسم الفيلم ؟ فيلم عنتر ولبلب
إشراف - ناصر عراق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..

فى طفولتنا كنا نعرف الفيلم باسم «عنتر ولبلب»، أما الآن فيعرض باسم «شمشون ولبلب»، ولا أحد يعرف السرّ، ولو دخلت على «يوتيوب» فستجد للفيلم مقدمتين: واحدة باسم «عنتر ولبلب» والخط المكتوب به اسم الفيلم متسق تمامًا مع بقية الأسماء فى المقدمة، أما المقدمة الثانية فستكتشف أن اسم الفيلم «شمشون ولبلب» كتب بخط مغاير، وقد وضح تمامًا أن اللافتة التى تحمل اسم الفيلم لصقت لصقا على المقدمة فيما بعد!

هناك بعض الأقوال التى حاولت تفسير ظاهرة تغيير اسم هذا الفيلم العجيب، خاصة أن النسخة التى تعرض باسم «عنتر ولبلب» يتضح فيها جليًا أنه كلما جاء ذكر عنتر نطقه الممثل بطريقة مفتعلة، حيث بدا أنهم حذفوا اسم «شمشون» ولصقوا مكانه اسم عنتر.. بعض التفسيرات تقول إن اليهود اعترضوا على الفيلم لأن «شمشون» شخصية يهودية مهمة فى التاريخ اليهودى، ولا يصح أن تتم السخرية منه على الملأ، ويتلقى سبع صفعات على وجهه، وهكذا اضطر المخرج إلى تغيير اسم الفيلم واستبدال عنتر بشمشون «لاحظ أن اليهود كانوا موجودين بقوة ويتمتعون بنفوذ ضخم فى المجتمع المصرى قبل يوليو 1952»!

كما يقال أيضا إن أحد المصريين- واسمه شمشون- اعترض على الإساءة التى يتعرض لها شمشون فى الفيلم، وإنه رفع قضية ضد صانعى الفيلم وربحها، فأجبر المخرج والمنتج على إجراء هذه التعديلات التى لم نر مثلها فى أى فيلم مصرى آخر.. أما صديقنا المؤرخ والناقد السينمائى محمود قاسم فلم يذكر اسم «عنتر ولبلب» على الإطلاق فى موسوعته المدهشة «دليل الأفلام فى القرن العشرين»، واكتفى بذكر «شمشون ولبلب»!


الأجواء العامة

المهم.. فى 17 إبريل من عام 1952 عرض فيلم «شمشون ولبلب» للمرة الأولى، أى قبل اندلاع ثورة يوليو بثلاثة أشهر وستة أيام بالتمام والكمال، وفى عام 1952 كانت دولة إسرائيل قد انغرزت فى المنطقة العربية بوصفها حقيقة مؤلمة قبل ذلك بأربع سنوات، وكانت الجامعة العربية قد أسست منذ سبعة أعوام، وكان البكباشى- أى المقدم- جمال عبدالناصر قد بلغ 34 سنة، والملك فاروق 32 عامًا، وكان حريق القاهرة قد مر عليه نحو ثلاثة أشهر، وكان مصطفى النحاس باشا - رئيس الوزراء - قد ألغى العام الفائت معاهدة 1936 التى أبرمتها حكومة حزب الوفد مع الإنجليز، لأنهم ساوموا وتلكأوا ولم يخرجوا من مصر! وفى تلك السنة أيضا كان قد انقضى عام واحد على اشتعال الثورة ضد الاحتلال الإنجليزى فى مدن القناة، لدرجة أن رجال الشرطة شاركوا الفدائيين المصريين فى مواجهة جنود الاحتلال.

فى عام 1952 أيضا كان عدد المصريين نحو 18 مليون نسمة، أكثر من أربعة أخماسهم يعيشون تحت خط الفقر، وكان الملك فاروق قد وصل به الشطط إلى مستويات غريبة، فباتت سهراته وملذاته وسرقاته حديث الناس واستهجانهم، ولعل هذا ما يفسر لك لماذا لم يغضب الشعب ويثور حين استولى الضباط الأحرار على السلطة وطردوا الملك.

فى ذلك العام أيضا.. كان إسماعيل ياسين هو نجم الكوميديا الأول سينمائيًا، بعد أن رحل نجيب الريحانى قبل ذلك بثلاث سنوات، وفى سنة 1952 لم يكن الناس تتذكر على الكسار إلا قليلا، بعد أن توقف عن التمثيل أو كاد، وقنع من السينما بأدوار صغيرة وهو الذى صال وجال على الشاشة طوال سنوات الثلاثينيات ومطلع الأربعنيات.

عصير الجلاء



سيف الدين شوكت هو الذى أخرج فيلم «شمشون ولبلب» كما كتب له القصة، أما السيناريو فشارك فى كتابته مع ريمون قربة، والحوار الرشيق صاغه بديع خيرى، وسيف الدين شوكت هذا مخرج لبنانى ولد عام 1913، وعمل بالصحافة فترة ثم درس السينما فى المجر، وأخرج بعض الأفلام هناك، ثم جاء إلى مصر عام 1948 ليعمل بها ويظل يتنقل بين القاهرة وبيروت حتى رحيله فى عام 1977، ومن أهم أفلامه «أمانى العمر 1955» لماجدة وسعد عبدالوهاب، و«رجل بلا قلب 1960» لهند رستم ويحيى شاهين وأحمد رمزى.

فى بداية «شمشون ولبلب» الذى أنتجه جبرائيل نحاس تفاجئنا مقدمة مختلفة ومغايرة عما كان سائدًا فى مقدمات الأفلام فى تلك الحقبة، تعتمد المقدمة على امتزاج الموسيقى سريعة الإيقاع مع الرسوم الكاريكاتورية لأبطال الفيلم، فنرى سراج منير وشكوكو والراقصة ببا إبراهيم فى لوحات مثيرة ومحيرة، وفى نهاية المقدمة نقرأ الآتى: «قام بعمل الطيران والإشراف عليه الطيار عبدالرحمن الصيرفى كبير معلمى معهد مصر للطيران»، الأمر الذى يؤكد أن مصر قد توسعت كثيرًا فى عالم الطيران فى ظرف عشرين سنة فحسب، فأنشأت معهدًا وشيدت مطارًا، ولعلك تعلم أن شركة مصر للطيران أسست فى 7 مايو 1932، وأنها كانت تمتلك طائرتين اثنتين فقط ابتاعتهما من بريطانيا، حيث اقتصرت الرحلات على الذهاب والإياب بين القاهرة والإسكندرية فقط، وفى سنة 1934 طارت أول رحلة جوية إلى خارج الحدود وكانت لفلسطين الحبيبة، بعد أن أبرمت الشركة عقدًا تشترى بمقتضاه سبع طائرات دفعة واحدة.


أظنك تفطن إلى أن السينما تمثل أفضل مرآة لمجتمع وعصر، وأننا نستطيع أن نعتبرها المعادل الفنى الأكثر دقة لكتب التاريخ، كما يستطيع علماء الاجتماع العودة إلى الأفلام كى يستنبطوا طبيعة المجتمع وعلاقاته فى زمن معين، وهكذا مع المشاهد الأولى للفيلم نلمس صدى للأجواء السياسية التى كانت تمر بها مصر لحظة تصوير «شمشون ولبلب»، إذ نلمح ذلك فى أسماء الدكاكين والمحلات المتناثرة فى الحى الشعبى، فهذا «عصير الجلاء»، وذاك «مطعم الحرية»، وهذه «جزارة القنال»، وأخيرًا «عجلاتى الوحدة»!

لقد كان المصريون فى تلك الأيام منهمكين تمامًا فى النشاط السياسى، فهم يحلمون بالتحرر من الاستعمار، ويتعاطفون مع الفدائيين فى قناة السويس، ويتطلعون إلى وحدة عربية تجعلهم أكثر قوة وشراسة فى مواجهة ثعابين القوى الكبرى وثعالبها، وهكذا انعكست هذه الأجواء على أسماء المحلات والحوانيت فى الحارة!

الرقم المقدس

كلنا يعرف أن رقم سبعة من الأرقام المقدسة فى الديانات السماوية، فلماذا اختار صناع الفيلم أن يتمثل الرهان فى مقدرة شكوكو على صفع سراج منير سبعة «أقلام»؟ هل أراد المخرج أن يخبرنا أن الشعب الطيب المقهور قادر على دحر المعتدى الظالم- سراج منير- وسوف يعضده الله فى كفاحه ضد هذا الظالم، وما رقم سبعة سوى تأكيد على «قداسة» المهمة؟ هل شعر صناع الفيلم بقرب نهاية العهد الملكى، فقرروا توجيه لطمة كوميدية لكل ظالم ومستبد؟ أم سعوا إلى تحريض الناس ضد النظام الطاغية، مؤكدين لهم أن الديكتاتور ليس مرعبًا كما نتصور، بل يمكن إهانته وصفعه لو امتلكنا قدرًا من الجسارة وبعض الحيلة؟

لا نريد أن نغالى أو نتعسف فى البحث عن تفسير دينى أو اجتماعى مباشر للفيلم، ذلك أنه فيلم بسيط يدعو للمرح، لكننى أطرح عليك بعض التأملات التى تراودنى كلما شاهدت عبقرية شكوكو فى التخفى حتى ينال مراده ويهوى على وجه سراج منير بالصفعة المدوية!

أعرف أنك شاهدت الفيلم مرارًا، وأنك تحفظه عن ظهر قلب، وأنك تضحك من قلبك على أداء ممثليه الكبار «عبدالفتاح القصرى/ عبدالوارث عسر/ حورية حسن/ مختار حسين/ عبدالغنى النجدى وغيرهم»، كل هذا أعلمه جيدًا، لكنى أردت أن ألفت انتباهك إلى براعة المخرج فى الحفاظ على إيقاع الفيلم وحيويته، وعلى شكل شوارع القاهرة وملامح الناس وملابسهم وأسعار المواد الغذائية إلى آخره.. فهذه المشاهد واللقطات والحوارات بمثابة وثيقة مهمة عن مصر قبل أن يلفظ العهد الملكى باشواته وبكواته.. وثيقة يقدمها فيلم لطيف وخفيف وظريف أضحك الناس فى القرن الماضى، ويسعد الملايين فى القرن الحالى!

الأرض تفصح عن أسرارها فى لوحات عبدالفتاح وعبدالكريم

جريتا جاربو.. أول نجمات السينما فى العالم!

الشيطان.. «بطل» فى أغنية لسيد درويش!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة