قبض الفرنسيون بقيادة " كليبر" على الحاج "مصطفى البشتيلى" زعيم ثوار ثورة القاهرة الثانية، وطلبوا من أتباعه أن يقتلوه لأنه السبب فيما حل بهم، فضربوه بالعصى حتى مات.
كان مقتل "البشتيلى" على أيدى الثوار الذى كان زعيمهم، وبأمر من الفرنسيين الذين احتلوا مصر (1898-1801)، حدثا دراميا كبيرا وخطوة فى طريق هزيمة الثورة، حيث تم فى مثل هذا اليوم (21 إبريل 1800) توقيع اتفاقية مع كليبر على الاستسلام، بعد وحشية الفرنسيين فى القتل وتدمير وحرق القاهرة منذ أن بدأت الثورة يوم 20 مارس، وتعهد كليبر بأن يصدر عفوا عاما عن جميع أهالى القاهرة، وعن المصريين الذين اشتركوا فى الثورة، ولكنه اشترط ألا يغادر المدينة أحد من المصريين بقصد اللحاق بالجيش العثمانى.
فى سيرة "البشتيلى" ما يدلك على رجل ثائر بمقاييس وقتئذ فهو تاجر من أعيان بولاق، وابن منطقة "بشتيل"، لكنه كان مقاوما عنيدا، وحسب رواية "الجبرتى" عنه: "تحزم الحاج مصطفى البشتيلى وأمثاله من دعاة الثورة، وهيّجوا العامة وهيّأوا عصيهم وأسلحتهم ورمحوا وصفحوا، وأول ما بدأوا به أنهم ذهبوا إلى وطاق الفرنسيين الذى تركوه بساحل البحر (النيل)، وعنده حرس منهم فقتلوا من أدركوه منهم، ونهبوا جميع ما به من خيام ومتاع وغيره، ورجعوا إلى البلد، وفتحوا مخازن الغلال والودائع التى للفرنساوية وأخذوا منها، وعملوا كرانك حوالى البلد ومتاريس"، واعتقله الفرنسيون قبل ثورة القاهرة الثانية، بعد أن فتشوا وكالته فوجدوا فيها قدورا مملوءة بالبارود، وأفرجوا عنه بعد فترة، ولم تهمد عزيمته بسبب الاعتقال، فقد خرج منه إلى التحريض مباشرة على الثورة.
"البشتيلى" بهذا الوصف كان قائدا ميدانيا لا يقبل الحلول الوسط، ولهذا كان تحريض "كليبر" للثوار على قتله بمثابة انتقام، وتصفية لهذا النوع من القيادة التى ترى فى المقاومة سبيلا وحيدا لمقاومة الاحتلال حتى يرحل، ومن هنا رأى " كليبر" فى قتله رسالة ترويع وعبرة للآخرين لإخماد الثورة نهائيا.
بعد توقيع معاهدة الاستسلام، أعد الأتراك والمماليك العدة للرحيل من القاهرة ويقول "الجبرتى"، إنهم ارتحلوا بطريق بلبيس وسار معهم زعماء الثورة من المصريين، أمثال عمر مكرم نقيب الأشراف، والسيد أحمد المحروقى كبير التجار، وهاجر من العاصمة آلاف ممن توقعوا انتقام الفرنسيين، فتفرقوا فى البلاد، وكانوا محقين فى مخاوفهم لأن كليبر نقض عهده.
قبل أن يجف حبر معاهدة الاستسلام، أمر "كليبر" بالاقتصاص من سكان القاهرة جميعهم بفرض غرامات جسيمة بلغت 12 مليون فرنك، نصفها نقدا ونصفها عروضا، وألزم سكان المدينة بتسليم 20 ألف بندقية و10 آلاف سيف و20 ألف طبنجة، ومصادرة أملاك السيد أحمد المحروقى كبير التجار، وفرض على السيد محمد السادات 150 ألف ريال، والشيخ مصطفى الصاوى 50 ألف ريال، والشيخ محمد الجوهرى وأخيه الشيخ فتوح 50 ألف ريال، وأمر بتوزيع الباقى على سكان المدينة على اختلاف طوائفهم وطبقاتهم، واعتقل خمسة عشر رجلا من كبرائهم رهينة لوفاء هذه الغرامة.
سعيد الشحات يكتب: 21 أبريل 1800.. معاهدة استسلام ثورة القاهرة الثانية.. والثوار يقتلون زعيمهم مصطفى البشتيلى
الإثنين، 21 أبريل 2014 08:54 ص
كليبر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة