مع فتح باب التبرع فى سداد الضريبة المؤقتة..

«مشاكل التقييم» تهدد حصيلة «ضريبة الأغنياء»رجل أعمال: السداد العينى يفتح بابا جديدا للتهرب.. ومخاوف من تخلى الحكومة عن دورها فى الإنفاق الاجتماعى وإلقاء المسؤولية على رجال الأعمال

السبت، 10 مايو 2014 08:55 ص
«مشاكل التقييم» تهدد حصيلة «ضريبة الأغنياء»رجل أعمال: السداد العينى يفتح بابا جديدا للتهرب.. ومخاوف من تخلى الحكومة عن دورها فى الإنفاق الاجتماعى وإلقاء المسؤولية على رجال الأعمال صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
باب جديد للتهرب الضريبى

فى ظل أزمة متوقعة فى توفير الموارد المالية اللازمة لمواجهة الإنفاق العام المتزايد، قررت الحكومة أن تعتمد على السياسة المعتادة فى مثل هذه الحالات وهو فرض المزيد من الضرائب، حيث أقر مجلس الوزراء مشروع قانون بفرض ضريبة إضافية مؤقتة بنسبة %5 على من يزيد دخلهم على مليون جنيه سنويا لمدة 3 سنوات، فيما عرف شعبيا بـ«ضريبة الأغنياء». فرض الضريبة فى حد ذاتها ليس جديدا، فقد قام بهذا الإجراء عدد من دول العالم فى ظروف مماثلة مثل ألمانيا الشرقية والبرازيل، ولكن الجديد فى الضريبة المصرية أنها فتحت باب «التبرع العينى»، وهو ما اعتبره خبراء ورجال أعمال سابقة لم تتكرر منذ عصر الفراعنة. واعتبر حمدى رشاد رئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الأعمال المصريين، فكرة السداد العينى للضريبة غير عملية على الإطلاق، وقال: «بعض رجال الأعمال سيجدونها فرصة للتهرب، أما رجال الأعمال الشرفاء فغالبيتهم سيميل للدفع النقدى والبعد عن القيل والقال وأنا من هذه الأغلبية». وبرر رشاد رأيه بأن هناك قطاعا من رجال الأعمال يبحثون دائما كيف يلتفون حول القوانين، والضريبة العينية ستخدم هذا القطاع خاصة مع عدم وجود معايير محددة لتقييم المشروعات وكيف تساوى تكلفة إنشائها قيمة الضريبة المستحقة على رجل الأعمال. وكانت الحكومة أقرت أمس الأربعاء مشروع قانون بفرض ضريبة إضافية على من يزيد دخله السنوى عن مليون جنيه من الأفراد والشركات بنسبة %5، لمدة مؤقتة اقترح أن تكون 3 سنوات لسد عجز الموازنة، بناء على مقترح مقدم من رجال أعمال إلى حكومة الببلاوى قبل استقالتها.

سابقة مصرية لم تحدث من العصر الفرعونى
ومع وجود سداد عينى ضمن خيارات دفع الضريبة الجديدة ثارت تساؤلات الخبراء حول كيفية تحديد الأثر المالى لهذه الضريبة على وجه الدقة، واعتبر الخبراء هذا الخيار بمثابة «اختراع مصرى ليس له مثيل فى دول العالم»، بحسب ما يراه عمرو المنير مساعد رئيس مصلحة الضرائب السابق وعضو لجنة خبراء الضرائب بالأمم المتحدة.
وأكد المنير: «لم أسمع عن ضريبة عينية فرضتها أى دولة فى العالم سوى ما فعله قدماء المصريين فى العصور الفرعونية وضريبة الخراج على الأراضى الزراعية فى العصر الإسلامى التى كانت تسدد عينية، أما فى العصر الحديث فهى سابقة مصرية».
وتشكل الموارد الضريبية بمختلف أنواعها ما يقرب من %80 من إجمالى الموارد العامة، ورغم ذلك تشكل الضرائب المدفوعة %17 فقط كنسبة من الناتج المحلة الإجمالى بحسب بيانات وزارة المالية، وما اعتبره وزراء المالية المتعاقبون ضئيلا جدا، ويحتاج لإعادة نظر فى المنظومة الضريبية بالكامل.

«التقييم» عقبة أمام التطبيق
وجاء اعتراض المنير على عينية الضريبة من منطلق صعوبة عملية التقييم وعدم وجود معايير واضحة للاتفاق بين مصلحة الضرائب ودافع الضريبة على قيمة المشروع، وهو ما يفتح أبوابا واسعة للخلاف بين الطرفين، معربا عن مخاوفه من هذا الأمر فى ظل وجود خلاف حول معايير تطبيق قانون الضريبة العقارية حتى الآن. واعتبر الدكتور هشام الحموى أستاذ المحاسبة والضرائب بكلية التجارة جامعة القاهرة، أن السداد العينى للضريبة المؤقتة سيمثل مشكلة فى حد ذاته. وقال الحموى: «المشكلة الرئيسة تتعلق بالتقييم وهل سيقاس بالتكلفة العادلة أم بسعر التكلفة؟»، وتساءل: «هل ستكلف مصلحة الضرائب مكاتب متخصصة وموثوق بها لتقييم هذه الأصول أم ستعتمد على تكلفة الفاتورة؟».
وأكد أستاذ المحاسبة أن الأثر الحقيقى للضريبة يصعب التنبؤ به فى ظل تراجع النشاط الاقتصادى، مؤكدا أن هذا الأثر لن يظهر بالنسبة للأفراد، ولكن العائد الأكبر سيكون من الشركات، وهو ما سيظهر بوضوح فى حال استقرار الأوضاع بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتقدر إجمالى حصيلة الضرائب المستهدفة بموازنة العام المالى الحالى 2013/2014 بحوالى 358.7 مليار جنيها، تمكنت وزارة المالية من تحصيل 169 مليار جنيه تقريبا فقط من أول يوليو وحتى نهاية مارس الماضى، طبقا لتقرير متابعة أداء الموازنة الصادر عن وزارة المالية الشهر الجارى.

هل تتخلى الحكومة عن دورها نحو الفقراء؟
تهدف الحكومة من خلال فكرة السداد العينى لتشجيع الإنفاق الاجتماعى على الفقراء، وهو ما قد يتفق معه البعض أو يختلف، ولكن اعتبره رجل الأعمال حمدى رشاد تخليا من الحكومة عن القيام بدورها الأساسى فى الإنفاق العام، لأنها الأكثر دراية بالفئات الفقيرة وأماكن تواجدهم من خلال ما تملكه من قواعد بيانات، وهو ما طالب معه الحكومة بفرض الضريبة نقديا، على أن تنفق حصيلتها فى رعاية الفقراء. ويرى هشام الحموى أستاذ المحاسبة والضرائب أن فكرة السداد العينى فى ظاهرها قد تكون جيدة، ولكن سيقابلها العديد من مشكلات التطبيق، وهو ما يرى أننا لسنا فى حاجة إليها، بما يفضل معه سداد الضريبة نقديا، على أن تنفذ الحكومة مشروعات اجتماعية بحسب خريطة المناطق الأكثر فقرا. وعلى العكس يعتقد محمد الحكيم المحاسب والخبير الضريبى أن وجود فكرة السداد العينى تشجع رجال الأعمال والمجتمع المدنى على تحمل مسؤوليتهم المجتمعية من خلال تنفيذ مشروعات ذات طابع اجتماعى، مؤكدا أن رجال الأعمال لن يكون لديهم ثقة فى قيام الحكومة بصرف هذه الأموال على الوجه الأمثل، وسيفضل قطاع كبير منهم تنفيذ المشروعات بأنفسهم ضمانا لتحقيق الهدف من هذا الإنفاق وهو خدمة الطبقات الأكثر فقرا. وعن طبيعة تقييم مثل هذه المشروعات، يوضح الحكيم أن الشركات ستقدم مستندات بالفواتير لإثبات التكلفة الفعلية للمشروعات، وهو ما يتطلب وجود ثقة بين دافعى الضريبة ومصلحة الضرائب.

ضوابط لمنع التلاعب
وردا على المخاوف من عدم وجود معايير واضحة لتقييم المشروعات، أكد رئيس مصلحة الضرائب فى مؤتمر صحفى عقده مطلع الشهر الماضى، أنه سيتم تقدير الضريبة على أساس القواعد القانونية لحساب ضريبة الدخل وسيكون هناك طريقان أمام الممول الذى يزيد دخله على مليون جنيه، إما سداد قيمة الضريبة نقدا لمصلحة الضرائب أو اختيار أى مشروع خدمى ذى أثر اجتماعى لتنفيذه بنفس قيمة الضريبة.

وأوضح رئيس المصلحة أن هناك ضوابط لمنع التلاعب من خلال منظومة تضمن تسليم الممول إيصال اسم المشروع الذى تم إيداع قيمة الضريبة به لصالح مصلحة الضرائب ولن يكون هناك خلاف حول التقييم، وقال: «إذا افترضنا وجود فساد فى تلك المنظومة فلن نتحرك أو نتخذ قرارات».

من يراقب جودة المشروعات؟
ويطرح الدكتور محمد صالحين أستاذ التخطيط والتصميم العمرانى بكلية الهندسة جامعة عين شمس، تساؤلا هاما: «من يراقب جودة المشروعات والمبانى المقدمة كضريبة عينية، ومن يضمن عدم لجوء رجال الأعمال ذوى النفوس الضعيفة لاستخدام مواد بناء رديئة لتخفيض التكلفة والحصول على أعلى مكاسب؟».

وأكد أستاذ التخطيط العمرانى أن هناك معايير واضحة لتقييم العقارات يعرفها الخبراء فى هذا المجال، ولكن المشكلة تكمن فيمن يراقب عمليات الإنشاء.
وقال صالحين: «لو تم البناء بخامات رديئة قد نصل فى النهاية لمبنى غير صالح للاستخدام من الأساس مما يهدر الجهد والضريبة التى كان يمكن توجيهها فى إنفاق فعال»، وهو ما طالب معه بإنشاء صندوق تديره الحكومة يضم الأموال المسددة من هذه الضريبة ويراقب أوجه صرفها على الأهداف الاجتماعية ويعلن ذلك بشفافية أمام الرأى العام.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة