لجأ القضاة والشيوخ والعلماء إلى بيت محمد على، بعد أن بدا لهم أن خورشيد باشا حاكم مصر يستعد للقضاء عليهم، بسبب ثورتهم ضده بقيادة عمر مكرم، قالوا لمحمد على: "فاض الكيل نريد أن نخلع خورشيد باشا"، فيرد عليهم بكثير من الحياء: "ومن تريدون أن يحل محله؟ ، فيأتيه الرد بدون مواربة: "بالنظر إلى الكرم والعدل اللذين أظهرتهما أعمالكم نحو الشعب، فإننا لا نفكر فى غيركم، ستكونون الحاكم وسنخضع لشروطكم".
كان الحدث فى مثل هذا اليوم "13 مايو 1805"، ويكتب مشهده وتداعياته الروائى الفرنسى "جيلبرت سينويه" فى كتابه "الفرعون الأخير _ محمد على" الصادر عن "منشورات الجمل"، يقول "سينويه" إن محمد على تظاهر برفض ما عرضه عليه وفد القضاة والشيوخ والعلماء لأنه "استراتيجيا محنكا"، وأدعى أنه غير كفء لهذا المنصب، لكن العلماء أصروا، وبعد نحو ساعة أحضروا عباءة مبطنة بالفرو وجلبابًا، وقام عمر مكرم نقيب الأشراف بمساعدة الشيخ الشرقاوى بإلباسهما لـ"الباشا" الذى سيحكم مصر.
تعهد محمد على رسميا بأن يحكم بالعدل واحترام حقوق الشعب المصرى، وألا يأخذ أى قرار دون العودة إلى العلماء، وأضاف أنه إذا أخلف شيئا من وعوده فإن لهؤلاء العلماء أنفسهم الحق فى عزله.
علم "خورشيد باشا" بما حدث فقرر المقاومة قائلا: "عينت من قبل السلطان، ولن يعزلنى هؤلاء الفلاحون"، فيرد العلماء بالكتابة إلى السلطان فى الآستانة بتركيا للحصول منه على موافقة تعيين محمد على، يقول "سينويه ": "كان الحدث يشكل استثناء، فلأول مرة فى تاريخ مصر يختار رجال الدين والأعيان من أبناء البلد قائدهم ويتدخلون بصفة مباشرة لدى مستعمرهم لصالحه، هى المرة الأولى التى يبدو فيها أن المصرى يملك مصيره.
أصبح خبر تعيين "الباشا " الجديد لدى الشعب المصرى الذى وجد نفسه فى لحظة مصيرية، فإما أن تتحقق إرادته التى عبر عنها القضاة والشيوخ والعلماء، وإما ينتصر " خورشيد باشا " بجنوده، ولأن المصريين صمموا على فرض إرادتهم قام بعضهم ببيع ثيابهم لشراء سكين أو خنجر أو بندقية، وجاب عمر مكرم شوارع القاهرة لتحفيز الناس، فكانت المفاجأة بترك جنود "خورشيد" رئيسهم وتركه لوحده يواجه مصيره منفردا.
كان "خورشيد باشا" أثناء الثورة ضده متحصنا فى القلعة لا يغادرها، وكان المصريون يواصلون ثورتهم مصممين على تنفيذ إرادتهم، واستمر الأمر على هذا النحو شهرا تسلح فيه النساء والأطفال بالحجارة وأخذوا مواقعهم فى الشرفات، وهاجموا جنود خورشيد حيثما تواجدوا، وكلما كان الإصرار على إبقاء الوضع على ما هو عليه كان حماس الثورة يتزايد، حتى جاء فرمان "السلطان العثمانى" الذى نص: "يوافق الباب العالى على اختيار العلماء لشخص محمد على، ويعلن أحمد خورشيد باشا استقالته من مهامه، ويتعين عليه السفر إلى الإسكندرية مع كل الاحترام الواجب له، وهناك عليه الانتظار للتعليمات التى ستوجه له، وتعيينه فى حكومة أخرى.
سعيد الشحات يكتب: 13 مايو . . 1805العلماء والشيوخ يختارون محمد على واليا على مصر والشعب يتسلح لخلع "خورشيد باشا".
الثلاثاء، 13 مايو 2014 08:08 ص
سعيد الشحات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة