لا أفهم سر كل هذه الضجة التى صاحبت واقعة التحرش الأخيرة بميدان التحرير، ولا أدرى ما المشكلة فى التفاف عشرات الشباب حول فتاة دفعها حظها العثر لتكون فريستهم، لاستكمال طقسهم الاحتفالى بالالتفاف حول الغنيمة وتمزيق ملابسها، لتبدأ المتعة بمشاهدة نظرات الفتاه المذعورة وصراخها غير المسموع وهى تحاول وتحاول الاستنجاد من مئات الأيادى الممتدة للإمساك بأى جزء من جسدها، وكلما صرخت الفتاه أكثر ارتفعت نشوة المحتفلين وسال لعابهم، ودفعهم للفوز بأكبر حصيلة من لمس واعتصار لحمها، لتنتهى اللعبة حصولهم على المتعة المنشودة وترك فريستهم وراءهم بعد أن حطموا بداخلها كل ما له علاقة بالآدمية.
لماذا كل تلك الضجة والأمر لا يتعدى كونه طقسا احتفاليا يشبه الطقوس الممارسة بالعصور البربرية السحيقة، وأصبح منذ سنوات مرتبط بأى مناسبة بها عدد كبير من البشر بالشوارع، لا فرق بين أعياد دينية أو اجتماعية، وحتى مناسبة وطنية، ومثل أى عادة أو ممارسة تتطور مع الزمن، تطور التحرش من طريقة "اخطف واجرى"، إلى ما شاهدناه مؤخرا بميدان التحرير على مرأى ومسمع من الجميع.
المضحك فى الأمر أن التطور لم يقتصر على الممارسة بحد ذاتها، ففى مجتمعنا "المتدين بطبعه" بعد أن كانت الفتاة دائما هى المخطئة، ودائما هى المتسببة فى إثارة الشباب الوديع حتى وإن كانت طفلة صغيرة أو تبلغ من العمر 60 عاما، حتى إن كانت محجبة أو منتقبة، فوجئنا بإحدى الإعلاميات، التى هى امرأة فى الأساس، تبرر واقعة التحرير بأن "الشباب مبسوطين وبيتسلوا"، هكذا بمنتهى البساطة تحولت المرأة من مخطئة إلى أداة لتسلية الشباب "الخرمان"، وبشهادة من امرأة مثلها.
والآن لا داعى للبكاء على الأخلاقيات المهدرة وعلى صورة مصر أمام العالم، ولا داعى لمحاولة "تسييس" الأمر ووصف الواقعة الأخيرة بأنها محاولة سياسية لإفساد فرحة الشعب المصرى برئيسه الجديد، فتلك الواقعة هى النتيجة الطبيعية لتخاذل المجتمع بأكمله، اللهم إلا فئة قليلة، فى ردع "الكائنات المتحرشة"، والاكتفاء بإلقاء اللوم والخزى أيضا على الفتاة المسكينة المسلوب حتى حقها فى الاعتراض، لتتحول فى نهاية المطاف إلى وسيلة تسلية، لذلك أنا أدعو الإعلامية المبسوطة من التحرش لإطلاق مبادرة "خلى الشباب ينبسط" لتكون هى أول المتطوعات بها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى محمد
الاعدام هو الجزء الاْكبر من الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
افندينا
الكارثه
حسبنا الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
داليا
الوطنية مها بهنسي لم يكن ينقصها تجريح قلمك
عدد الردود 0
بواسطة:
ALY
الى خالد الشمري العزيز
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
كنت أتصور أن تكونى أول المدافعين عن الوطنية المحترمة مهما بهنسى ..