رفق قلبى على نعومة يديه من هذا الشوك اللعين الذى يتربص به كلما اقترب بسكينه من التين، فهو لا يزال فى نبت الزهور لم يتعد السادسة عشر عاماَ، فتحدثت معه، وهكذا كان حوارنا معاً:
أنا: لماذا لا تعمل بمصنع لتمتهن مهنة تساعدك على الحياة أفضل من هذه فهذه مهنة بلا مستقبل.
هو: أنا طالب فى الثانوية العامة ومن عائلة ميسورة من الصعيد وما أجنيه من مال يومياً أكثر بكتير من عملى فى مصنع
أنا: ولكن بلدنا فى هذه الفترة تحتاج إلى شبابك وقوتك لتقوى بك، ومصانعنا فى حاجة إلى شبابكم ولنترك هذه المهن البسيطه لكبار السن
هو: بلدنا!! هذه بلد كافرة فاسقة ولو ساعدتها سأساعدها لتقع لتنهار لتخسر، سأحطم كل ما تلمسه يدى
أنا: متعجبة ومصدومة!! هل أنت إخوانى؟
هو: نعم.. ولكن ليس مثل هؤلاء الذين تقولون عنهم إرهابيين، أنا فقط أخرج فى مظاهرات إذا استدعونى، ولا أحمل سلاح فقط أضرب بالطوب كلا من الشرطة والجيش الفسقة.
أنا: تحاملت على نفسى ولم أفقد تعاطفى مع صغر سنه وحاولت أن أفك شفرة فكره الغريب وكيف وصل لهذه الدرجة من الغل والحقد على بلده وجيشه وبتحفظ شديد شرطته.. فسألته وماذا فعل الجيش لك؟ هل أصابك أى ضرر منه؟ هل تهجم على بيتك أو عرضك أى فرد فى جيش مصر؟ هل خانك؟ هل تركك فى وقت الشدة؟ هل سلم بلدنا لأعدائها؟
هو: اسكتى أنت لا تعلمى شيئا، ولو علمتى الحقيقة لن تتحمليها إنها كارثة ولن ننجو منها.
أنا: تعجبت جدا، فقولت له هل تقصد فض رابعة وما أثير حوله؟
هو: لا لا، إن ما يحدث حرب على الإسلام، وجيشنا الكافر هو من يتزعمها ليسقط الدين، هل تعلمين جيش النصرة وداعش الموجودان فى ليبيا والعراق؟
أنا: مصدومة طبعا، قولت نعم أعلمهم
هو: إنهم يحاربون لنصرة الإسلام وهم من سيرفوعون راية الحق والدين ويقتلون أعداء الله، هل تعلمى يحاربون من؟
أنا : لا أعلم
هو: يحاربون المسيح الدجال، الذى يملك جبل نار وجبل جنة وسوف يعذبنا إن لم نهزمه وجيش النصرة ونحن معه سنهزمه بإذن الله بعد القضاء على أعداء الدين (الجيش والشرطة طبعا)
أنا: من قال لك هذا الكلام؟ وما البرهان عليه؟
هو: ألم تقرأى القرءان؟ هذا كله مذكور فيه والشيخ والإمام الجليل راشد هو من أوضح لنا كل شىء وطالبنا بالانضمام لجيش النصره.. لنصرة دين الله، إلى أن ينزل سيدنا عيسى ويحاربه معنا ألم تقرأى هذا أيضا؟ ساخراً.. طبعا لا تعلمى شيئا فأنتم أبعد ما يكون عن دين الله.
أنا : أول مرة يتعلثم الكلام فى فمى وأشعر بخوف وارتباك شديد، أهذا ما يملئون به عقول شبابنا؟!! ألهذا أسمع دائماً جملة إنها حرب على الإسلام؟!! ألهذه الدرجة شبابنا يعانى من الجهل والتخلف؟ وهل ألقى باللوم على الإخوان لاستغلالهم هذا الجهل والضعف فى عقول شبابنا أم ألقى باللوم على من ساعد على تفشى الجهل والظلم والفساد فى مجتمعنا إلى ان وصلنا لهذه الدرجة.. ولأول مرة أشعر بتعاطف مع هؤلاء الشباب.. فنفورونا منهم وهجومنا عليهم سيزيدهم تمسك بهؤلاء الذين يوهمونهم بالجنة فى الأخرة.. الجنة التى حرموا أن يعيشوها فى الدنيا.. دنيتهم التى ملآت بالأحزان والهموم وفقدت الأمل.. فهرولوا إلى أول صدر ضمهم ضمة حنان ووهمهم أنه يشعر بهم وسيسانهدهم إلى أن يأخذوا كل حقوقهم من الذين سلبوهم الحق فى الحياة.. ورحلت وتركت بائع التين الشوكى بعد أن شعرت بوغز الشوك فى قلبى، وتساءلت ترى ما الحل؟ وكيف ننقذ هؤلاء وننقذ مصر وننقذ أنفسنا من هذا الوحش.. وحش اسمه الجهل.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة