النفقة معاناة حقيقة لا يعرفها إلا الذين يرتادون محكمة الأسرة، فبين مد وجزر يحتدم الصراع بين الزوجين بعد الطلاق ليدخلا معركة تصفية الحسابات ويحاول فى غالب الأحيان كل منهما أن ينتقم من الآخر ويحمله النتائج، فتشتد حمى الزوجات أمام المحاكم للمطالبة بالنفقة، فيما يحسب الزوج المطلق لهذا العبء ألف حساب إذ أنه يكون عائقا بينه وبين المضى فى حياة جديدة بحكم المصاريف التى من المفترض أن يدفعها شهريا لطليقته للتكفل بأولاده.
فى دراسة جديدة أصدرتها محكمة الأسرة تم رصد المعاناة التى يعيشها الأزواج المهدون بالسجن بسبب تعنت زوجاتهم والزوجات اللاتى يتسولن رغم ثراء أزواجهن الفاحش.
وأكدت الدراسة أنه خلال سنة واحدة ارتفعت نسبة إجمالى دعاوى النفقة أمام محاكم الأسرة 70% وبلغت 150907 وعدد الزوجات التى تحصلن على النفقة بالفعل بلغ 67 ألفا، وعدد الدعاوى التى ماطل الرجال فى دفع نفقة بلغ 54 ألف دعوى, فيما بلغت الدعاوى المتصالح فيها29ألفا بالاتفاق الودى، وبلغ عدد الأزواج الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية بالسجن بسبب تهربهم من دفع النفقات 23 ألفا، وبلغ عدد الأحكام التى تنازلت عنها السيدات وتم حلها14 ألف دعوى، فيما بلغت عدد الدعاوى التى حصلت فيها الزوجات على مبالغ مالية تتراوح ما بين الـ 100جنيه و200 جنيه 20 ألف دعوى, وبلغت الدعاوى ما بين دخل 200-450 إلى 10آلاف دعوى وما بين دخل 450 -500 إلى 5 آلاف دعوى وأكثر من 500 جنيه 5 آلاف دعوى، وبلغت المدة الزمنية للدعاوى فى المحاكم فى المتوسط ما يتراوح بين 8 شهور إلى سنتين وأحيانا أكثر.
ومن هنا كانت بدايتنا بالحديث مع السيدات والرجال أمام محاكم الأسرة المختلفة لمحاولة الوصول لاكتشاف هذه المعاناة التى يتحدثون عنها.
وقصت علينا "رحاب .م" المطلقة صاحبة (34عاما) من أمام محكمة الأسرة بالسيدة زينب وقالت، بعد أن وصلت لطريق مسدود مع زوجى بسبب الخلافات لجأت لمحكمة الأسرة وأقمت دعوى طلاق وحصلت عليه بعد أن تيقنت المحكمة من مدى المعاناة التى أعيش فيها ومن ساعاتها وأنا أمام المحكمة أحاول الحصول على نفقه شهرية لأتمكن من الأنفاق على أولادى وعندما قضت لى المحكمة بعد سنة ونصف إجراءات تقاضى كانت 350 جنيها وأنا عندى 4 أولاد وهذا المبلغ لا يكفى لإطعامهم "عيش حاف" بالرغم من أن زوجى يتقاضى شهريا 2000 جنيه غير الحوافز وعمله الآخر وللأسف هذا المبلغ القليل لكى أتحصل عليه أتعرض لكثير من الإهانة بسبب الروتين الحكومى فى بنك ناصر الذى يتولى صرف مبالغ النفقات لمستحقيها".
وقالت "هالة .خ" الزوجة التى تبلغ (45 عاما) من أمام محكمة الأسرة بزنانيرى: مأساتى بدأت عندما اكتشفت مرض زوجى بداء "النساء" فهو لا يترك امرأة تفلت من يديه إلا ويصاحبها ورغم ثراء زوجى الفاحش فهو يملك معرض سيارات كبير إلا أننى بعد أن حصلت على الطلاق رفض الأنفاق على أولاده، فلجأت للمحكمة لأحاول أن أتحصل على أى مبلغ ولكنه ادعى الفقر والإفلاس وها أنا أتقاضى مبلغ 300 جنيه رغم أن دخله الشهرى يصل إلى 50 ألف جنيه وأكثر".
وعن مأساة "حنان .م" الزوجة البالغة من العمر (38 عاما) أمام محكمة الأسرة بمدينة نصر قالت وهى منهارة والدموع تملا عيناها: نعم لقد فرطت فى ابتنى وأعطيتها لمن يربيها بدلا منى لكى أستطيع أن أنفق على باقى أخواتها، فأنا فقيرة والمحكمة لم تستطع أن تنصفنى وزوجى رفض أن يأخذ أبناءه لذا لم يكن أمامى غير هذا الحل لقد فعلت المستحيل لانفق عليهم ومددت يدى ولكنى لم أستطع توفير حياة لـ5 أبناء فلا أحد يتهمنى بالقسوة فلا يشعر بالنار إلا من يضع يديه فيها "وقالت "نجوى.م" صاحبة الـ25 عاما أمام محكمة الأسرة بإمبابة: محكمة الأسرة ووحدات التنفيذ القضائى عبارة عن مقبرة لقضايانا فلا مجيب ولا أحد يقف معنا الدعاوى تأخذ سنوات ولا يوجد لدينا دخل لنرحم من هذا العذاب أو ندفع أتعاب للمحامين والأزواج يتفننوا فى قهرنا ونحن متزوجون وبعد الطلاق لكى يتهربوا من دفع النفقة التى لا تكاد تكفى فرد وأحد فى الأسرة.
وقالت "منال عبد الرحيم" ناشطة بإحدى جمعيات حقوق المرأة: النساء فئ الغالب هم الحلقة الأضعف وليس هذا تحيز منى فهم يعانون من أزواجهم ومن عمل المنزل الذى يتولوه بمفردهم وبعد الطلاق أيضا بسبب القوانين وطول فترة التقاضى وخصوصا فى إجراءات دعاوى النفقة فالأزواج يقوما بمساومة الزوجات على النفقة ويتهربوا من سدادها بتزوير الأوراق الرسمية التى تثبت المبالغ التى يحصلوا عليها.
وأضافت منال، كما يعانى الزوجات من قلة المبالغ التى تحكم بها المحكمة و 25% من المطلقات حصلن على نفقة أقل من 250 جنيها شهريًا و22% حصلن على نفقة من 250 – 450 جنيه شهريًا بحسب بعض العينات العشوائية التى قمنا بدراستها أمام المحاكم بجمهورية مصر.
وتابعت الناشطة بجمعية حقوق الإنسان: أكبر معضلة أمام المطلقات عدم قيام بنك ناصر بالدور المنوط به بتقديم النفقة المحكوم بها، سواء بشكل مؤقت أو أحكام نهائية، بحجة عدم وجود مخصصات مالية مما أدى إلى إحجام السيدات عن الذهاب للبنك مما يتسبب فى تدهور الأوضاع الاجتماعية".
وأشارت الناشطة الحقوقية: "نعانى من غياب دور المؤسسات الأهلية والحكومية فى تقديم دعم فورى للمرأة والأسرة حال امتناع العائل عن الأنفاق لحين الحصول على الحكم بالنفقة وتنفيذه".
وعلى الجانب الآخر كان للرجال رأى آخر بسبب الظلم الذى يتعرضون له بعد أن دفعوا ضريبة الطلاق وأصبحوا مهددين بالسجن، حيث يجد الزوج نفسه فى أى لحظة مهددا بالسجن من طرف الزوجة الأولى بسبب مخالفات النفقة، حيث بلغ عدد الأزواج الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية بالسجن بسبب تهربهم من دفع النفقات 23 ألفا، وبلغ عدد الأحكام التحى تنازلت عنها السيدات وتم حلها بشكل ودى14 ألفا.
وقال "عثمان .م" الذى أقامت زوجته ضده دعوى نفقة أمام محكمة الأسرة بإمبابة: أنا دخلى شهريا 1500جنيه فقط وعندما ألزمتنى المحكمة بدفع مبلغ 500 جنيه لزوجتى لم أمانع ونفذت الحكم ولكنها نجحت بعد أن استخدمت الطريقة المعروفة بدعاوى النفقة أمام محاكم الأسرة وهى شهادة الزور، حيث تأتى بشهود متخصصين فى هذه الوظيفة من أمام المحكمة ويدخلوا ليقولوا ما لا يعلمون زورا وكل هذا لكى تنتقم الزوجة وتأخذ أكثر مما لا تستحق ولا عزاء لحقوق الرجال".
وقال "محمود .عماد" (44 عاما) من أمام محكمة الأسرة بزنانيرى، نعانى الظلم والقهر وليس المرأة كما تدعون، فأنا رغم أننى بعد الطلاق كنت على وفاق مع زوجتى إلا أنها رفضت أن تأخذ الأموال التى أعطيها لها وأقامت دعوى لكى تذيقن العذاب أمام المحكمة كل يوم، محضرين وإنذارات ومحامين وكل هذا لتنتقم منى بسبب اتهامها لى بأننى سبب فشل الزواج".
فيما قال " جلال .م" صاحب الـ33 عاما من أمام محكمة الأسرة بإمبابة، لقد اختلفنا أنا وزوجتى وبعد أن حصلت على الطلاق برغبتها الكاملة أرادت أن تعاقبنى عندما علمت بزواجى مرة أخرى فقامت بإدخالى السجن ليلة زفافى، حيث تعمدت طليقتى متابعتى واقتيادى إلى السجن بعد ادعائها أننى لم أدفع نفقتها عقب أن أتت بشاهد زور على ذلك ويعلم الله أننى أدفع المبالغ كل شهر لها".
وقال "مصطفى مشهور" الناشط الحقوقى: لرفع دعاوى النفقة لابد من توفير عدة أوراق منها حكم الطلاق، وما يفيد بالإمكانات المادية للزوج مثل مفردات راتبه، أو السجل التجارى أو الحيازة الزراعية وتقدر النفقة حسب حالة الزوج المادية وحالته الاجتماعية، وهنا تظهر المرأة وكيدها، فالكثير منهن يتفنن فى التلاعب فى تقدير دخل الأزواج للحصول على مبلغ أكثر أو يقمن تلك الدعاوى للانتقام من أزواجهن.
وتابع "مشهور" الكثير من الأزواج يقعون تحت طائلة القانون بسبب عدم معرفتهم أصلًا بإقامة دعاوى ويفاجأون أن عليهم أحكاما بسبب الامتناع عن تسديد "النفقة " مما جعل الأزواج تحت رحمة أحكام تشتد بحجم ديون النفقة مما يتسبب فى تدمير حياة الكثير من الأزواج وعدم استطاعتهم التفكير بمستقبل آخر مع زوجة جديدة".
موضوعات متعلقة:
بالفيديو.. "شيرين" كفيفة تعانى أمام محكمة الأسرة لتحصل على معاش زوجها.. تقول: "عشت معه 6 سنوات عوضنى فيها عن اليتم".. وتؤكد: توفى فى سن الشباب وتركنى دون سند لكنى سأعيش على ذكراه
دعاوى النفقة أمام محكمة الأسرة.. سيدات يتسولن رغم ثراء أزواجهن.. ورجال مهددون بالسجن بسبب "كيد النساء".. ورجل يدخل السجن ليلة زفافه بسبب انتقام طليقته.. وامرأة تعطى ابنتها لأخرى لعدم كفاية النفقة
السبت، 28 يونيو 2014 10:02 م
محكمة الأسرة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
samah essa asad
تهديد واختصاب والشروع فى خطفها وقتلها والتشهير بوالديها