أكدت صحيفة عكاظ السعودية أن هناك أهمية فى التركيز على تعزيز أوجه التعاون بين المملكة ومصر، وتحديداً فى هذا الوقت الذى تمر فيه القاهرة بإعادة بناء الدولة المصرية من جديد.
وأوضحت الصحيفة فى افتتاحيتها اليوم تحت عنوان "المملكة ومصر: منع انهيار المنطقة" أن ذلك ليس على المستوى الأمنى فقط وتعزيز قدرة الدولة على بسط هيمنتها على كامل مفاصل الحياة، وإنما على كافة المجالات الأخرى الاقتصادية منها والاجتماعية والفكرية، بهدف إعادة التوازن فى المجتمع المصرى وضبط الأمور واسترداد العافية بصورة تدريجية محسوبة.
وأشارت إلى أن الإنسان المصرى ينتظر الكثير من مؤسسة الحكم الجديدة، وكذلك من الأشقاء، وفى مقدمتهم المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن إدراك الوضع بالمنطقة خطير للغاية، ويفرض نفسه وبقوة على جدول أعمال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للمملكة اليوم لعدة أسباب يرد فى مقدمتها أن مضى مصر نفسها فى برنامجها لإعادة بناء الدولة المصرية يظل مرتبطا -إلى حد كبير-ـ بعدة عوامل أولها تأمين حدودها مع بعض دول الجوار وفى مقدمتها: الحدود الليبية.. والحدود مع السودان.. وكذلك تأمين الحدود والمداخل مع كل من غزة وإسرائيل تأمينا كاملا ومريحا.
ولفتت إلى أن ذلك يأتى بالإضافة إلى تهيئة الحد المطلوب من القدرة الاستيعابية لأعداد المصريين العائدين إلى بلادهم من ليبيا وتونس وسواهما بفعل تطور الأوضاع فى بعض الدول العربية المحيطة بها بكل ما يرتبه ذلك من أعباء اقتصادية ثقيلة على البلاد فوق ما هى تواجهه وتتحمله الآن.
ونوهت الصحيفة عن أن تدهور الأوضاع فى العراق لم يعد يهدده وحده بالتقسيم وإنما بفرض واقع جديد أخطر بكثير من كل ما حدث، ويحدث حتى الآن فيه، وذلك بعد تعقد الأمور وتحولها من صراع بين الدولة والعشائر المتضررة بسياسات السلطة السياسية الحالية إلى استغلال تنظيم داعش لهذه الأوضاع السيئة بزحفه على المحافظات العراقية وابتلاعها واحدة بعد الأخرى وإعلان ما يسمى بالدولة الإسلامية انطلاقا منه إلى غيره.. وهو الوضع الذى إذا ترك أو قلل من شأنه فإنه سيكون مرشحا للتمدد والتوسع إلى خارج العراق وعبر منافذه العديدة مع الكل.
واستطرت "الوضع الراهن فى غزة جراء العدوان الإسرائيلى القائم حتى الآن، فوق أنه عمل إجرامى يجب إيقافه فورا وبجميع الوسائل، فإنه يهدف إلى إضعاف قدرة العرب على مواجهة بقية الأخطار الأخرى واستنزاف قوانا جميعا وبالذات استنزاف طاقات وقدرات وجهود المملكة ومصر باعتبارهما الدولتين العربيتين المهتمتين بمعالجة أوضاع المنطقة وإعادتها إلى حالة الاستقرار التى افتقدتها".
ونوهت "عكاظ" بأن "الأزمة اللبنانية الناشئة عن الفراغ الدستورى الموجود نتيجة تأخر انتخاب رئيس يتوافق عليه الجميع واستمرار انغماس حزب الله فى الحرب فى سوريا قد ولدت واقعا جديدا أشد خطورة على لبنان الشقيق من أى وقت مضى، وشاهده ما حدث فى «عرسال» كمؤشر خطير للغاية على أن هناك من يسعى فى النهاية إلى القضاء على الهوية اللبنانية عن طريق إضعاف الدولة والتمكين لحزب الله بالسيطرة على مقدراتها لاستكمال حلقات المخطط الإيراني/ السورى، بمشاركة بعض الأطراف سواء من المنطقة العربية أو منطقة الشرق الأوسط أو الخارج لإقامة دولة دينية من مذهب واحد تجسيدا للتحالفات الارهابية القائمة على الأرض الآن بين أكثر من محور محلى وخارجى يعمل فى هذا الاتجاه انطلاقا من الأعماق الثلاثة الحالية (العراق/ سوريا/ لبنان) ووصولا إلى أعماق عربية أخرى أكثر أهمية وأبعد خطورة فى مخطط إعادة تقسيم المنطقة ورسم حدودها من جديد".
وأردفت أن "الصمت الدولى المريب على ما يحدث فى سوريا بعد مسرحية إعادة انتخاب بشار الأسد لفترة رئاسية ثالثة، والعمل على إضعاف المقاومة الشعبية وإظهار الوضع هناك وكأنه سجال بين نظام متداعٍ وتنظيمات شديدة التطرف صنعها النظام نفسه ليخيف بها العالم ويُسوِّغ لنفسه البقاء والاستمرار، بينما هو جزء من الترتيبات الجارى تنفيذها لإعادة رسم حدود المنطقة الجديدة، وهذا الوضع أيضا يمثل أحد مصادر الخطر القادمة على دول المنطقة بأسرها كجزء من مخطط ضرب الكل بالكل وإشعال المنطقة بكاملها وإقامة العديد من البؤر الخطيرة فى أرجائها قضاء على أى شكل من أشكال التعاون والتقارب والتفاهم فى المنطقة بجر الجميع إلى وهدة الصراع.. وتوسيع دوائر الفتنة وتنويعها، تارة فى شكل تنظيمات، وتارة فى صورة صراعات مذهبية ومرة ثالثة فى شكل مواجهات بين دولة ودولة أخرى تنفيذا لخارطة شرق أوسط جديد".
وأوضحت الصحيفة ان مجمل الوضع فى المنطقة وبالذات فى ظل الأدوار «المشبوهة» التى تقوم بها إيران فى المنطقة، وكذلك إلى طبيعة العلاقات غير المريحة بين القاهرة واسطنبول والقاهرة والدوحة، فإننا لابد أن ندرك مدى أهمية الالتفات إلى مجمل هذه الأوضاع بدرجة أساسية جنبا إلى جنب دراسة المواقف الضبابية لبعض دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر.
وأكدت الصحيفة أن لقاء السيسى مع الملك يهدف لتفعيل الشراكة المصرية السعودية، مشيرا إلى دولا وشعوبا دفعت هذه القضايا إلى الصدارة وفرضت درجة أعلى من التشاور والتفاهم والتعاون بين القاهرة والرياض لمنع وصول المنطقة إلى حالة الانهيار بالكامل والحيلولة دون حدوث أى تطورات جديدة قد تعقد الأمور أكثر مما وصلت إليه حتى الآن.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والسعودية يسيران بعلاقاتهما الثنائية سيرا حسنا جدا وبصورة متوازية بحكم الترابط والتلازم القوى بين مسار إعادة بناء الدولة المصرية القوية المحسوم أمره بين البلدين وبين مسار تأمين المنطقة من داخلها منعا لأى تصدعات أخرى تعمل أطراف إقليمية وخارجية على إحداثها وفقا لحسابات معروفة وضمن مخطط كبير يجب التصدى له بكل مسؤولية وذلك منعا لتأثير ذلك على خطط وبرامج الدولتين للنهوض بهما من الداخل.
وأكدت أن البلدين قطعا شوطا بعيدا حتى الآن فى العمل معا على مشروع إعادة بناء الدولة المصرية القوية باعتبار أن الاتفاق بينهما على ذلك محسوم، وأن زيارة خادم الحرمين الشريفين الخاطفة لمصر ومبادرته بالوصول شخصيا إلى القاهرة ومباركة تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى لمقاليد الحكم فى بلاده إنما أكدت 3 أمور.
ونوهت عن أن هذه الأمور هى أن المملكة تقف بقوة مع مصر وشعب مصر ودولة مصر القوية كشريك أساسى وكامل لإعادة البناء بكل ما تتطلبه أو يترتب عليها من التزامات وإمكانات ومواقف وتحركات وتكاليف، كما أن المملكة ومصر حريصتان على العمل معا وتسخير كافة إمكاناتهما فى سبيل إعادة الأمن والاستقرار فى المنطقة بكل السبل المؤدية إلى ذلك، بما فى ذلك مواجهة كافة التحديات المحلية والإقليمية والخارجية التى تعمل على المضى فى سياسة تدمير المنطقة وتخريبها، وإعادة رسم خريطتها من جديد.
كما أكدت الزيارة أن مصر جادة فى إنجاز خارطة عمل طموحة من أجل الوصول إلى المستقبل الأفضل وبما يُمكن الرئيس السيسى من تحقيق كل ما يريد ويتطلع إلى تحقيقه لمصر ولشعبها، فى ظل رؤية واضحة رسمها منذ اللحظة الأولى ومضى فيها بثبات ومصداقية بدءا ببيان 3 يوليو والذى تضمن خارطة مستقبل واعد لمصر، وانتهاء بما ترجمه السيسى مؤخرا إلى أفعال فى وقت قياسى وآخرها الإعلان عن إقامة قناة موازية لقناة السويس لمضاعفة أهمية مصر الاستراتيجية وتنمية أرجائها.