حسن زايد يكتب: ليست قصة حقوق إنسان ولا غيره

السبت، 16 أغسطس 2014 12:10 م
حسن زايد يكتب: ليست قصة حقوق إنسان ولا غيره أرشيفية لفض رابعة العدوية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس هناك ما يدعو إلى الانزعاج من التقرير الذى صدر عن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" والمعنون بـ : "مذبحة رابعة وعمليات القتل الجماعى للمتظاهرين فى مصر".

ودواعى عدم الانزعاج ليس فقط لأن تلك المنظمة عوراء، والتقارير الصادرة عنها تقارير مسيسة تخدم أهداف الدول الكبرى، وأن الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هى فى الأصل والمنتهى دولاً استعمارية، لا تحتل الأوطان وتستنزف خيراتها على نحو ما كان يفعل الاستعمار التقليدى، وإنما تحتل العقول والجيوب على نحو يدفع بالأوطان إلى التبعية المطلقة لها ، فتعظِّم بذلك العائد دون تكلفة عالية.

وإنما عدم الانزعاج مرده أنه لا علاقة حقاً بين هذه المنظمات والدول الراعية لها والتقارير الصادرة عنها بحقوق الإنسان.

والأدلة على ذلك تستعصى على الحصر، إذ أنه لو كان الأمر متعلقاً بحقوق الإتسان لأصدرت المنظمة تقاريرها بشأن ما فعله الأمريكان فى أفغانستان، وما فعلوه بالعراق، وليبيا، وسوريا، والسودان. وما تفعله إسرائيل فى شعب فلسطين منذ أن نزعوه من وطنه، وزرعوا اليهود الصهاينة محله

. إذن فالقصة ليست قصة حقوق إنسان ولا غيره، وإنما تمثل تلك المنظمات أذرعا لدول استعمارية تنغرز فى جسد المجتمعات خارج إطار القانون، تحت دعاوى وعناوين براقة من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وما جعلت هذه الدعاوى والعناوين براقة إلا لجذب الشعوب المستضعفة، وقتل أى نزعة مقاومة لهذه الأفكار، من باب غسل العقول والتلاعب بها.

فلو كان الأمر متعلقاً بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لتوحدت المعايير وأساليب القياس التى تنبنى عليها هذه التقارير فى مواجهة كافة الدول، وكافة صور الانتهاك لحقوق الإنسان، وتوحدت العقوبات المقررة لكل انتهاك فى مواجهة الجميع. أما ازدواجية المعايير، وتعدد المكاييل بتعدد المواقف السياسية، ووقوف هذه المنظمات على أرض ذات رمال متحركة يفقدها المصداقية والمهنية والمشروعية التى تجعل من توصياتها فرمانات سياسية صادرة على نحو مسبق من الدول الممولة لها.

ومنظمات هذا شأنها لابد أن تتخذ منها المجتمعات والدول موقفاً يتقاطع مع مواقفها من الطابور الخامس الذى يستهدف تخريب المجتمعات قبل شن الهجوم النهائى عليها.

ولا أدل على ذلك من موقف هذه المنظمة المشبوهة المدعوة: "هيومن رايتس ووتش" من فض اعتصام رابعة العدوية، وموقفها من العدوان الإسرائيلى على غزة. وبمقارنة بسيطة بين الموقفين يتضح مدى فحش الفضيحة الأخلاقية التى ينطوى عليها تقريرها عن مصر.

ففى مواجهة المجازر الإسرائيلية للفلسطينين شعرت هذه المنظمة بالأسف، ودعت إسرائيل إلى الكف عن ضرب المدنيين، ودعت الجماعات الفلسطينية المسلحة إلى وقف الهجمات الصاروخية العشوائية على المراكز السكنية الإسرائيلية.

أما فى رابعة فقد رأت المنظمة أن قوات الشرطة والجيش، قد قامت على نحو عمدى وممنهج، باستخدام القوة المميتة والمفرطة فى عمليات حفظ الأمن، وقد خلصت المنظمة فى تقريرها إلى أن عمليات القتل لم تشكل فقط انتهاكات جسيمة للقانون الدولى لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. الغريب فى الأمر أنها تزعم اعتمادها على شهادات لشهود عيان، وأدلة مادية، ومقاطع فيديو فى إعداد تقريرها.

وكلنا نعلم فى مصر هنا أنه قبيل فض الاعتصام تمت دعوة وسائل الإعلام لحضور هذا الفض، وكان تجرى وقائعه على الهواء مباشرة، وهناك من مقاطع الفيديو ما يدل دلالة واضحة على أن تلك البؤرة الإخوانية فى قلب العاصمة كانت مسلحة، وأن أول من قتل فى هذا الفض هو الضابط الذى كان ينادى بخروج المعتصمين على نحو آمن، وقد جرى فضح دور الجزيرة فى تمثيل مشاهد تصور الأحداث على خلاف الحقيقة، ومواقع النت متخمة بهذه المشاهد التى تصور أحياء يتحركون داخل أجفانهم، وآخر يركل من يفحصة باعتباره ميتاً، وصور نقل الموتى من مكان إلى مكان وقد غطت أجسادهم بالثلوج، بخلاف وقائع التعذيب، والتهديدات الصادرة من على المنصة وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره، وليس هنا محل تفصيله.

وقد تبنت المنظمة بحكم حَوَلها وجهة نظر أحادية فى إصدار أحكامها، لا لعدم توافر مصادر أخرى، وإنما بقصد سَوْق التقرير فى الاتجاه المستهدف.

وهذا هو بيت القصيد وليس حقوق الإنسان، فقد عمد التقرير إلى تحديد المسئولين الأمنيين والقادة المحوريين الأرفع رتبة فى سلسلة القيادة الذين ينبغى التحقيق معهم، ومحاسبتهم فردياً حيثما توافرت الأدلة على مسئوليتهم، عن تنفيذ وتخطيط عمليات القتل الممنهج وواسع النطاق للمتظاهرين، أو الإخفاق فى منعها.

وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل حول الجهة المنوط بها التحقيق والمحاسبة، بالقطع لن تكون هذه الجهة مصرية، وإنما جهات أجنبية حددها التقرير، حيث ذكر المنتديات الدولية، كما ذكرت المحاكم الداخلية فى العديد من البلدان بموجب مبدأ الاختصاص القضائى العالمى، وبذلك ينجح الإخوان بموجب هذا التقرير الذى ينطوى فى كل صفحة من صفحاته على إشارة رابعة العدوية فيما لم ينجحوا فيه أمام الجنائية الدولية.

والهدف بلا مواربة كسر الإرادة المصرية التى تحاول الخروج من العباءة التى فرضت عليها خياراتها طوال عقود طويلة، ونفاذ مخطط الفوضى الخلاقة، وإعادة رسم خريطة المنطقة ولكن بطريقة أخرى.

ونذكر فى هذا الصدد مخططات الإجهاض التى مورست ضد محمد على، وجمال عبد الناصر، وأخيراً عبد الفتاح السيسى. ولابد أن ننتبه إلى أن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت ما لم تلتف خيوطه حول عنق الفريسة، ولم نمكنه من امتصاص دماء الضحية.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة