قد تملك من الحنكة والمهارة والمراوغة والمكر والدهاء ما يؤهلك ويجعلك تحقق الغلبة فى أى نقاش، ولكنه يعتبر انتصار خاطف، سريع لا يفيدك بل يخلق ضغينة بينك وبين من كنت تحاوره أو تجادله، ولكن الأقوى من ذلك أن تجعل من حولك يؤيدون أفكارك من خلال أعمالك الملموسة الفعلية لا الكلامية.
فأنت بدون أن تشعر تطعن فى قدرات وأفكار وذكاء من حولك، والكارثة فى كل جدال أن كل إنسان يجادل يجد نفسه على حق، وكلما انتاب المجادل الشعور بالحرج أو كان على وشك افتضاح أمره يزداد تمسكه بالبحث عن مخرج، فيضطر إلى البحث عن المزيد من الجدال، لذلك تجده يحفر قبره بيده لأنه يزداد خطأ.
يقول روبرت غرين: «ليست المسألة قاصرة ببساطة على ضرورة تجنب الجدل مع الواقفين فى مركز أعلى منك. إننا جميعاً نعتقد بأننا أساتذة فى ميدان الآراء والمحاكمات العقلية، فعليك إذن أن تكون حريصاً: تعلم كيف تظهر صحة أفكارك بطريقة غير مباشرة».
عندما تثبت أفكارك ووجهة نظرك بطريقة عملية، فقد لا يتأذى أحد من جراء ذلك، كونك لست فى معركة، وإنما يكون عملك بمثابة دليل وبرهان واضح لتسليط الضوء على حقائق بعينها من خلال واقع أنت فرضته من تصرفك العملى وقد لا يكون موجه لشخص بعينه.
ما أرخص الكلمات، فمن السهل ونحن فى غمرة الجدل قد نضطر بالتفوه بأى شىء، من أجل إثبات وتدعيم صحة ما نقول، فالفعل وإظهار الشىء عملياً أمام الآخرين أقوى بكثير للتعبير عن ما نريد أن نقوله، ويجنبك ذلك الكلمات الجارحة ويبعدك عن إساءة التفسير، إذ من الصعب الجدال أمام دليل عملى وبرهان واضح.
فمن أقوى البراهين أن تدع ما قمت به من عمل يغنيك عن أى كلام، وعن أى جدال وقد لا يظهر من حولك أنه فى موقف دفاع كما كان سابقاً، وإنما فى هذه الحالة يكون أكثر جرأة لتقبل عملك بإقناع وبعيداً عن السفسطة التى لا نجنى من وراءها إلا الخسارة والعداوة، فأنت تجعل من حولك يفهمك دون أن تقول أى شىء.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة