روى بدمائه الزكية تراب فلسطين، وقدر الله له أن تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها على أرض الفالوجة وسطر اسمه بأحرف من نور تفوح عطرا ومسكا فى سجل التاريخ كبطل لمعارك العريش وخان يونس ورامات راحيل وغيرها من مواقع الشرف والبطولة.
على خطى والده نشأ واشترك فى المظاهرات وهو فى سن الثانية عشرة من عمره وعرف منذ صغره وحتى استشهاده بالإيمان العميق، والأخلاق الكريمة، والوطنية الصادقة، وحب الجهاد، والشغف بالقراءة والبحث، وزادته الفروسية نبل الفرسان وترفعهم عن الصغائر والتطلع إلى معالى الأمور كما ذكر فى مذكراته إطراء حيدر باشا عليه كفارس وتنبأ له بمستقبل عظيم بعد فوزه بجائزة الموضوعات العسكرية.
إنه البطل أحمد عبدالعزيز أول ضابط مصرى يطلب بنفسه إحالته للاستيداع، وتخلى عن رتبته وامتيازاته من أجل الجهاد فى سبيل الله على أرض فلسطين، ليشكل كتائب المجاهدين المتطوعين الفدائيين لإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود وأصبح قائدا لما يعرف بالقوات الخفيفة فى حرب فلسطين، وقام بتنظيم المتطوعين وتدريبهم وإعدادهم للقتال فى معسكر الهايكستب، وقد وجهت له الدولة إنذار يخيره بين الاستمرار فى الجيش أو مواصلة العمل التطوعى فما كان منه إلا أن طلب بنفسه إحالته إلى الاستيداع وكان برتبة القائم قام "عقيد".
ولد أحمد عبد العزيز فى 29 يوليو 1907م بمدينة الخرطوم حيث كان والده الأميرالاى (العميد) محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة بالجيش المصرى فى السودان، وقد كان والده وطنيا مخلصا فقد وقف مع الشعب أثناء مظاهرات 1919 وسمح لجنوده بالخروج من ثكناتهم للمشاركة فى المظاهرات مع الشعب مما أدى إلى فصله من الجيش بعد غضب الإنجليز عليه.
وعلى خطى والده نشأ أحمد عبد العزيز فقد اشترك فى مظاهرات 1919 وهو صغير وكان وقتها فى المدرسة الثانوية، وفى العام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزى ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى المنصورة والتحق بالكلية الحربية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وقد تخرج منها عام 1928م والتحق بعدها بسلاح الفرسان ثم قام بتدريس التاريخ الحربى فى الكلية الحربية ثم تخرج من كلية أركان الحرب.
بعد قرار تقسيم فلسطين وانتهاء الانتداب البريطانى فى 14 مايو 1948م وبعد ارتكاب العصابات الصهيونية لمذابح بحق الفلسطينيين العزل ثار غضب العالم العربى والإسلامى وانتشرت الدعاوى للجهاد فى كل أرجاء الوطن العربى حينما صدر قرار تقسيم فلسطين عام 1947 فقام أحمد عبد العزيز بجمع ما أمكنه الحصول عليه من الأسلحة والذخيرة من قيادة الجيش وبعض المتطوعين والأسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية بعد محاولة إصلاحها واتجه إلى فلسطين.
بمجرد انتهاء عملية وصول جميع القوات اتخذ قراراً بمهاجمة أول مستعمرة يهودية فى طريقه عند دير البلح وهى مستعمرة كفار داروم بهدف تحريرها ومستعمرة كفار داروم هى مستعمرة لليهود حصينة منيعة ثم توالت بطولاته واتجه إلى مدينة غزة وكان قبل أن يبدأ الجهاد فى أى عملية يجهز قواته نفسيا فكان يخطب فيهم قائلا: "أيها المتطوعون، إن هذه الحرب لهى الحرب المقدسة، وهى الجهاد الصحيح الذى يفتح أمامنا أبواب الجنة، ويضع على هاماتنا أكاليل المجد والشرف، فلنقاتل العدو بعزيمة المجاهدين، ولنخشَ غضب الله وحكم التاريخ إذا نحن قصرنا فى أمانة هذا الجهاد العظيم".
أحرز البطل أحمد عبد العزيز والمتطوعون معه انتصارًا رائعًا مما جعله يملى إرادته على اليهود ويضطرهم للتخلى عن منطقة واسعة مهددًا باحتلالها بالقوة، وكانت المفاوضات تدور فى مقر قيادة الجيش العربى بالقدس ويحضرها الكولونيل عبد الله التل القائد العربى فى المدينة المقدسة وحين انتهت المفاوضات فى ليلة 22أغسطس 1948 أراد أحمد عبد العزيز أن يحمل نتائجها إلى القيادة المصرية العامة فى (المجدل) واتجه فى مساء ذلك اليوم إلى غزة حيث مقر قيادة الجيش المصرى لينقل إلى قادته ما دار فى الاجتماع.
وأصر على أن يذهب فى ليلته وكانت المعارك فى ذلك الحين تدور بشدة على الطريق المؤدى للمجدل مما جعل ضباطه يلحون عليه فى التريث وعدم الذهاب ولكنه قطع هذه المحاولات حين قفز إلى سيارته وهو يردد "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا" وانطلقت السيارة فى طريق المجدل ولم يكن معه إلا اليوزباشى الوردانى، واليوزباشى صلاح سالم من ضباط رئاسة المواوى وسائق سيارته.
كانت منطقة عراق المنشية مستهدفة من اليهود مما دعا القيادة العامة إلى منع السير على هذا الطريق ليلا وما إن وصلت السيارة إلى مواقع عراق المنشية واشتبه بها أحد الحراس العريف بكر الصعيدى وظنها من سيارات العدو فأطلق الرصاص فأصابت البطل ما لبث بعدها أن لفظ أنفاسه الأخيرة.
تم تكريم البطل أحمد عبد العزيز حيث تم إطلاق اسمه على العديد من الشوارع الرئيسية والمدارس فى مصر ولعل أشهرها على الإطلاق البطل أحمد عبد العزيز فى المهندسين وفى فلسطين له نصب تذكارى شامخ فى مقبرته فى قبة راحيل شمال بيت لحم وتم تخليد ذكراه على النصب التذكارى للقوات المصرية فى إسرائيل على شكل المسلة المصرية التى تسجل أقصى عمق وصله الجيش المصرى فى حرب 1948 والتى تم إقامتها بموجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية فى بند النصب التذكارية فى البلدين.
فدائى: السويس لقنت الجيش الإسرائيلى درسًا قاسيًا وتاريخيًا
66عاما على استشهاد أمير الفدائيين البطل أحمد عبد العزيز..تخلى عن رتبته وشكل كتائب الجهاد بفلسطين..بطولاته بمعارك العريش وخان يونس ورامات أجبرت اليهودعلى التفاوض..عشق مصر واستشهد بالخطأ بـ"نيران صديقة"
الجمعة، 22 أغسطس 2014 05:26 م
البطل الشهيد أحمد عبدالعزيز
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
كان قائد الكتيبة التانية للاخوان