حالة من التوتر تسيطر على الجميع فى السيارة الفاخرة أو كرسى الميكروباص الضيق، تكتم الأم أنفاسها وتمسك بيد الابن المرتجفة فى المشوار الأول إلى عالم المدرسة الذى يدخله للمرة الأولى.
أمام الأبواب تبدأ الدراما وتتدفق الدموع التى تصاحبها حالة من التوتر فى جانب الأم وتصرفات ارتجالية غير مدروسة، ربما تؤدى إلى تدمير مستقبل الابن بالكامل.
هذه اللحظات القليلة يترتب عليها كل شىء بعد ذلك، إما الاندماج مع العالم الجديد والنجاح فيه والوقوع فى حبه، أو إغلاق الأبواب إلى الأبد والانزلاق فى سلسلة من الفشل المتلاحق بداية بصناعة الأصدقاء، انتهاءً بالعلاقة مع المدرسين والمستوى الدراسى.
فى هذا التقرير ندرس كيف نعبر "عتبة المدرسة" للمرة الأولى بأمان، وكيف ننجح نحن فى اجتياز هذا الاختبار قبل أن نطلب من أطفالنا اجتيازه دون أخطاء.
تقول الدكتورة هالة حماد، استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية، "أول خطوة هى أن نصطحب الطفل لزيارة المدرسة قبل بداية الدراسة بأيام حتى يعتاد على المدرسة ويألفها، ويجب أيضا أن نجعله يشاهد فصله ويجلس فى مكانه، ويكون كل هذا فى مناخ من السعادة والبهجة حتى يدرك أنه مقبل على تجربة سعيدة ولا يخاف منها.
وأضافت لـ"اليوم السابع" "يجب أيضا أن نشارك الطفل فى شراء أدوات المدرسة، بداية من الملابس والطقم، وحتى الأدوات الدراسية والكشاكيل، ليبدأ يستعد نفسيا، ويقبل على دخول المدرسة، وقبل بداية المدرسة بأسبوع يمكن فتح صداقة مع أحد الأطفال الذين سيكونون فى نفس فصله ليبدأوا فى التعلق ببعضهم ويشعرون بسعادة أنهم سيتقابلون فى مكان بعيد عن الأهل، وهذا سيكون دعما نفسيا كبيرا للطفل فى استقبال العالم الجديد عليه.
وعلى باب المدرسة، يبدأ الاختبار الحقيقى، والذى إن استمعت للنصائح السابقة ستكون قد قمت بالاستعداد له جيدا وبالتأكيد ستجنى ثمار ما زرعته بشكل صحيح، ولكن فى كل الأحوال كما تقول "استشارى الطب النفسى" ستتباين ردود أفعال الطلاب، ويجب أن نفتح معهم حوارا مطولا، ونمهد لهم للدخول، وبعد الدخول نلاحظ الطفل، فإن تقبّل المدرسة نتركه ليكمل اليوم، وإن لم يتمكن من استكمال اليوم يمكن اصطحابه للمنزل بعدما يكون قضى بعض الساعات، ونقوم فى الأيام التالية بزيادة الساعات التى يقضيها فى المدرسة حتى يعتاد على قضاء اليوم الدراسى كاملا.
وفى حالة الرفض الكامل من الطفل لدخول المدرسة تقول: "فى هذه الحالة وبعد استنفاد كل المحاولات يجب أن نجبر الطفل على قضاء ساعات ولو بسيطة فى المدرسة، لأن الانسحاب الكامل لا يساعد، وسيتكرر فى الغالب مع الطفل.
وحذرت "المتخصصة فى طب الأطفال النفسى" من الأمهات التى تلجأ لتأجيل الأطفال إلى عام دراسى آخر بسبب رفضهم دخول المدرسة، مشددة أن ذلك يرفع من صعوبة الأمر، وفى الغالب يفشل تدريب الطفل على التعامل مع المدرسة بشكل صحيح.
وأضاف مدحت حامد خبير التنمية البشرية لـ"اليوم السابع": المشكلة الأساسية التى تواجه الطفل هى تهميشه طوال فترة التجهيز للدراسة، ولذلك يفاجأ أنه مطلوب للدخول فى عالم لم يعرفه من قبل، ولذلك الاستعداد الأهم لليوم الأول للمدرسة هو أن يصبح الطفل شريكا فى كل شىء، بداية من دفع المصاريف، وحتى اختيار وسيلة المواصلات التى سيذهب بها إلى المدرسة.
وتابع "كذلك الصورة التى ينقلها الإعلام عن المدرسة يجب أن تتغير، ويجب ربطها بأشياء تجذب الطفل لها".
وأشار "حامد" إلى أنه يجب ربط المدرسة فى ذهن الأطفال بأحلامهم، ولذلك يجب استخدام عبارات من نوع "لو عايز تبقى ضابط زى عمو لازم تدخل المدرسة"، "لو عايز تبقى ناجح زى خالو لازم تحب المدرسة"، وهذه من العبارات التى تربط المدرسة بأشياء يحبها الأطفال من الأصل، فيقبلون عليها بقلب مفتوح.
فى كثير من الأحيان بعد مرور كل هذه المراحل، تتسبب مشكلة فى اليوم الأول بين الأطفال، فى تدمير ونسف علاقة الطفل بالمدرسة، وفى هذه الحالة يقول خبير التنمية البشرية: يجب أن نتحدث مع الطفل جيدا، ونتعرف على ما حدث، ويراعى هنا أثناء التصرف أن نترك الطفل يشكل شخصيته، ويتعلم كيفية التعامل مع الأطفال أقرانه بنفسه دون تدخل إلا فى الحالات القصوى، وبطريقة مدروسة.
قواعد اليوم الدراسى الأول لطفلك.. تأهيله نفسياً لنظام حياة جديدة من خلال مشاركته التجهيزات والزيارة المسبقة واختيار وسيلة المواصلات.. ومساعدته على تكوين أصدقاء.. "وعايز تطلع إيه" أسلوب تحفيز هام
السبت، 23 أغسطس 2014 01:02 م
أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة