اتخذت الكثير من الشعوب قديمًا وحديثًا من الحيوانات آلهة لهم، وكما هو معروف أن المصريين القدماء اتخذوا من البقرة، والكلب، والأسد، والثعبان، واللبؤة، والقطة، رموزًا لألهتهم، كما اتخذ كثيرون فى الهند من البقرة والفئران والفيلة آلهة لهم، يعبدونها حتى الآن، ويقدمون إليها القرابين، أملاً فى رضاها، وغيرها من الدول التى اعتبرت الحيوانات آلهة يجب تقديسها، وتعبد بعض المجتمعات الحيوانات لاعتقادها أن كل ما فى الطبيعة له روح، ويسمى هذا الاعتقاد الأرواحية.
وفى حين ارتقت بعض المجتمعات، وترفعت عن هذه المعبودات، ظلت مجتمعات أخرى أسيرة التخلف والجهل، وربما مثلت الصناعات الحديثة التى تستخدم جلود الحيوانات فى صناعة مستلزمات الإنسان، صدمة كبيرة لهم، إذ أن آلهتهم تستخدم بشكل مهين - حسب اعتقادهم.
فمع نزول الأنبياء، والتفاف العديد من البشر حول إله واحد أحد، أصبحت فكرة عبادة الحيوانات أمرًا مثيرًا للضحك، وحاولوا الاستفادة من هذه الحيوانات فى الصناعة، فتحولت معبوداتهم إلى أدوات صناعية، وهو ما يعتبر قمة المفارقة، بين ما كنت تعبده أمس، يتحول لحذاء مثلاً فى قدمك اليوم.
فتخيل مثلاً أن الفيل الذى يعبده الهنود، تضعه أنت فى بيتك على هيئة تمثال مصنوع من العاج، تزين به غرفة معيشتك، أو البقرة المقدسة عند الهنود، والمحرم ذبحها، نستخدمها كسجادة فى البيت، نأكل ونشرب، ونجلس فوقها، أو حتى الثعبان الذى قدسه قدماء المصريون، وقدموا له القرابين، تحمله زوجتك على كتفيها اليوم فى هيئة حقيبة يد، وغيرها من الحيوانات المقدسة، التى أصبحت اليوم تدخل فى صناعة أدوات عديدة نستخدمها فى حياتنا اليومية.
فالبقرة مثلاً وهى ما زال تُعبد فى الهند، إلا أنها فى مجتمعات أخرى تدخل فى صناعة دباغة الجلود، ويتم الاستفادة منها بطرق كثيرة فى الصناعة، إذ يدخل جلدها فى صناعة السجاد اليدوى على سبيل المثال، نظرًا لنعومة جلدها.
والثعبان أيضًا، وهو إله الحصاد عند قدماء المصريين، تحول الآن إلى حقيبة يد، تتزين بها النساء، ويتفاخرن أنها مصنوعة من جلد الثعبان، والكلب الذى اعتبروه إمام الموتى، صار جلده يستخدم اليوم فى صناعة الأحزمة.
والمثير أيضًا أن القطة التى اتخذها قدماء المصريون رمزًا لإلهم، يستخدم فراؤها اليوم فى صناعة الملابس، وكذلك اللبؤة التى قدسها المصريون القدماء، يدخل فروها أيضًا فى صناعة الملابس الآن.
وكما هو معروف أن الهنود حتى الآن يعبدون الفئران، ويشيدون معابد خصيصًا لهذه العبادة، لاعتقادهم أن الفئران تحمل أرواح الهندوس الصالحين الذين ماتوا منذ قديم الأزمان، وفى الهند أقصى ما يتمناه الفأر أن يعيش داخل المعبد، غير أن المفارقة عندنا كما تعرفون أن مصير أى فأر، هو الضرب حتى الموت، وغير ذلك فهو يدخل فى صناعة حقائب اليد، والأحذية، وأحيانًا يتم استخدامه كحواجب صناعية.
وكذلك يعبد الهنود الفيلة، ويقدسونها، فى حين أننا اليوم نستخدم أنيابها العاج، وتدخل فى صناعة التماثيل، والتحف الفنية، وبعض الأوانى، والمنحوتات الرخامية.
آلهة أصبحت قرابين.. حيوانات مقدسة تحولت إلى شنط وأحذية وسجاد.. الفئران تدخل فى صناعة الحواجب.. و"إله الحصاد" يشكل أجود أنواع حقائب اليد.. والقطط تستخدم فى الملابس.. وجلد "إمام الموتى" تصنع منه الأحزمة
الأحد، 24 أغسطس 2014 02:51 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة