سأل الضابط "عبد المنعم أمين" عما إذا كان هناك محام للدفاع عن العامل" محمد مصطفى خميس"؟، وكانت الإجابة: "لا يوجد محام"، فطلب من "الصحفى" موسى صبرى" المتواجد لتغطية المحاكمة لصحيفة " الأخبار " بالدفاع عن " المتهم "، لأن "موسى" يحمل ليسانس حقوق"، وفى مهمته المفاجأة، دافع "موسى صبرى " بالقول إن هناك من يحاول الوقيعة بين الحركة العمالية وحركة الجيش " 23 يوليو 1952"، وأن "خميس" كان يهتف بحياة قائد الثورة "محمد نجيب وذلك بشهادة الشهود.
جاء ذلك ضمن فصول محاكمة العاملين " خميس " و" محمد البقرى "، والتى جاءت عقب مظاهرة لعمال شركة " مصر للغزل والنسيج الرفيع " فى " كفر الدوار "، "نحو10 آلاف عامل"، وذلك يومى 12 و13 أغسطس 1952، واشتبكت قوات الشرطة مع العمال فقتل 9 بينهم "شرطيان" وجرح 23 شخصا، وسبعة من الشرطة، واشتعلت النيران فى السيارات والمبانى والأشجار، فقرر مجلس قيادة الثورة تشكيل مجلس عسكرى لمحاكمة 29 متهما، وعقد المحاكمة فى موقع الحادث، وقضت المحكمة فى مثل هذا اليوم " 28 أغسطس 1952 " بإعدام " خميس " و" البقرى "، وسجن 12 آخرين بأحكام مختلفة وبراءة الباقى.
وفى كتاب "قصة ثورة 23 يوليو_ مصر والعسكريون _ الجزء الأول" يذكر " أحمد حمروش "، أن أسلوب المحاكمة أهاج مشاعر الجماهير فى مصر والخارج، ووضع التنظيم الشيوعى " حدتو " فى وضع شديد الحرج، فرغم أن " خميس " والبقرى " لم يكونا من أعضاء التنظيم، إلا أن الدفاع عنهما اعتبر واجبا مقدسا لكل شخص شيوعى أو تقدمى، ويقول " حمروش "، إن تصديق مجلس قيادة ثورة يوليو على الحكم لم يكن بالإجماع، حيث اعترض عليه "جمال عبد الناصر ويوسف صديق وخالد محيى الدين".
وفى مذكراته " كنت رئيسا لمصر " يقول اللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة وقتئذ :" أرسل لى عبد المنعم أمين الحكم للتصديق عليه، وتوقفت، كيف أصدق على حكم بالإعدام وحركتنا لم يمض عليها سوى أسابيع قليلة؟، وطالبت أن أقابل "خميس والبقرى "، ووجدت على مكتبى أكوام من التقارير المخيفة، والتى تفرض علينا الخوف من الاضطرابات العمالية، وتطالبنا بالضرب على يد كل من يتصور إمكانية قلب العمال علينا، وأحسست أنها تقارير كاذبة وكتبت بنفس الأسلوب الذى كان يكتب به البوليس السياسى تقاريره إلى الملك ".
يضيف "نجيب": حضر مصطفى خميس إلى مكتبى بالقيادة، دخل ثابتا، مرفوع الرأس، وكأنه فى حفل زفاف، طلبت منه أن يتعاون مع المدعى العام، ويشرح له الدواعى التى جعلته يفعل ذلك، أو ليقل لنا من وراءه، لكنه قال فى إصرار: "لا أحد ورائى"، وأضاف: "أنا لم أرتكب ما يستحق الإعدام"، فلم أجد مفرا من التصديق على الحكم.
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 28 أغسطس 1952.. الحكم بإعدام العاملين "خميس والبقرى".. و"محمد نجيب": لم أجد مفرا من التصديق على الحكم
الخميس، 28 أغسطس 2014 08:40 ص
محمد نجيب