ازداد القلق.. وعرفت الأرق.. وأصبح دَمِّى يحترق.. فأنا بين النجاة والغرق.. أصبحت حياتى فى مَهَّب الريح.
وأصبح القلب جريح.. وأصبح الزمن يُطِّلْ على بوجهه القبيح . منذ نعومة أظافرى.. منذ أن أدركت حقيقة حاضرى.. عرفت أن الحزن هو الطريق .. وأن الهموم هى الرفيق.. وأَنِّى إلى الأشجان والأحزان مشدود.. وكأنها حبيبة .. وكأنى عشيق.
رغم كلّ هذا الألم ..الذى يعجز عن وصفه اللسان أو القلم ! إلا أَنِّى كنت سعيد .. سعيد بوجود أب رقيق .. بل أخ وصديق .. فهو جليسى وأنيسى عندما صدرى بالحياة يضيق . أحكى له عنه خواطرى .. أحكى له عن مشاعرى، وأسمع منه كلاماً حلواً .. كلام رجل عَارَك الحياة، وأخذ ما يستطيع مِنها مِنْ رَحيق .. كلام رجل قسى عليه الزمان وتَخَلَّى عنه الرفيق.
قال لى كلاماً عن الجمال.. عن الحب والآمال .. عن تحقيق المُحَال .. عن كيف أواجه قسوة الزمان والأهوال . قال لى .. لا تستسلم يا ولدى ! فأنت سَيِّد قَدَرَك ! فلا تُضِّيع فى الأحزان والهموم عَمْرَك .
كيف هذا يا أبى ؟؟ كيف أستطيع الصمود وأنت لست بجانبى ؟؟ لقد رحلت، وأنا فى أشد أحتياج إليك .. فى أشد إحتياج لألثَم جبينك وخَدِّيك . رحلت عَنِّى يا أبى، وتركتَنى فى عالم ملىء بالأعاصير .. عالم مازِلت فيه صغير .. عالم أجهل فيه المستقبل والمصير . رحلت عَنِّى يا أبى، وتركتَنى وحيد، أواجه الزمن العنيد، وأقاسى من الدنيا العديد والعديد.
إنِّى فى اشتياق إليك .. فى اشتياق لكلامك .. لشِعْرَك .. لــ حكمتك .. لسماع ذكرَياتَك من شفتيك .
السنون تمضى، وأنت لا تغيب عن فكرى وقلبى . فأنت تسكن روحى .. تسكن أعماقى ونبضى .. فإلى اللقاء يا أبى .. لعَلِّنى ألقاك عند رَبِّى .
أب وابن أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة