أيها السابح فى أعماق أعماقى، أيها الذائب فى ذرات دمى، أكتب لك وكلماتى تحرق كل أنفاسى وتتغذى على ماتبقى من أبجدياتى، فقد حاولت كثيرا ابتلاع حروفى والتلذذ بالصمت الموجع، الذى تتوالى صرخاته فى دهاليز الروح، فيعود صداه ويبتر كل الكلمات من خواطرى.. لعلك تشعر بآلامى يوما ولكن هذه المرة كلماتى ليست كباقى الكلمات، فلن أستعين هذه المرة بمحبرتى ولا أقلامى لكى أنسج لك معاناتى فى حبك، فتلك الأدوات باتت عاجزة عن حفر بوحى لك، فقط سأنتزع أحد ضلوع المهشمة وأغرزه فى أحشاء القلب وأسطر لك تاريخ عذابى معك، سأحفر أنينى بكل لحظات حرمانى منك الذى مزقنى ومزق كل أحلامى الجميلة على شاطئ عينيك، فمازلت هنا أصارع أحزانى وأعانق الموت، أشعر أن اللحظات تمر ببطء كسنوات بحثى عنك، سنوات فقدت فيها أحساسى بالعالم كله إلا أنتى، أميرتى الحمد لله التى منحتها الحب بكل طيوفه فمنحتنى الظن والشك بكل قسوته كى يفتك بى ويبعثر أحلامى، لم أكن أدرى أن حالى سيكون أشبه بسفينة تتخبط وسط الصخور فى ظلام ليل دامس، فكم أشفقت عليكى من حرمانك والآن أشفق على نفسى..! الآن أدركت خطيئتى فى حبك لأننى يوما أيقظت الحب فى قلبك بعد أن اعتراه لسنوات، وأغدقت على مسامعك كلام الهوى، ومضيت رحال أجوب فى بحور الكلمات أغوص فيها بحثا عن لؤلؤ الحروف ومرجانها وأغزل بهم عقدا يزين حبى لك، خطيئتى أنى أحببتك بجنون الحب وسحر كلماته وجمال أحلامه وروعة إحساسه حتى صار وجودك بحياتى حد الإدمان، ليتك تعرفى أن خطيئتى بحبك أنى تركتك تغتصبى من قلبى حبا لن يتكرر بحياتك، ليتك تعلمى أن خطيئتى عندما جعلت من نفسى عرافا ومهرجا وساحرا كى أنال رضاك خطيئتى بحبك أنى جعلت صوتك هو الوقود الوحيد لنبضات قلبى فيهز جدرانه بقوة وينزف حد الموت، ولم يعد ينتظر منك سوى أن تأتى وتقدمى لى واجب العزاء، وبرغم أنينى وما عانيته فى حبك لا أملك سوى أن أسامحك.
حبيب ولهان - صورة أرشيفية