سألتقيك فى فندق سميراميس، أو سنستمع إلى أوبرا سميراميس الإيطالية غداً، وربما شاهدت فيلماً يحمل الاسم ذاته، إلا أن الاسم الذى تردد على مسامعنا كثيراً، لم يخل أيضاً من الأسطورة التى كشفت عنها موسوعة الأساطير، أسطورة الجمال والحكمة، التى تربت على أيدى حمام وتزوجت الملوك وخاضت المعارك.
صورة متخيلة لسميراميس أسطورة الجمال
أسطورة الملكة سميراميس
معنى اسم سميراميس
تشير الترجمة العربية لهذا الاسم إلى الحمامة، أو محبوبة الحمام، وفى رواية أخرى يُعتقد أن هذا الاسم هو التحريف الاغريقى غير المقصود بسبب التداول للاسم الأصلى (سمور امات) ويعنى (سيدة البلاط الملكى) وهى ملكة آشورية حقيقية أصلها من بابل، أو اشميرام الآرامية ملكة أشور وتعنى الاسم السامى.
مدة حكمها
يُتفق على أن سميراميس حكمت الإمبراطورية الآشورية لمدة 42 سنة بشكل عام، لكنها لم تحكم هذه الفترة بمفردها، وإنما كان بالتقاسم مع زوجها الملك إلا إنها حكمت بمفردها 5 سنوات بعد وفاته.
وصفها
قيل عنها انها كانت شديدة الجمال، ذات رموش كثيفة ونظرات ودودة، عُرف عنها الحكمة وحدّة الذكاء، القوّة والغموض.
تمثال للملكة سميراميس
الأسطورة
منذ قديم الزمان فاضت منابع نهر الفرات، مما أدى إلى فيضان النهر، ويُحكى أن بعد فيضان النهر خرجت الأسماك إلى الشاطئ وكانت من بينها سمكتان كبيرتان اتجهتا إلى وسط النهر، ثم قامتا بدفع بيضة كبيره نحو الشاطئ، وعندها جاءت حمامة بيضاء كبيرة احتضنت البيضة وأخذتها بعيداً عن مجرى النهر، اهتمت بها واحتضنتها حتى فقست لتخرج منها طفلة رائعة الجمال تحيط بها أسراب الحمام لتحيطها بالعناية والحماية من الحر والبرد.
عاشت تلك الطفلة مع الحمام حياة هنيئة لم تعرف فيها الشقاء، واهتم بها الحمام حتى اكتشف مكاناً يخزن فيه الرعاة ما تنتج أغنامهم من حليب وما يصنعون من جبن، فكانت الحمائم تحمل منه ما تقدر عليه بمناقيرها إلى الطفلة.
لوحة للملكة سميراميس الأسطورية
تنبه الرعاة إلى النقص فى منتجاتهم فقرروا وضع أحدهم ليراقب ما يحدث فإذا به يرى الحمام، وهو يحط على الحليب والجبن ويحمله إلى مكان ليس ببعيد فأسرع الراعى وأخبر رفاقه الذين لحقوا بالحمام حتى وصلوا إلى مكان وجدوا فيه فتاةً حسناء، أخذوها إلى خيامهم ثم قرروا بيعها فى (سوق نينوى) الكبير، عندما أخذ الرعاة الفتاة التى أطلقوا عليها اسم سميراميس إلى سوق نينوى رغبة فى بيعها صادف أن يكون ذلك اليوم موسماً للزواج الذى يقام فى كل عام، حيث يجتمع الشباب والشابات من كل أنحاء البلاد ليختار كل شاب فتاة أو أن يأخذ صبية إلى بيته فيربيها حتى يزوجها لأحد أبنائه.
دخل الرعاة ومعهم الحسناء سميراميس إلى سوق نينوى وقد لمحهم فى أول الصف ناظر مرابط خيول الملك واسمه (سيما) أعجب إعجاباً شديداً بالفتاة وقد كان عقيماً لا ولد له، فساوم الرعاة على أن يتبناها، فما كان من الرعاة إلا أن وافقوا على الصفقة، فعاد سيما بسميراميس إلى بيته وفرحت زوجته بها، وربتها كابنتها حتى كبرت واشتد عودها وصارت من أجمل النساء.
فى يوم ما عندما كان مستشار الملك (أونس) يتفقد جمهور الرعيّة لاحظ وجود سميراميس بين الحشود فانبهر بحسنها وبراءتها وهام بحبها فطلب الزواج منها، ثم أخذها إلى نينوى وتزوجها هناك وأنجبا طفلين يقال إنهما توأمين واسمهما (هيفاته) و(هيداسغه) وكانت حياة العائلة سعيدة.
نظّم ملك نينوى (نينوس) حملة على البلد المجاور، واستطاع النجاح فيها، لكنه لم يستطع اجتياح العاصمة، فظن أنه يحتاج إلى مستشاره (اونس) ليسانده، وقد لبى المستشار النداء لكنه لم يستطع أن يبتعد عن زوجته سميراميس فأخذها معه. وهناك، تابعت سميراميس أحداث المعركة ووضعت ملاحظاتها على المعركة والحصن وعندها أشارت بخطة أسهمت فى نجاح الحملة واجتياح العاصمة بفضل حكمتها، مما دفع الملك إلى الإعجاب الشديد بشجاعتها ومهارتها فى التخطيط وأيضا جمالها الأخاذ، فساوم مستشاره لكى يترك سميراميس ويتزوج ابنة الملك إلا أن المستشار أونس رفض ذلك حتى هدده الملك بقلع عينيه فخضع لأمره بسبب التهديد والوعيد، ولكنه توفى بعد زواج الملك بسميراميس، ويُعتقد إنه مات كمداً أو منتحراً.
تزوج الملك نينوس بسميراميس وأنجبا طفلاً اسمياه نيناس، وحكمت سميراميس مع زوجها الملك حتى توفى ويُقال إنها قتلته عن طريق الخطأ فى الظلام ظناً منها أنها قتلت عدوّه وأصبحت هى الحاكمة المطلقة على بلاد ما بين النهرين.
سميراميس على عرشها
إنجازات سميراميس
• إنشاء ضريح ضخم وفخم تمجيداً لذكرى زوجها
• إنشاء الجسور والقنوات على نهرى دجلة والفرات
• توغل الإمبراطورية فى آسيا وإنشاء المتنزهات والنوافير المزخرفة
• إنشاء عدد من المدن فى أرض النهرين وآسيا
• إخضاع مصر وجزء من الحبشة للإمبراطورية
• إقامة حملة عسكرية على الهند فشلت وكادت تودى بحياتها حيث طُعنت هناك
لذلك تم الانسحاب وتدمير الجسر الذى وصولا إلى الهند من خلاله لمنع العدو من الارتداد.
إنجازات تُنسب لها فى الأسطورة لكنها ليست مؤكدة
• تنسب لها الأساطير إنها أشرفت على بناء مدينة بابل الضخمة لأنها أرادت بناء مدينة أخرى لتشهد عصرها غير نينوى، وقد استخدمت لهذا الغرض أكثر من مليونى عامل من كل أرجاء الإمبراطورية المترامية الأطراف لإنجاز هذه المهمة الضخمة طبقا لما يقوله المؤرخ الإغريقى (ديودروس).
• بلغ محيط السور وحده كان حوالى 66 كيلومترا طولاً، أما عرضه فقد كان بإمكان 6 عربات تجرها خيول بالمرور فوقه وهى تسير جنبا إلى جنب، وارتفاعه حوالى 100 متر، وتم إنشاء 250 برجا لحماية المدينة، وأقيم كذلك جسر بطول 900 متر على نهر الفرات الذى كان يمر وسط المدينة.
سميراميس ومستشاروها عند الحرب
• سمور امات وحقيقة سميراميس
سمور امات هى ملكة حقيقية حكمت بلاد النهرين، وعند دراسة حياتها وإنجازاتها وجد أنها على الأرجح هى الشخصية الحقيقية لسميراميس، وهى التى أخذت منها الأسطورة وحرّف اسمها لتكون مزجاً بين الحقيقة والواقع، ومثلما عرف عن سميراميس الحكمة والجمال انطبق الوصف على سمور امات أيضاً.
سمور امات ملكة عراقية من بابل تزوجت بملك نينوى (شمسو حدد الخامس) (823-811 ق.م) وأنجبت منه ابناً اسمه (حدد نيرانى) وتقاسمت الحكم مع زوجها الملك بالمشورة والمساندة، ولما توفى زوجها كان ابنها صغيراً لم يبلغ سن الرشد، بعد ذلك حكمت البلاد بالوصاية لمدة خمس سنوات، وبهذا يكون حكمها الفعلى قد استمر لمدة 42 عاماً تماماً كما فى الأسطورة.
سميراميس تتسلم رسالة
بما أن الملكة كانت من بابل وهى تقع جنوب آشور فقد كانت لها أفكار ثقافية مختلفة بعض الشىء رغم أن الحضارة فى آشور وبابل تعتبر امتداداً واحداً، حيث أضفت سمور امات رونقها على آشور التى عُرفت بالحكم العسكرى والقوة وخير دليل على ذلك تسمية مدينة آشور بهذا الاسم وهو رمز القوة والحرب لدى العراقيين القدماء، ورمز للقوة والجمال فى أنحاء العالم وفى شتى المجالات من الأدب، الفن، الاقتصاد والحكم، ويمكن أن نذكر منها، وقد كُتبت العديد من الكتب والروايات العالمية عنها.
• إنتاج أكثر من فيلم سينمائى يتحدث عنها
• وجود سلسلة من الفنادق الفخمة فى أنحاء العالم تحمل اسمها
• حملت العديد من مناطق السياح ودور التجميل والصالات اسمها بالإضافة إلى رسم صورتها على الميداليات العالمية
• قام الموسيقار الإيطالى روسينىGioacchino Rossini (1792-1868) بتأليف أوبرا بعنوان (سميراميس)
• كانت سميراميس إلهاماً للفن الأوروبى وخاصة الرسم فى ألمانيا وإيطاليا
بالصور..سميراميس أسطورة الجمال والحكمة.. من التربية على أيدى الحمام وبيعها فى سوق "نينوى" إلى "الملكية".. تبناها ناظر خيول الملك وزوجها لأونس مستشاره..أعجب الملك بذكائها واختطفها من زوجها فانتحر كمداً
الأربعاء، 17 سبتمبر 2014 01:14 م
تمثال للملكة سميراميس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة