اليمن تدخل مرحلة «المطبات الصعبة»..هدوء حذر يخيم على العاصمة صنعاء.. واتفاق السلام بين «الحوثيين» مع الرئيس عبدربه منصور فى مهب الريح.. والمبعوث الأممى يكشف مخططات الإخوان

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014 10:12 ص
اليمن تدخل مرحلة «المطبات الصعبة»..هدوء حذر يخيم على العاصمة صنعاء.. واتفاق السلام بين «الحوثيين» مع الرئيس عبدربه منصور فى مهب الريح.. والمبعوث الأممى يكشف مخططات الإخوان الحوثيون داخل صنعاء بعد أن استولوا على معسكرات للجيش بعد سيطرتهم على مقرات حكومية «أ.ف.ب»
كتب - أحمد جمعة " نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من حالة الهدوء النسبية التى شهدتها اليمين على مدى اليومين السابقين، بعد توقيع اتفاق سلام يهدف لإنهاء الأزمة السياسية والأمنية فى البلاد بين «الحوثيين» الشيعة، والرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، برعاية المبعوث الأممى جمال بن عمر، فإن حالة الهدوء هذه فى مهب الريح، وسط توقعات بتجدد القتال فى أى لحظة، بعدما رفض «الحوثيون» التوقيع على الشق الأمنى من الاتفاق، والمتعلق بتسليم الأسلحة التى استولوا عليها من معسكرات للجيش، بعد سيطرتهم على مقرات حكومية وعسكرية، ومقر الفرقتين الأولى والرابعة فى الجيش، ونهب كميات ضخمة من مخازن أسلحة الجيش، فى حين نص الاتفاق بين الجانبين على أن تقدم الحكومة استقالتها، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية خلال شهر من توقيع الاتفاق، وأن تتم تسمية رئيس الوزراء خلال 3 أيام، ووقف المعارك فى صنعاء، وتعيين مستشارين للرئيس، أحدهما حوثى، والآخر من الحراك الجنوبى، وبحسب الاتفاق يعين رئيس الجمهورية وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية بعد إجراء مشاورات، وفى الجانب الأمنى ينص الاتفاق على أن تتسلم الدولة المنشآت الحيوية، وأن تزال مخيمات الاحتجاجات من صنعاء ومحيطها، على أن يتم وقف جميع أعمال العنف فورًا فى صنعاء.

ولا شك أن الأزمة اليمنية معقدة للغاية، كونها ذات خصوصية مميزة لها عن غيرها، والدليل على ذلك أنه مر عليها ما يقرب من نصف عام دونما مؤشر على حلها، وذلك لأن انقسامًًا حادًا حاصلاً فى المؤسسة العسكرية والقبلية والجماهيرية أوجد بدوره نوعًا من التكافؤ فى موازين القوى، مما يستحيل معه الحسم على الطريقة التونسية والمصرية التى انحازت فيهما المؤسسة العسكرية للشعب الثائر فحسمت المسألة، وكذلك فى الطريقة الليبية التى ساندت فيه قوات الناتو القوى المسلحة المعارضة فى الداخل، فرجحت الكفة لصالح المعارضة.

وهذه التعقيدات المتشابكة، والخصوصية المميزة للحالة اليمنية، والأزمة القائمة التى يعلمها ويدركها الجميع، مؤكدين فيها استحالة الحسم العسكرى، وبذلك دخلت اليمن مرحلة «المطبات الصعبة» التى قد يدفع أحدها اليمن إلى السقوط فى منزلق الفوضى.

محاور الصراع فى اليمن.. الحوثيون الشيعة

يمثل الحوثيون الشيعة محورًا أساسيًا فى الصراع اليمنى، كمجموعة مسلحة قوية تمثل ظاهرة تتداخل فيها عوامل طائفية وقبلية وسياسية وتاريخية، ويطلق على هؤلاء المتمردين الذين ينتمون إلى المذهب الزيدى الشيعى اسم «الحوثيين»، تيمنًا بزعيمهم الروحى الراحل بدرالدين الحوثى، ونجله حسين الحوثى الذى قتل فى عام 2004. ويتخذ الحوثيون رسميًا اسم أنصار الله، وخاض الحوثيون 6 حروب بين 2004 و010، مع صنعاء، خصوصًا فى معقلهم الجبلى فى صعدة، كما خاضوا حربًا مع السعودية بين 2009 ومطلع 2010 فى أعقاب توغلهم فى أراضى المملكة، ويتعرض الحوثيون لاتهامات بالموالاة لسياسة إيران، وتلقى الدعم منها، ويبدو جليًا تأثر الحوثيين بأسلوب حزب الله اللبنانى الذى يدعمون معاركه بجانب النظام السورى.

معسكر جماعة الإخوان

يعتبر «التجمع اليمنى للإصلاح» أبرز أعداء الحوثيين، وهو حزب سياسى دينى، تأسس فى اليمن عام 1990 على يد عبدالله بن حسين الأحمر، وعلى محسن الأحمر، وعبدالمجيد الزندانى، القيادى الإخوانى البارز، ومحمد بن عبدالله اليدومى. ويعد اللواء على محسن الأحمر الذراع المسلحة للإخوان المسلمين باليمن، ويمثل عدوًا للحوثيين، والذى تم اقتحام مقر فرقته وفر هاربًا إلى مكان غير معلوم، غير أن هناك أنباء تفيد بوجوده فى إحدى الدول الأفريقية. ويعد «الأحمر» الذراع اليمنية للرئيس السابق على عبدالله صالح، قبل أن ينشق عنه عام 2011 داخل مقر الفرقة الأولى مدرع سابقًا.

صراع الحوثيين مع إخوان اليمن تغذيه إيران وقطر

اندلع الصراع الأخير بين الحوثيين والإخوان المسلمين «حزب الإصلاح» فى محافظتى صنعاء وعمران، فى حين قالت وسائل الإعلام يمنية إن الصراع الذى تشهده بعض محافظات اليمن بين الحوثيين والإخوان مدفوع ثمنه خارجيًا من إيران وقطر، وتغذى هذا الصراع العبثى بعض القوى فى الداخل، والتى تحاول تأجيج هذه الصراعات لتحقيق مكاسب حزبية شخصية ضد وحدة واستقرار البلاد، وعلى الرغم من النجاح المؤقت للرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى فى حرق حزب الإصلاح «جماعة الإخوان» - بأذرعه المختلفة - سياسيًا وعسكريًا معتمدًا على الصراع الحوثى - الإصلاحى فى مناطق الشمال منذ اللحظات الأولى لنشوب المواجهات المسلحة بين الجانبين؛ فى محافظة عمران، وأجزاء من محافظة صنعاء، فقد ظل يطلق تصريحات تتضمن إيحاءات بانحيازه لجهة الإصلاح، إلا أن تحركاته على الواقع كانت تقول عكس ذلك تمامًا. ففى أكثر من مرة يمرر رسائل تحذيرية عبر الإعلام تجاه الحوثيين حتى أنه لوح بشن حرب ضد الجماعة وأنصارها، غير أنها ظلت مجرد تحذيرات تطمينية لحزب الإصلاح «جماعة الإخوان»، إذ لم تتجاوز ذلك إلى صيغ قرارات عملية، أعطت الإخوان دفعة قوية لتأجيج حدة الصراع، إما بتوسيع خارطة المواجهات المسلحة، وفتح جبهات قتال جديدة، أو بنقل المعارك من محافظة عمران إلى الجوف، وهى المحافظات المتاخمة للعاصمة صنعاء من الشمال والغرب.

المبعوث الأممى لليمن يكشف مخططات الإخوان

حمل تقرير المبعوث الأممى إلى اليمن عدة رسائل للإخوان بضرورة وصف الصراع الواقع فى محافظة عمران وصفًا صحيحًا، معلنًا حيادية الدولة فى التعامل مع الأطراف المتنازعة، وهى جماعة الإخوان المتمثلة فى حزب الإصلاح، وأنصار الحوثى.. ظل الإخوان يحاربون من أجل الحفاظ على سيطرتهم على غالبية مؤسسات الدولة، والحفاظ على دورهم فى فرض إملاءات على السلطة الحاكمة، وقدم المبعوث الأممى تقريرًا يكشف جماعة الإخوان أمام المجتمع الدولى، ويوضح أنها جماعة مسلحة تنتهج العنف لتحقيق أهدافها بقوة السلاح.

وأعلن جمال بن عمر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، أن الاتفاق الذى تم توقيعه بين الدولة وجماعة أنصار الله، والأطراف السياسية فى اليمن يتضمن قيام رئيس الجمهورية بعدة مشاورات مع جميع المكونات بتشكيل حكومة كفاءات، على أن تقوم الحكومة الحالية بتسيير الأعمال.
وقال «بن عمر» فى بيان صحفى خلال الاحتفال بتوقيع الاتفاق إنه خلال 3 أيام يقوم الرئيس اليمنى بتعيين مستشارين سياسيين من أنصار الله، والحراك السلمى الجنوبى، يحدد صلاحيات كل منهم، وبعد ذلك يعين الرئيس رئيس حكومة جديدًا، يكون شخصية محايدة، ويحظى بدعم سياسى واسع، على أن يقوم المستشارون بوضع معايير لمنصب الوزير، تتوفر فيه الكفاءة والنزاهة، وحماية حقوق الإنسان.

الحوثيون يوقعون على اتفاق يحجم نفوذ إخوان اليمن

تضمن اتفاق الحوثيين والسلطة والقوى السياسية الموقع عليه فى صنعاء أن يقوم الرئيس بتعيين مستشارين له من أنصار الله والحراك الجنوبى، وبتسمية رئيس الحكومة وفق معايير متفق عليها، من حيث الكفاءة والنزاهة والحيادية وغير الحزبية، ثم يقوم المستشارون بترشيح أعضاء الحكومة، كما يختار الرئيس وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية، بينما يختار رئيس الحكومة القادم الحقائب الأخرى، على أن يتم ذلك خلال 30 يومًا من تشكيل الحكومة، وبدورها تعد برنامجًا توافقيًا من ضمنه تنفيذ مخرجات الحوار، كما تضمن الاتفاق إصدار الرئيس مرسومًا بتوسيع مجلس الشورى خلال 15 يومًا، على أن تكلف الحكومة بتشكيل لجنة تضم خبراء اقتصاد، وتشكل لجنة فى غضون أسبوع من تشكيل الحكومة لدراسة الوضعين الاقتصادى والمالى عبر مراجعة الإنفاق والموازنة، ووضع برنامج شامل ومفصل للإصلاح الاقتصادى، يهدف إلى تجفيف منابع الفساد، كما تم الاتفاق على ضرورة تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، فيما قال الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى فى كلمة عقب إعلان التوصل للاتفاق، إن الاتفاق بين كل الأطراف السياسية هو اتفاق تطوى بموجبه صفحة الأزمة الأخيرة التى كادت تعصف بالبلاد.

وعقب انتهاء مراسم توقيع الاتفاقية، والتى شاركت فيها 16 شخصية سياسية، جدد الرئيس اليمنى تأكيده بضرورة وقف إطلاق النار لوقف نزيف الدم فى البلاد، والالتزام بالعمل على تنفيذ بنود المبادرة، وأن يكون الجميع ملتزمًا أمام الشعب، ويتحمل المسؤولية، ويكون وقف إطلاق النار فى جميع محافظات البلاد، وليس العاصمة فقط.

الجيش اليمنى يدعو القوى السياسية لتغليب مصلحة الوطن العليا

أعربت قيادة وزارة الدفاع، ورئاسة هيئة الأركان العامة فى اليمن عن الأمل فى أن تقوم جميع القوى السياسية والاجتماعية بتغليب مصلحة الوطن العليا على كل شىء، والرؤية بمسؤولية وطنية إلى الغد الأفضل بعد أن تم التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية من جميع الأطراف السياسية، وبرعاية أممية.

وطالبت القيادة والهيئة، فى بيان مشترك، منتسبى القوات المسلحة بأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية والوطنية فى هذه اللحظة الفارقة من حياة الشعب اليمنى، وأن يلتزموا بالانضباط العسكرى، والقوانين العسكرية، وواجباتهم الوطنية فى الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، وفى التصدى لأى عبث أو تخريب، وأن يتواجدوا فى وحداتهم العسكرية، ويحافظوا على الممتلكات العامة، وعلى موارد وإمكانيات وحداتهم العسكرية والعهد المقيدة على كل وحدة عسكرية، وعدم إهدارها، أو التفريط بها كونها من المكتسبات الوطنية التى يجب صيانتها والحفاظ عليها.

وأكدت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة أنها ستعمل جاهدة بما يتوفر لديها من إمكانيات على معالجة الاختلالات الناتجة عن تراكمات الماضى لبناء جيش، ولاؤه لله والوطن، ويجسد الوحدة الوطنية، ويسهم فى تهيئة المناخات المناسبة والآمنة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى الشامل.

من جانبه، قال حسن زيد، الأمين العام لحزب الحق المعارض، إن الأحداث الأخيرة التى وقعت فى اليمن لم تكن السلطة طرفًا فيها، إنما هى صراع بين أنصار الحوثى والإخوان المسلمين وذراعهم العسكرية بالبلاد اللواء على محسن الأحمر، مشيرًا إلى أن الجيش اليمنى والرئاسة لم يكونوا طرفًا فى الصراع مطلقًا.

وأكد «زيد» فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» من اليمن أن أنصار الحوثى لم يقتحموا أى منشآت حيوية بالبلاد عدا مقر الفرقة الأولى التى تحصن بها اللواء على الأحمر الذى أجج الصراع، مشيرًا إلى قيام الحوثيين بحماية المنشآت من النهب والسلب، فقد سلموا مبنى التليفزيون الحكومى وغيره من المنشآت الحيوية للشرطة العسكرية.

وأشار «زيد» إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تقليص نفوذ جماعة الإخوان، ومنحهم صلاحيات أقل بكثير من التى حصلوا عليها عام 2011، مؤكدًا سعى اليمن لتأسيس حركة شراكة وطنية تحتوى أى جماعة تشعر بالظلم والقهر والحفاظ على مؤسسات الدولة، موضحًا ضعف المؤسسة العسكرية بسبب الانشقاقات والهيكلة التى تتم لعناصر بالجيش اليمنى.

من جانبه، قال على المقرى، الكاتب الروائى والباحث اليمنى، إن جماعة الإخوان حاولت السيطرة على كل مفاصل الدولة، وهو ما دفع أنصار الحوثى للتصدى لهم، وذلك لتهميش دورهم فى البلاد، واستهدافهم بشكل مباشر، حيث تم شن 6 حروب على مواقعهم، موضحًا أن السلطة الحالية بدأت فى حل الإشكالية من خلال تقليص نفوذ الإخوان، وتقلّد الحوثيين بعض المناصب الرفيعة بالدولة.

وأكد «المقرى» فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع» أن الحوثيين استطاعوا الانتصار على الإخوان، وأسقطوا نفوذهم العسكرى فى محافظة عمران، والعاصمة صنعاء، مشيرًا إلى أن ذلك متوافق مع ما يحدث إقليميًا ودوليًا، فالقوى العالمية تشن حربًا شعواء على تنظيم الدولة الإرهابية «داعش»، مؤكدًا أن جامعة الإيمان التى يرأسها القيادى الإخوانى عبدالمجيد الزندانى تم استهدافهم بواسطة الحوثيين بشكل مباشر، كونها المفرغ الرئيسى لعناصر إرهابية تلتحق بالقاعدة، وجماعة أنصار الشريعة، مشيرًا إلى أن أنصار الحوثى استطاعوا فى هذا المتغير الإقليمى المتمثل فى الحرب على داعش والإسلاميين المتطرفين أن يفوزوا باللعبة السياسية.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة