أصدرت الدائرة الأولى بهيئة مفوضى الدولة بمجلس الدولة، تقريرًا أوصت فيه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بنظر دعوى تطالب بوقف محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، قبل ساعات من صدور الحكم النهائى .
وطالبت الدعوى، بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بإيقاف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق فى جرائم قتل المتظاهرين وتصدير الغاز بأسعار زهيدة وتقاضى رشاوٍ من حسين سالم لحين قيام السلطة التشريعية بإصدار تشريعات وفق منهج القانون الدولى والأمم المتحدة.
وجاء تقرير مفوض الدولة، فى الدعوى رقم 54451 لسنة 67 قضائية المُقامة من أيمن زكريا حسن ضـد رئيس الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ورئيس محكمة جنايات قصر النيل، ووزير العدل، ورئيس مجلس الشورى، رئيس الجمهورية بصفتهم.
وذكرت الدعوى، أنه ثبت من خلال الأحكام القضائية أنه من الصعوبة محاسبة رموز النظام السابق على جرائم قتل الثوار وجرائم الفساد السياسى على أساس القانون المصرى بوضعه الحالى باعتبار أن هذه الجرائم جديدة، ولم يتم تنظيمها كما أنها ليست جرائم قتل عادية وإنما هى جرائم سلطة ونفوذ وتعرف بجرائم ضد الإنسانية، كما أن هناك الكثير من النصوص الإجرائية لا تتناسب مع الحالة الثورية التى تمر بها البلاد، وهذا يضع القضاء المصرى فى مواجهة مع الشعب ويقوض ثقة الناس فيه.
وأشار التقرير أن المدعى يهدف بطلبه الماثل إلى وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن وقف محاكمة مبارك ورموز النظام السابق فى اتهامات قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل، وكانت هذه الاتهامات محل قضايا لا تزال منظورة أمام القضاء الجنائى، وكانت المحكمة الجنائية هى التى تختص بالفصل فى جميع المسائل التى يتوقف عليها الحكم فى الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها، باعتبار أن هذه المسائل تعد من الأعمال القضائية التى تصدر عنها فى ضوء ولايتها القضائية على النزاعات محل القضايا المنظورة أمامها، والتى تنحسر ولاية محاكم مجلس الدولة عن التعرض لها.
وأضاف التقرير أن استنهاض ولايتها فى هذا الشأن تدخل فى الوظيفة القضائية لجهات القضاء العادى وهو ما ينأى عنه مجلس الدولة، الأمر الذى يتعين معه التقرير بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، موضحا أنه من حيث إن المدعى لم يحدد قضايا معينة منظورة أمام محكمة معينة حتى يمكن الإحالة إليها، ومن ثم فإن الهيئة اكتفت بالحكم بعدم الاختصاص دون إحالة الدعوى.
وأكد التقرير، أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى المختص بنظر المنازعات الإدارية على مختلف أشكالها وتعدد صورها لكى لا يكون هناك جنوح عن مبدأ المشروعية أو مروق عن سيادة القانون تحقيقًا للغاية التى استلزمها المشرع الدستورى من كفالة حق التقاضى، وإذا كان مجلس الدولة باعتباره قاضى المشروعية حريصا على اختصاصه دون إفراط أو تفريط فإنه لا يقل حرصا على ألا يتجاوز اختصاصاته المقررة دستورًا وقانونًا، وذلك احتراما لصحيح حكم المشروعية ونزولا على اعتبارات سيادة القانون.
وأشار التقرير إلى أنه كان المستقر عليه أن العمل التشريعى المتعلق بإصدار القانونين واقتراحها يختلف تماما عن العمل الإدارى، فالعمل التشريعى هو الذى يصدر عن السلطة التشريعية (مجلس النواب) أو الجهة القائمة بمقتضى الدستور بشئون التشريع (كرئيس الجمهورية فى حالة عدم قيام مجلس النواب) فى شأن متعلق بعملية تشريع القوانين سواء اقتراحها أو مناقشتها أو إصدارها، وهو ما يختلف عن العمل الإدارى الذى يصدر تطبيقًا وتنفيذا لهذه القوانين.
كما أفاد بأنه تأسيسًا على ما تقدم، ولما كان الطلب الماثل يتعلق بامتناع السلطة التشريعية عن إصدار تشريعات تحقق محاكمات ثورية وعاجلة لرموز النظام السابق وفق منهج القانون الدولى والأمم المتحدة، ومن ثم فهى تتعلق بعمل تشريعى تتولاه الجهات المعنية وفقًا للآلية الدستورية المقررة، وعليه يضحى النزاع الماثل خارجًا عن دائرة الاختصاص الولائى المقررة لهذه المحكمة لتعلقه بعمل تشريعى، وهو ما يتعين التقرير معه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الطلب الماثل دون إحالة باعتبار أن الإحالة تكون للمحكمة المختصة فقط.
ومن حيث أن الحكم بعدم الاختصاص دون إحالة منه للخصومة، عملًا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات، ولهذه الأسباب، صدر التقرير بالحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وإلزام المدعى المصروفات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة