مرة أخرى يموت مرشد سياحى وتقيد الحالة ضد: مجهول.. لا أحد.. لا نعلم.. لا نهتم..
والميت هنا ليس مرشدا سياحيا واحدا ولكن الميت جموع المرشدين السياحيين وأسرهم أى آلاف القتلى.. فمن الجانى؟
منذ عام أو أكثر ناشدت فى مقال معالى وزير السياحة هشام زعزوع الاهتمام بقضية وقف حال العاملين بالسياحة وعلى رأسهم المرشد السياحى الذى لا معاش له ولا تأمين صحى ولا مرتب ولاضمان للحياة نتيجة خطأ إدارى من الوزارة جعلت المرشد عامل "فواعلى" يجلس بقارعة الطريق وبيده لغة وثقافة ينتظر فقط السائح المار عبر شركة محتكرة لجهوده تقبض عنه بالدولار وتمنحه أجرا بالجنيه وعمولة، ووقع المرشد فى فخ الربح المؤقت بما تمنحه له الشركة المحتكرة وتغاضى عن حقوقه لدى الوزارة فى مرتب ثابت ومعاش وتأمين صحى فإذا بالأيام تدوسه وتقف السياحة ضده كما كانت يوما له، وتقف معها ضده الوزارة والدولة و"كل كليلة".
ويعلم الوزير قضية المرشد ويعيها ويعايشها لسابق عهده بمجريات أمور العملية السياحية ومن ضمنها المرشد السياحى ولكنه لا يريد حلها.
وأذكر معالى الوزير – كما ذكرت فى مقال سابق – كيف ضحى المرشدون بحياتهم وراحتهم بإخلاص فداءا لمهنتهم وكيف مات أحد رواد المرشدين السياحيين برصاص المجموعة الإرهابية التى هاجمت معبد حتشبسوت عام 1997 ولم تتحرك الدولة آنذاك لتنقذ المرشدين من وابل الرصاص المصوب على السياحة فى هذه الآونة، ولم تصرف الدولة تعويضا لأهل المرشد المقتول، وكان اهتمامها الأول حماية السيّاح مصدر الخير لها، فينقل السائح بالطائرة لأحدث المستشفيات ويمتطى المرشد المصاب أقل الركائب ليعالج نفسه بنفسه من جيبه ومن قوت أولاده. وتمر الأيام ويسقط مرشد سياحى آخر أصيب بعيار فى أحد المراكب السياحية ليظل عمره الباقى يمشى متكئاً على عصا بعدما فقد نصف قدمه، ويشتعل أتوبيس سياحى آخر بمرشده بعدما انفجر جهاز التكييف به ويموت المرشد محروقاً، ويسقط آخر على رأسه من قطار وادى الملوك فيصاب بنزيف ويموت متأثرا به، وينقلب أتوبيس سياحى لتموت سائحة ويصاب سياح آخرون ينقلون جوا لمستشفى قاهرى وينقل المرشد المصاب لمستشفى عام غارقا فى دمائه، فما الفارق بين دماء تسيل من المرشد السياحى ودماء تسيل من سائح؟ وينقلب أتوبيس آخر فى سيوة فتموت المرشدة السياحية لتلقى ربها شاكية له ظلم الدولة التى يموت فيها المرشد السياحى فلا يجد من يعوضه ولو بثمن الكفن.
الإهمال والإعراض وجزاء سنمار هو ما يجده المرشد السياحى لدى أجهزة الدولة. فأين التعويضات التى تصرفها الحكومات المماثلة عن إصابة العمل والموت أثناء العمل؟ أين تعويضات الكوارث وتوقف السياحة التى ربحت الدولة من ازدهارها يوما ربح مليارات الجنيهات؟ لماذا لا تتولى الدولة صرف معاش مناسب للمرشد السياحى من هذه المليارات التى ساهم فيها على أن يسددها لاحقا حين عودة ازدهار السياحة؟ أم أن الداخل للدولة موجود والخارج منها مفقود! هل هذا هو منطق العدالة عند الحكومة؟
المرشدون السياحيون خففوا من قبل العبء عن الدولة طيلة سنين مضت منذ أن بدأت السياحة فى مصر - مصروفات علاجهم وعلاج أولادهم وتأميناتهم ومعاشاتهم وكأن المرشدين السياحيين ضيوف على أرض الكنانة، فهل تعامل الوزير مع قضايا المرشدين بما يمليه عليه واجبه كوزير سياسى يدير الأمور بحنكة وخبرة وعدالة هل يتعامل معاليه مع قضايا ومشاكل المرشدين كمستثمر سياحى خبير بإيجابيات المرشد وحاجة العمل له؟
إن أول من يهتم الوزير بهم هم عناصر إنجاح خطته وتحقيق أهدافه، وإذا كان للوزير خطة وأهداف فالمرشد السياحى واحد من هذه العناصر. وإلا فمن يعول وزير السياحة؟
مرور أربع سنوات على توقف السياحة سيؤثر غالبا على مهنة المرشد السياحى بعدما وصل مستواها قبل التوقف إلى القمة فى ظل إهمال الدولة لها واستمرار هذا الإهمال يوجه حامليها لأعمال أخرى قد تكون أقل دخلا ولكنها أكثر أمانا واستمرارا، الإرشاد السياحى مهنة فريدة تنقرض بتردى السياحة وتراجعها، فيصيبها العطب والإنزواء الذى يعقبه الموت.
المرشد السياحى الذى قضى عمرا ليتقن لغة ويدرس ثقافة الآثار ويكاد الأجانب أن يضعوه فى برواز بهجة به لغزارة علمه لايجد فى بلده إلا التجاهل والانصراف عنه من الدولة وأولهم الخبير بشئونه ومهنته: معالى الوزير.
مرشدون سياحيون
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة