محمود أمين العالم .. المثقف الذى نريده

تمر اليوم ذكرى رحيل المفكر الكبير محمود أمين العالم الذى توفى فى 10يناير 2009، بعد حياة حافلة بالثقافة والوعى والرغبة فى التغيير.

فى إحدى دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى مطلع الألفية الجديدة، وفى أمسية كانت معدة للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، وكان الزحام على أشده، وفجأة دخل رجل باسم قليل الحجم تشى حركاته البطيئة بقدر كبير من التواضع، وجلس فى أول مقعد التقاه فى نهاية القاعة الكبيرة التى كان يطلق عليها "6 أكتوبر".. جلس الرجل وشكر من كان يجلس بجانبه لأنه أفسح له فى المكان.. ويبدو أن هناك من انتبه للرجل فأرسل للأبنودى ورقة وهو على المنصة ما أن قرأها الأبنودى حتى قال: علينا أن نرحب بالكبير الأستاذ محمود أمين العالم.. وصفق كل من فى القاعة.. وذاب الرجل خجلا بعد أن طلب منه الأبنودى بأن يأتى للصف الأمامى ليجلس بجانب ابنتيه.. وحاول "العالم" أن يؤكد أنه لا يريد أن يحدث ارتباكا لكن الأبنودى أصر وتحرك الرجل للأمام.. وصفق الناس مرة ثانية.

إنه محمود أمين العالم، الذى كان قبل أن أراه كلما سمعت اسمه ظننته عملاقا فى الجسم كما هو عملاق فى الفكر والثقافة، دائما ما كنت أعرف معاركه الفكرية مع طه حسين والعقاد، حول مفهوم الأدب، وأسمع عن دفاعه عن آرائه وتحمله للنتيجة مهما حدث حتى أنه فصل من عمله عام 1954 لأسباب سياسية، واعتقل من عام 1958 إلى عام 1964، اعتقل مرة أخرى بعد وفاة عبد الناصر، عمل كاتباً صحفياً متفرغاً، ومحرراً أدبياً فى مجلة المصور والهلال، ورئيساً لهيئة الكتاب ورئيساً لمؤسسة المسرح والموسيقا، ورئيساً لمؤسسة أخبار اليوم.

وأحدث كتابه "فى الثقافة المصرية" بالاشتراك مع د. عبد العظيم أنيس ضجة كبرى فى الوسط الثقافى المصرى 1955 ومن كتبه المهمة: الإنسان موقف، معارك فكرية، فلسفة المصادفة، هربرث ماركيوز أو فلسفة الطريق المسدود، الوعى والوعى الزائف فى الفكر العربى، مفاهيم وقضايا إشكالية، الفكر العربى بين الخصوصية والكونية، مواقف نقدية من التراث، الإبداع أو الدلالة، من نقد الحاضر إلى أبداع المستقبل، والثقافة والثورة، تأملات فى عالم نجيب محفوظ، الوجه والقناع فى المسرح العربى المعاصر، البحث عن أوروبا، توفيق الحكيم مفكراً وفناناً، أربعون عاماً من النقد التطبيقى، وثلاثية الرفض والهزيمة.

جنيف تستضيف حفل تسليم جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة